حالة من العداء المحتدم بين الحكومة الاتحادية الإثيوبية وإقليم التيجراى، ظلت تتفاقم حتى تحولت إلى مواجهات عنف دامية على مدار الشهور الماضية، لتتحول إلى صراع في وقت تواجه فيه إثيوبيا، أزمات اقتصادية متراكمة وتحديات اجتماعية وسط عملية تحول ديمقراطي متأرجحه.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تقريرا معلوماتيا في صيغة سؤال وجواب، رصدت فيه مراحل الأزمة الإثيوبية الداخلية وتطوراتها ومدى تأثيرها وتداعياتها الأوسع نطاقا في القارة الأفريقية.
- لماذا يشن رئيس الوزراء الإثيوبي حربا ضد إقليم التيجراي؟
تصاعدت العملية العسكرية، الأربعاء الماضي ويوم الخميس، والتي جاءت بعدما اتهم رئيس الوزراء، ابى أحمد، الحزب الحاكم بإقليم التيجراى، بالهجوم على أحد مواقع الدفاع التابع للحكومة الإثيوبية ومحاولة سرقة أسلحة مدفعية ومعدات عسكرية.
- لماذا يعتبر إقليم التيجراى مهما من الناحية الاستراتيجية؟
يقع إقليم التيجراى، في أقصى شمال إثيوبيا، وهو موطن للتيجرانيين الذين يشكلون ٦% من سكان البلاد البالغ عددهم ١١٠مليون نسمة، وعلى الرغم من عددهم القليل إلا إن جماعة التيجراى العرقية تمتعت لما يقرب من ٣٠ عاما بسلطة لا تتناسب مع حجمها، ونفوذ في شؤون الحكومة.
وبعد محاربة الديكتاتورية العسكرية التي حكمت إثيوبيا في السبعينيات والثمانينيات، برزت جبهة تحرير شعب التيجراى كزعيمة للائتلاف الذي تولى السلطة في البلاد عام ١٩٩١، والمعروف باسم الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الاثيوبي، والتي تتألف من أربعة أحزاب رئيسية، والتي انقسمت أيضا بشكل كبير على طول خطوط جغرافية وانتماءات عرقية، وأبدت النهج الفيدرالي الاتحادي الذي منح سلطة هائلة لأقاليم إثيوبيا.
وأكد ابى أحمد عقب توليه السلطة في ٢٠١٨ علة رغبته في البلاد من خلال زيادة سلطة الحكومة الاتحادية وتقليص الحكم الذاتي للحكومات الإقليمية، غير أن إقليم التيجراى قاوم علانية، بينما لم تشعر بعض الأقاليم والجماعات العرقية بالارتياح إزاء الدفع نحو المركزية من جانب ابى أحمد.
- لماذا يشن ابى أحمد هجوما عسكريا؟
برر ابى أحمد الهجوم بأنه كان ردا على هجوم شنته جبهة تحرير شعب التيجراى، صباح الأربعاء الماضي، على إحدى القواعد العسكرية بإقليم التيجراي، ثم قال في خطاب تلفزيوني أن عديدا من الجنود استشهدوا وأصيبوا بجراح خلال الهجوم، لكنه لم يقدم تفاصيل، وكان التحقق من صدق روايته أمرا مستحيلا، وذلك لأن الحكومة الإثيوبية قامت، في صباح الأربعاء الماضي، بقطع الاتصالات والايقونات والإنترنت بإقليم التيجراي.
وفي ظهر الخميس، أعلن الجنرال بيرهانو جولا، نائب رئيس قوة الدفاع الوطني الاثيوبي، إن الجنود الجرحى كانوا من الجانبين.
- كيف يؤثر هذا الصراع على إثيوبيا والدول المجاورة؟
يأتي الهجوم العسكري في وقت تواجه فيه حكومة ابى أحمد تحديات خطيرة على جبهات متعددة إلى جانب مكافحة وباء كورونا، والعمل على تعزيز اقتصاد مثقل بالديون، كما يواجه ابى أحمد استياء من داخل مجتمع الاورومو العرقي الذي ينتمى إليه، حيث يؤكد كثيرون أنهم لا يرون تقدما رغم وعود رئيس الوزراء الكثيرة من أجل التغيير، كما انتقد كثير من الاورومو حكومته بسبب التدابير المشددة التي فرضتها عليهم عقب أحداث العنف العرقي التي اندلعت نتيجة قتل المطرب الاورومي هاتشالو هونديسا.
ويعتقد الخبراء أن اندلاع حرب شاملة في إثيوبيا لن يضر البلاد فحسب، ولكن أثرها السييء يمتد إلى الدول المجاورة، وهى إريتريا وجنوب السودان وجيبوتى الصومال وكينيا.
فالعنف في إقليم التيجراي يجر إريتريا القريبة والمتحالفة في الوقت الراهن مع حكومة إثيوبيا الاتحادية، فضلا عن خلافاتها المتجذرة مع جبهة تحرير شعب التيجراي، ويشكل عديد من قدامى الحرب بالجبهة، والذين شاركوا في الحرب الإثيوبية الإريترية في الفترة مابين ١٩٩٨ و٢٠٠٠، جزءا من قوات إقليم التيجراي شبه العسكرية والتى يصل عددها إضافة إلى المليشيا المحلية إلى ٢٥٠ ألف جندى، وفقا لمجموعة الأزمات الدولية.