يتوجه الناخبون الأمريكيون، اليوم، إلى صناديق الاقتراع، لاختيار رئيس جديد، بين الرئيس الجمهورى، دونالد ترامب، أو منافسه الديمقراطى جو بايدن، بعد حملة انتخابية ملتهبة سيطرت عليها حرب الشتائم والاتهامات المتبادلة بين المرشحين، إذ يسعى ترامب للفوز بولاية ثانية مدتها 4 سنوات فى البيت الأبيض، بينما يأمل الديمقراطيون استغلال سجل ترامب السيئ على صعيد مواجهة أزمة كورونا، وتزايد البطالة والأزمات الداخلية والانقسام الشعبى، والانتقادات الخارجية لسياسته بسبب هجومه على الخصوم والحلفاء على حد سواء، فى وصول مرشحهم للبيت الأبيض.
كما تجرى الانتخابات على جميع مقاعد مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، وينتخب الأمريكيون 13 حاكم ولاية جديدا.
وفى مؤشر إلى التوتر الذى خيم على حملة اتسمت بعدائية فائقة، تحصنت متاجر فى العديد من المدن الأمريكية خوفا من تظاهرات عنيفة، بما يعكس القلق والتوتر المتزايدين من إمكانية اندلاع أعمال عنف يوم الاقتراع.
وألقى ترامب الذى اتسمت ولايته الأولى بالمشاكسة وإثارة المشكلات والانتقادات والانقسامات داخليا وخارجيا، أمس، بثقله فى السباق إلى البيت الأبيض عشية الانتخابات، على أمل تكذيب غالبية استطلاعات الرأى التى تشير إلى تقدم خصمه عليه، كما كان الحال فى انتخابات 2016، عندما تغلب على منافسته الديمقراطية هيلارى كلينتون، وبشر الملياردير الجمهورى، 74 عاما، بـ«موجة» جمهورية حمراء تكتسح البلاد، وقال: «سنفوز 4 سنوات إضافية فى بيتنا الأبيض الرائع»، وتوقع جيسون ميللر، كبير مستشارى حملة الجمهوريين، أن يفوز ترامب بأكثر من 290 صوتًا فى المجمع الانتخابى الـ538.
وأجرى ترامب، أمس، 5 جولات انتخابية فى كارولاينا الشمالية وبنسلفانيا وميشيجان وويسكنسن، واختتم حملته بولاية ميشيجان، كما كان عام 2016 حين باغت شعبه والعالم بفوزه. وهاجم ترامب، منافسه وقال لأنصاره: «بايدن معروف دائمًا بأنه غبى، هذا الكلام قبل 20 إلى 25 سنة، أما اليوم فهو غبى ونصف».
وقال ترامب، أمس الأول، خلال حملة بولاية فلوريدا إن الديمقراطيين يتحدثون كثيرا عن الوباء، وواصل رفع شعار منع إغلاق الاقتصاد، واتهام الديمقراطيين برغبتهم بإغلاق البلاد والتسبب بفوضى اقتصادية واجتماعية عارمة، وقال إن خطته للتعافى «تخلق أكبر قوة اقتصادية فى العالم»، وحذر من أن نهج بايدن، سيوقف عودة الأمة، وأضاف: «فرضت أوروبا عمليات إغلاق شديدة القسوة، ومع ذلك تتزايد لديهم الإصابات والوفيات، واقتصاداتهم فى حالة خراب»، وحذر: «التصويت لبايدن، تصويت للإغلاق والتسريح من الوظائف والبؤس والتخلص من التعديل الثانى للدستور»، وقال: «إذا كنت تريد لقاحًا لقتل الفيروس، ووظيفة لدعم أسرتك وحرية عيش حياتك، فأدلِ بصوتك لى»، وعندما ذكر اسم خبير الأمراض المعدية، أنطونى فاوتشى الذى انتقد استراتيجية ترامب فى مكافحة الفيروس، هتف أنصار ترامب: «اطرد فاوتشى»، ورد الرئيس متهكما: «دعونى أنتظر قليلا بعد الانتخابات»، موحيا بأنه سيقيل فاوتشى.
ونفى ترامب تكهنات إعلامية بأنه سيعلن فوزه مساء اليوم، إذا لم ترد نتائج واضحة ليلة الانتخابات، وقال فى كارولاينا الشمالية: «لا، إنها معلومات خاطئة»، وأضاف: «فور انتهاء الانتخابات، سيكون محامونا جاهزين»، ملمحا إلى احتمال خوض معركة قضائية طويلة، وأوضح: «أعتقد أنه أمر فظيع أن يتم جمع بطاقات الاقتراع بعد الانتخابات لأنها يمكن أن تؤدى إلى شىء واحد فقط وهو التزوير»، وتابع: «أعتقد أن الخطر كبير، وأن الكثير من الاحتيال وسوء الاستخدام يمكن أن يحدث»، وقال إنه من «المروع» عدم معرفة النتائج يوم الانتخابات، فيما قال بايدن إن «ردى هو أن ترامب لن يسرق هذه الانتخابات»، وأضاف: «ترامب هو مرشح الأثرياء وأصحاب النفوذ فقط». وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إن ترامب ينوى تنظيم حفل ليلة الانتخابات فى البيت الأبيض يستقبل خلاله 400 مدعو، وقال مسؤول أمريكى إن الحفل كان مقررا بفندق ترامب إنترناشيونال بواشنطن.
أما بايدن، 77 عاما، فقد ركز جهوده على بنسلفانيا التى يأمل فى انتقالها إلى المعسكر الديمقراطى، ما سيفتح له أبواب البيت الأبيض للفوز بالجائزة الكبرى، فى محاولته الثالثة للفوز بالرئاسة ليكون أكبر رئيس يصل للحكم، وسعى لحشد النقابات والأمريكيين الأفارقة، كما زار أوهايو، وقال بايدن: «سنضع حدا لهذه الرئاسة التى قسمت بلادنا»، موضحا أن ترامب فاز عام 2016 فى بنسلفانيا بفارق 44 ألف صوت، من 6 ملايين صوت، مؤكدا «لكل صوت أهميته»، وقال مهاجما ترامب: «للتغلب على الفيروس، علينا أولاً التغلب على ترامب، إنه الفيروس»، وندد بإقدام عدد من مناصرى ترامب بملاحقة إحدى حافلات حملته فى تكساس، وأكد مكتب التحقيقات الفيدرالى «إف. بى. آى» إنه يحقق فى الواقعة، ومن المقرر أن يخاطب بايدن الأمريكيين ليلة الانتخابات من معقله بولاية ديلاوير، وألقى الرئيس السابق باراك أوباما بثقله الكامل لدعم بايدن، نائبه السابق، والذى يمثل ظلا له فى سياساته الداخلية والخارجية، وزار أوباما جورجيا وفلوريدا، دعما لبايدن، ودعا أوباما إلى عدم تكرار أخطاء 2016، وقال: «بقى الكثيرون فى منازلهم، تكاسلوا وتساهلوا، لكن ليس هذه المرة، ليس فى هذه الانتخابات».
ويتخلف ترامب عن بايدن فى استطلاعات الرأى على مستوى البلاد، لكن السباق محتدم فى عدد كاف من الولايات المتأرجحة، إذ يدور الصراع على 102 صوت فى تلك الولايات بالمجمع الانتخابى، بما يتيح لترامب حصد 270 صوتا اللازمة للفوز، ويتقدم بايدن فى بنسلفانيا وأريزونا وفلوريدا وويسكنسن، وكلها فاز فيها ترامب فى 2016، وفى حال فوز بايدن بفلوريدا، حيث قد تعلن النتائج باكرا ويحسم السباق سريعا، والفارق ضئيل بين المرشحين فى هذه الولاية الحاسمة.
وأدلى أكثر من 95 مليون ناخب بأصواتهم، حتى الآن، مبكرا، إما بالبريد أو بالتصويت الشخصى، ويتفوق الديمقراطيون على الجمهوريين فى التصويت المبكر، بينما يتوقع أن تكون نسبة المشاركة الشخصية فى يوم الانتخابات لصالح الجمهوريين.