في الوقت الذي يحلم فيه أدباء كبار في العالم بالحصول على جائزة نوبل في الآداب إلا أن هناك أدباءحصلوا عليها ولكنهم رفضوها وكان أول هؤلاء الأيرلندي جورج برنارد شو أحد أهم الأدباء العالميينفي النصف الثاني من القرن الـ19 والنصف الأول من القرن الـ20 وقد نالها في 1925 وبرر رفضه بقوله «هذه الجائزة أشبه بطوق نجاة يلقى به إلى شخص وصل فعلا بر الأمان ولم يعد عليه من خطر«و سخر من مؤسس الجائزةوصانع الديناميت «ألفريد نوبل»حيث قال «إنني أغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت ولكنني لا أغفر له أنه أنشأ جائزة نوبل» أما الثاني فكان الكاتب الروسي بوريس باسترناك مؤلف رواية«دكتور زيفاجو»والتي ظلت ممنوعة في الاتحاد السوفيتي حتى وصول الرئيس السابق جورباتشوف للسلطة عام 1987 فسمح بنشرها في1958 وقد حصل باسترناك على جائزة نوبل في الآداب، لكنه رفضها بعد الضغوط التي تعرض لها من النظام في بلاده حيث هدده بعدم السماح له بالعودة لبلاده إذاسافرلتسلم الجائزةفبعث برسالة لرئيس الوزراء خروتشوف يعلن فيها عن رفضه الجائزة وقال«ترك الوطن يساوي الموت بالنسبة لي»وتوفي باسترناك بعدها بعامين ثم كان ثالث رافض للجائزة وهو الكاتب والمسرحي والمفكر الوجودي والأديب والفليسوف والناشط الفرسي جان بول سارتر والذي فاز بها في 1964، وقد وصله الخبر حين كان يأكل في الظهيرة بأحد المطاعم قرب منزله في باريس حيث اتصلت به فرانسواز دو كلوزيه الصحافية بوكالة«فرانس برس”لإبلاغه أنه نال جائزة “نوبل» وقد رفضها «زي النهارده» في22 أكتوبر1964، موضحا أن قراره يتسق مع قناعاته وأفكاره وكان سارتر ضد المؤسسة وقد وجه نقدا لاذعا لكل أشكال المؤسسات، كما رأي أنه يتعين على الكاتب ألا يسمح لنفسه بأن يتحول إلى مؤسسة.
أما عن سيرة جان بول سارتر فتقول أنه ولد في باريس وفى ٢١يونيو١٩٠٥لأب كان يعمل موظفا في البحريةوقد توفى وهو لايزال صغيرا ـ فتعهدته والدته وأدخلته «ليسيه لويس الكبير»، ومنها انتقل إلى دار المعلمين العليا وتخرج عام ١٩٢٩وبدأ في ممارسة التعليم حتى ١٩٤٥وفى أثناء دراسته في دارالمعلمين التقى سارتر بالأديبة الفرنسيةسيمون دو بوفوار،وصارا صديقين ،ثم تطورت العلاقة بينهماو«تساكنا»طوال حياتهما تقريباولكن من دون عقد زواج مسجل منذبداية الثلاثينات جمع سارتر عددا من المعجبين بآرائه، وكانوا يلتقون في مقهى«الضفة اليسارية»على نهر السين ليتناقشوا أمور الفلسفة والأدب والفنون، حيث راح سارتر يكوّن معظم الأفكارالتي ستتشكل منها فلسفته،فيما بعد التحق سارتربالجيش الفرنسى عام ١٩٣٩عند نشوب الحرب العالمية الثانيةوقداعتقلته القوات الألمانية في العام التالى وسجنته في ألمانياولكنه تمكن من الفرارمن المعتقل ثم التحق بالمقاومة الوطنيةفي باريس وصاريكتب في صحف ومجلات المقاومة وبعدالحرب أسس سارترمجلته الشهيرة«الأزمنة الحديثة» وترك التعليم، مخصصا وقته كله للكتابة والنشاطات السياسية التي صارت مجلة المنبر الأعلى في العالم لنشر الفكر اليسارى التقدمى ولكن سارتر لم يكن منتسبا إلى الحزب الشيوعى وعندمابدأ صديقه الحميم ألبير كامو،المؤمن بالوجودية أيضا ،ينتقد التصرفات الستالينية بعنف، بقى سارتر مترددا كثيرا في تأييد ذلك أما وجوديةسارتر فتقوم على رؤيةالإنسان الذي يرى في وجوده أنه أهم الصفات وأنه غايةبذاته،ولا أهداف«ما ورائية» لوجوده، بل هوالذي يحددأهدافه بنفسه وتؤكدمن جهةأخرى أن حريةالإنسان مطلقةوقدأثرت فلسفته الوجودية -التي نالت شعبيةواسعةفي معظم أدباءتلك الفترة وتميزت موضوعات سارترالدرامية بالتركيز على حالةأقرب إلى المأزق أوالورطة ومن مسرحياته «الذباب»و«اللامخرج» و«المنتصرون» تدور في غرف التعذيب أوفى غرفةفى جهنم أو تحكى عن طاعون مصدره الذباب وتدور معظمها حول الجهد الذي يبذله المرء ليختار حياته وأسلوبها كما يرغب والصراع الذي ينتج من القوى التقليدية في العالم التقليدى الذي يوقع البطـل في مأزق ويحاول محاصرته والإيقـاع به وتشـويشه وتشويهه وفى عام ١٩٥٦ عارض سارتر ومجلته الأزمنة الحديثة التدخل السوفيتى في المجر،وقد توفى سارتر في ١٥إبريل ١٩٨٠.