سلّط السفير كريم حجاج، أستاذ ممارس بقسم السياسات العامة والإدارة ومدير مركز الوليد بن طلال للدراسات والأبحاث الأمريكية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، الضوء على أوجه التشابه أو الاستمرارية في ظل إدارة جمهورية أو ديمقراطية وأوجه الاختلاف التي قد تطرأ على سياسة المرشح الديمقراطي، جو بايدن حال فوزه.
وقال حجاج، في ندوة نظمتها الجامعة الأمريكية بالقاهرة، بعنوان «ما تأثير الانتخابات الأمريكية القادمة على مصر والشرق الأوسط» إن وجه الاستمرارية يتمثل في تدني أهمية منطقة الشرق الأوسط في الحسابات الاستراتيجية للولايات المتحدة وذلك في مقابل تنامي الاهتمام بمناطق أخرى تراها الولايات المتحدة الأمريكية على أنها أكثر تأثيرا على مصالحها الاستراتيجية، وعلى رأسها جنوب وشرق آسيا والتي تحتل أهمية متزايدة في سياسات الأمن القومي الأمريكي.
وتابع: «لا نغفل أن هذا التطور أعاد تعريف المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط في حدود الحد الأدنى. فالمصالح التقليدية الأمريكية هي تأمين إمدادات النفط، والحفاظ على أمن إسرائيل وضمان أمن منطقة الخليج العربي. لازلت الأولويات موجودة في السياسة الأمريكية ولكن تحتل أهمية أقل في مقابل التهديدات التي تمس الأمن القومي الأمريكي بشكل مباشر وعلى رأسها ملف أسلحة الدمار الشامل ومكافحة الإرهاب».
وأضاف حجاج أن هذا كان القاسم المشترك بين سياسات وتوجهات إدارة أوباما وسياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب وتوقع أن يستمر هذا التوجه في ظل إدارة بايدن حال فوزه من خلال تقليص التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة والذي يبلغ نحو 60 ألف جندي إلى ما كان عليه قبل اندلاع حرب الخليج الأولى عام 1990.
كما يتوقع حجاج استمرار تجنب الانخراط في تدخلات عسكرية مباشرة في صراعات سياسية طويلة الأمد وذلك استجابة للانتقادات الواسعة داخليا لعسكرة السياسة الأمريكية داخل المنطقة وأيضا عدم الاستثمار سياسيا ودبلوماسيا في مسارات التسوية للصراعات المختلفة في المنطقة في سوريا، اليمن وليبيا والاكتفاء بتحركات دبلوماسية شكلية ستكون محدودة الأثر.
وعن الاختلافات حال وصول الديمقراطيون للحكم، يرى حجاج أنه سيترتب على ذلك بعض أوجه الاختلاف في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة. فيما يخص إيران يرى حجاج أن إدارة بايدن ستعيد إحياء مسار التفاوض مجددا مع إيران في محاولة للتوصل إلى اتفاق جديد حول برنامج إيران النووي وقد يتسع الاتفاق ليشمل ملفات إضافية مثل الصواريخ الباليستية التي تملكها إيران، والتدخلات الإيرانية في بؤر الصراع في المنطقة وسوف يقوم بايدن بتوظيف العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب لحث إيران على التفاوض.
وبالنسبة للقضية الفلسطينية، يرى حجاج أنه من المتوقع أن نشهد مراجعة لسياسة ترامب للملف الفلسطيني، ليس فيما يتعلق بالتزام الولايات المتحدة بالأمن الإسرائيلي ولكن فيما يتعلق بتحالف الولايات المتحدة مع اليمين الإسرائيلي، «وهنا يمكن أن نرى إعادة التركيز على صيغة الدولتين كأساس للوصول إلى اتفاق تسوية للقضية الفلسطينية، ولا نتوقع أن نرى تراجعا من قبل إدارة بايدن عن نقل السفارة الأمريكية للقدس، ولكن سوف نرى خطوات في اتجاه استئناف المساعدات للسلطة الفلسطينية، وإعادة فتح السفارة الفلسطينية في واشنطن مع تركيز أكبر على الحقوق الفلسطينية.»
وفيما يخص منطقة الخليج، يرى حجاج أن العلاقات الأمريكية الخليجية قد تشهد قدرا من التباعد السياسي بسبب مجموعة من العوامل مثل تقليص التواجد العسكري في المنطقة، «فقد أعلن بايدن أنه سيعيد مراجعة العلاقة الأمريكية مع السعودية وبخاصة فيما يتعلق بحرب اليمن. كما يتم ممارسة ضغوط الأن في الكونجرس بالنسبة لإعادة النظر في العلاقة مع دول الخليج وخاصة صفقات السلاح».