تحد صعب خاضته دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور مجدى صابر لتنظيم الدورة الـ29 لمهرجان الموسيقى العربية فى ظل جائحة كورونا، لذلك كان الاتجاه إلى تصميم مسرح بالساحة المكشوفة هو «النافورة» ليسع الجماهير مع الالتزام بالتباعد الاجتماعى وتطبيق الإجراءات الاحترازية المشددة للخروج بالدورة الـ29 بشكل آمن، وهو ما يتحدث عنه الدكتور مجدى صابر، رئيس دار الأوبرا، لـ«المصرى اليوم» وكشف صابر، خلال الحوار، الكثير من الجوانب التنظيمية والتجهيزات الفنية والنجوم المشاركين فى إحياء ليالى المهرجان بالقاهرة والإسكندرية ودمنهور وإلى نص الحوار:
■ لنبدأ من استعدادات الأوبرا للدورة الـ29 من مهرجان الموسيقى العربية؟
- بدأ التحضير للمهرجان فى يونيو الماضى، وقت تشييد مسرح النافورة فى شاكلته الأولى قبل التطوير، اجتمعت وقتها فى أكثر من لقاء مع وزيرة الثقافة د. إيناس عبدالدايم ومديرة مهرجان الموسيقى جيهان مرسى حول إمكانية إقامة الدورة الـ29 هذا العام، وطلبت وقتها الوزيرة وضع تصور كامل، وبدأنا مرحلة الدراسة، واقترحت وقتها أمرين الأول أن يتم إقامة المهرجان بالمسرح الكبير بنسبة استيعاب 50%، أو أن يتم تنظيمه على مسرح النافورة، وتحمست جدًا لفكرة تنظيمه فى المساحة المكشوفة فى ظل جائحة كورونا، اجتمعت وقتها بقطاع مهندسى الأوبرا، محمود حجاج، محمد الغرباوى، المسؤولين عن الإدارة الهندسية، الورش الفنية، لوضع تصميمات وتصور شامل لشكل المسرح، وتم الاستقرار على تصميم مسرح ضخم، بتكلفة لا ترهق ميزانية الأوبرا، وبعدها طلبت د.إيناس عبدالدايم الاجتماع بطاقم العمل بالمهرجان وتم طرح التصورات المطروحة، وكان لها العديد من التعليمات والتوصيات التى طالبت ضرورة الالتزام بها، ورؤيتها، ومنحت الكل الطاقة بنقطة نظام، والمهام المطلوبة من الجميع، بدءًا من الأمن والسلامة والصحة المهنية وصولا للمسرح والمطربين والإجراءات الاحترازية.
■ بالحديث عن الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا كيف استعدت الأوبرا لاستقبال هذا العدد من الجماهير؟
- كان التحدى من بداية فكرة إقامة الدورة الـ29 من المهرجان، هل دار الأوبرا قادرة على السيطرة على هذا الكم من الجمهور فى مسرح مكشوف؟، وصممنا المسرح بحدود وأسوار وبوابات للخروج والدخول، للتحكم فى الجهات التى يمر منها الجماهير للمسرح، لضمان مروره عبر بوابات التعقيم، وأجهزة قياس درجات الحرارة، مع الالتزام بارتداء ماسكات الوجه، وحققنا التباعد الاجتماعى بين الصفوف والكراسى بشكل مدروس، لم نترك تفصيلة إلا وتم تكوين رؤية لها بقرار، وعرضنا هذا التصور كاملًا على وزيرة الثقافة فى سبتمبر الماضى، وكان لها بعض الملاحظات التى تم تنفيذها كونها تمتلك خبرة كبيرة فى تنظيم المهرجان وإدارة المحافل الكبرى.
■ هل كان لوزارة الصحة دور خلال فعاليات المهرجان؟
- التزمنا بكافة التعليمات المتبعة حسب بروتوكول التعامل مع جائحة كورونا، من كل الوزارات المعنية سواء الصحة أو البيئة أو الداخلية، وبالفعل كان هناك تعاون مع وزارة الصحة بتوفير عمل مسحات pcr لكل الضيوف الأجانب، والمطربين العرب المشاركين فى المهرجان وقت الوصول والسفر، ومنحتنا تخفيضا ضخما دون تقصير، إضافة إلى أن بعض الجهات الخاصة وفرت لنا سيارات إسعاف، صيدليات، وتوزيع الكمامات والكحول دون مقابل للتطهير والتعقيم.
■ واذا تحدثت عن أبرز تخوف بالنسبة لك فى تلك الدورة؟
- كنت متخوفا من شكل المسرح، ألا يتم تصميمه بصورة ترضينى، وعشت قلقا بسبب هذا الأمر، حتى بدأنا فى تشييده، كنت متخوفا من الشكل النهائى بعد تركيب الإضاءة والسجادة الحمراء والكراسى، وكل التفاصيل، وقبل إجراء البروفة الجنرال بيومين تكشف الشكل النهائى للمسرح، وجاءت النتيجة مبهرة صراحة، وتفاءلت وقتها، وهذا المسرح صناعة خالصة لدار الأوبرا المصرية، شارك فيه إدارة التجهيزات الفنية، الورش الفنية، إدارة صوت الأوبرا واستعنا بالمهندس عاصم السيد لخبرته الكبيرة وثقة الكثير من المطربين فيه، ومعظم الأجهزة كانت من الأوبرا مع بعض المعدات الخاصة به.
■ ألم تخش غياب الجماهير فى ظل الظروف الحالية؟
- بالتأكيد كانت لدى مشكلة بسبب تأخر طرح تذاكر المهرجان حتى قبل انطلاقه بأسبوع واحد، وهو ما تسبب فى أن الإقبال الجماهيرى أقل من الطبيعى، فى ظل الظروف الاستثنائية الصعبة والموجة الثانية من الفيروس، وكانت أزمة بالنسبة لى، وانشغلت بتسويق الحفلات بشكل مكثف حتى تسنح الفرصة للجمهور لمشاهدة هذا المسرح الضخم والاستمتاع بالفن والموسيقى الراقية.
■ هل كان الهدف مخططا لتحقيق أرباح من الدورة الـ29؟
- على الإطلاق، ولكن كنا نبحث عدم تحمل خسارة كبيرة، حاولنا تقليل المصروفات والتكاليف، مع توفير تذاكر بأسعار متوسطة لكل الفئات، وحاولنا تحقيق المعادلة الصعبة.
■ ماذا عن نسبة استيعاب مسرح النافورة الجديد؟
- أكثر من 1000 مقعد، ونسبة الحضور فى متوسط الحفلات 70%، والأسعار أقل من العام الماضى بنسبة تصل إلى 20%، بحد أدنى 350 جنيها، بحد أقصى 1000 وصولا لـ 1200 جنيه، وليس هناك حفلات بـ1500 كما كان الأمر فى الدورة السابقة.
■ حدثنا عن برنامج الحفلات وعدم الاستعانة ببعض النجوم الكبار؟
- هناك شق يتعلق بالظروف الشخصية للمطربين، سواء نفسيًا، أو لارتباطات خارجية، البعض اعتذر بكل حب، تربطنا بالجميع علاقة طيبة، وطلبوا الغناء على هذا المسرح الفترة القادمة، وهو أمر يسعدنا بالتعاون مع كل الفنانين، وكان تحديا صعبا وضع برنامج قوى، على 6 مسارح، فى ظل هذه الظروف الخاصة بكورونا ونسبة استيعاب، ونجحت جيهان مرسى فى وضع برنامج متوازن بمشاركة نجوم كبار فى حجم عاصى الحلانى وصابر الرباعى ومدحت صالح وعلى الحجار وهانى شاكر، 28 حفل غنائيا وموسيقيا بمشاركة 93 فنانا من 5 دول عربية أمر ليس سهلا.
■ هل سيتم تنظيم حفلات لأنغام وأصالة فى الأوبرا الفترة المقبلة؟
- بالتأكيد وهو شىء يشرفنا ويسعدنا وجودهم.
■ ماذا عن ميزانية هذه الدورة؟ ودعم وزارة الثقافة للمهرجان؟
- رغم كل ما تحدثنا عنه نجحنا فى تخفيض ميزانية المهرجان بنسبة 30% مقارنة بالعام الماضى، أشكر الدولة ممثلة فى وزارتى الثقافة والمالية لأنهما تقفان إلى جانب المهرجان ووفرتا له متطلباته، وتم منحنا حرية مالية وإدارية وإنتاجية، وتدخلت وزيرة الثقافة بعلاقاتها مع بعض النجوم لإقناعهم بالمشاركة فى المهرجان، لم تبخل علينا فى كل الملاحظات الفنية الهامة التى تم الالتزام بها على الفور، الوزيرة تعشق الأوبرا والموسيقى العربية، وأن تكون مصر أفضل بلد فى العالم، تبحث عن المثالية فى كل شىء.
■ بماذا تصف الدورة 29 من المهرجان؟
- مميزة، بدأت من كونها الأولى منذ قرابة 30 سنة التى تنظم خارج المسرح الكبير بدار الأوبرا، فى مسرح ضخم يستوعب قرابة 3000 مقعد وهو مكسب كبير بدون شك، إضافة إلى بث الحفلات تلفزيونية بصورة وتقنية رائعة، وقرابة 16 كاميرا، لأول مرة وهو ما كنا نفتقده جدًا فى التسويق لحفلاتنا، وحمست الكثير من المطربين وحصلنا على عروض من شركات لاستئجار المسرح بمجرد مشاهدته، وسيتم استغلاله اقتصاديًا فى بعض الحفلات، تكلفة المسرح «ملاليم» أضيف لقوة الأوبرا، مسرح مميز ورائع وشيك، وصيانته لم تتكلف الكثير، ومستمر على مدار العام صيفا وشتاء، مع تغطية الأرضيات والخشب فترة الشتاء والأمطار، مع استئناف الحفلات فى فبراير المقبل.
■ ماذا أضاف عقد الرعاية الإعلامية مع المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية للمهرجان هذا العام؟
- عقد الرعاية يشمل حملات إعلانات على مدار العام، عبر قنوات ومنصات المجموعة، وهى إضافة كبيرة بدون شك تسعد فى تسويق الحفلات بشكل أفضل، وبصراحة بث الحفلات كان على أعلى مستوى، أبهر العالم كله، ويضيف لنجاحات الأوبرا، صورة ومشرفة لمصر، منذ عرض حفل الافتتاح عبر قنوات «الحياة دراما وأون دراما ودى إم سى دراما» زادت مبيعات التذاكر من 30: 40%.
■ واذا تحدثت عن الإيجابية الأهم فى هذه الدورة؟
- الإقبال الجماهيرى هو الأبرز على مسارح الجمهورية ومعهد الموسيقى العربية ودمنهور، ونفاد تذاكر معظم الحفلات، وحصلت على إشادات بالتنظيم وشكل المسرح والديكور والإضاءة والاهتمام بالشباب، وأكثر ما أسعدنى استمتاع الجمهور بكافة الحفلات، ننفذ خطة يتم تعديلها وتطويرها حسب الظروف المحيطة، وأعتبر أهم مكاسب المهرجان هذا العام هو أننى كسبت مسرحا وصرحا ضخما يضيف للأوبرا مكاسب فنية ومادية، وتكلفته قليلة جدًا تصدم أى شخص، واستثمار طويل الأجل، بمساهمة من مهرجان القاهرة السينمائى المقرر أن يستغل المسرح مع بعض التعديلات البسيطة التى طلبوها، وهو تعاون مثمر بدون شك، وسيشهد حفلى الافتتاح والختام الدورة المقبلة.
■ ماذا عن مركز تنمية المواهب؟
- بالفعل تم استئناف نشاطه بكل فصوله الشهر الماضى، ونسير وفق الإجراءات الاحترازية بعيدًا عن التزاحم، مع التعقيم والالتزام بماسكات الوجه، تم تقليص عدد المتدربين فى كل الفصول.
■ هل قصدت أن يكون هذا العام هو عام المشاركة الأعلى للمطربين الشباب؟
- هى سياستى منذ أن توليت رئاسة الأوبرا دعم الشباب، وفى كل حفل على كافة المسارح قدمنا موهبتين شابتين كل ليلة، تفاعل معهم الجمهور جدًا، وهو نهج اكتسبته من وزيرة الثقافة وجيهان مرسى.
■ ماذا عن مصير بروتوكول الأوبرا مع التلفزيون المصرى وتجاوز المديونية 85 مليون جنيه؟
- مازال الأمر محل نزاع، ويقوم بدراسته المستشار القانونى لدار الأوبرا المصرية، ومن المنتظر أن يتم حل هذه الأزمة بأسرع وقت، ونحن الآن فى مرحلة التحكيم، وتم تشكيل لجان من جانب الأوبرا والتلفزيون لحل وتصفية هذا الأمر، ليس لدينا خلاف مع التلفزيون على الإطلاق سوى نقل الحفلات بشكل لائق.
■ دائما ما كنت تشكو غياب الرعاة عن الأوبرا.. هل من جديد فى هذا الملف؟
- بالفعل هناك عقد مع جهة خاصة، تدفع مبالغ لدار الأوبرا المصرية، تم قبوله من مجلس الإدارة وتم إرساله لوزيرة الثقافة، وسيضخون أموالا ضخمة لخزينة الدولة، مقابل إعلانات فى حفلات الأوبرا واستغلال ساحة الأوبرا لبعض الشركات، ويبدأ التنفيذ يناير 2021، وهذا الأمر يساعدنى على زيادة ميزانية الإنفاق على الفرق والعروض، وسيتم تطوير المسارح، والصوت والإضاءة، وسنوفر شاشة داخل كل مسرح من مسارح الأوبرا، مع الاستعانة بكبار المطربين فى حفلات على مدار العام.
■ هل سيكون هناك زيادة وهيكلة فى الأجور للعاملين فى الأوبرا؟
- الحمد لله ليس هناك مشكلة فى الأجور حاليًا، والكل يقول الحمد لله «إحنا فى نعيم»، فى ظل نظام المكافآت الذى تطور على مدار الـ3 سنوات الماضية.
■ ما سبب إلغاء حفل محمد منير مؤخرًا؟
- لظروف خاصة به، ليس للأوبرا أى شأن بها، لكن بعد تشييد مسرح النافورة أعتقد سيختلف الأمر وسنعرض عليه تنظيم حفل خلال الفترة المقبلة، وإن شاء الله سوف يتحمس وشىء يسعدنا بدون شك.
■ برنامج المهرجان به ثوابت لماذا لا نجدد فيه؟ وما سبب غياب فؤاد زبادى وصفوان بهلوان وسعدون جابر هذا العام؟
- بسبب ظروف كورونا، وإن شاء الله سيكون هناك تواصل معهم ويشرفونا الشهور المقبلة فى حفلات ضخمة، وبالفعل هناك بعض المطربين المشاركين باستمرار فى المهرجان لكن الجمهور هو الحكم فى ذلك وكلهم نجوم كبار وحفلاتهم كومبليت.
■ أخيراً ماذا عن واحة الثقافة فى أكتوبر؟
- واحة الثقافة سيتم افتتاحها 2022، وتم الانتهاء من السقف المعلق بالفعل، وتضم مسرحا كبيرا يتضمن 1200 مقعد إلى جانب القاعات والصالات ومراكز التدريب، للباليه والأوركسترا والموسيقى العربية، وقاعات استراحات وغرف ملابس، فى مكان جاذب للجماهير، ويضم مخازن ضخمة، ويمثل إضافة ويستحوذ على عمالة كبيرة.