بينما يجري السباق الانتخابي الأمريكي على أشده بين المرشح الجمهوري، المنتهية ولايته، دونالد ترامب، ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، مع بدء التصويت المبكر في فلوريدا، منذ الإثنين، تمهيدًا للاقتراع في الثالث من نوفمبر المقبل، قرر الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، ضرب مسار الحملة الانتخابية للرئيس الحالي دونالد ترامب بإعلانه، الحشد لصالح بايدن، في «بنسلفانيا» إحدى أهم الولايات الحاسمة.
ولكن كيف يبدو الوضع التصويتي لكل من بايدن وترامب فيما يسمي بـ«الولايات المتأرجحة»، وإلى أي مدى يمكن لـ«أوباما» تغيير مسار السباق الرئاسي الأمريكي، وهل ينتهي السباق لصالح المرشح الديمقراطي، جو بايدن، كما تفيد الاستطلاعات، أم ترامب لا يزال يتمتع بمجمع انتخابي ثابت يضمن له الفوز بجولة ثانية؟
لماذا «بنسلفانيا»؟
على غرار ما فعله أوباما مع هيلاري كلينتون في عام 2016، يعقد، اليوم، في «بنسلفانيا»، أول تجمع انتخابي، للحشد لصالح نائبه السابق، المرشح الديموقراطي، جو بايدن، عبر المرور بسيارته في «فيلادلفيا» أكبر مدن الولاية، أمام مناصري بايدن المتواجدين بها بسياراتهم أيضًا، فيما يُعرف بـ«درايف إن».
وتعد «بنسلفانيا» بمثابة «حجر زاوية» في الطريق إلى البيت الأبيض، إذ حسمت الانتخابات الأمريكية، بترجيها كفة 20مرشحًا ضمن آخر 25 رئيسًا للولايات المتحدة، ولكونها إحدى أهم الولايات المتأرجحة، لكن ترامب خالف التوقعات وانتزعها 2016 ليصبح أول جمهوري يفوز بها منذ عام 1988.
وتُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن بايدن، الذي قضى جزءًا من طفولته في «بنسلفانيا» يمكنه استعادتها، والتقدم على منافسه ترامب، فما يسمى بالولايات الحاسمة، ولكن هل يمكن لبنسلفانيا حسم السباق لصالح بايدن؟
بايدن يتقدم ترامب في «الولايات الحاسمة» ولكن
يحسم المرشحون في الولايات المتحدة، السباق إلى البيت الأبيض عن طريق «المجمع الانتخابي»، لا «التصويت الشعبي»، وهو ما حدث في 2016، إذ انتصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رغم خسارته التصويت الشعبي أمام هيلاري كلينتون التي فاقته بـ2%، لكنه فاز بما يكفي من الولايات لجمع أصوات الهيئة الناخبة التي يحتاجها ليصبح رئيسا، إذ يستوجب الوصول إلى البيت الأبيض الفوز بحفنة من الولايات الحاسمة.
في سباق 2020، يُنظر إلى الولايات المتأرجحة كـ (بنسلفانيا وفلوريدا وكارولاينا الشمالية وأريزونا وويسكنسن وميشيجان) كونها حجر الأساس لحسم السباق إلى البيت الأبيض، وهي ولايات يتقدم فيها بايدن على منافسه ترامب وفق استطلاعات الرأي، التي تفيد بتقدم بايدن على ترامب بها بنسب تتراوح ما بين 1.7% إلى 7.2% في تلك الولايات الحاسمة، حسب معدل استطلاعات معهد «ريلكليربوليتكس» الأمريكي، يتقدم بايدن في فلوريدا بفارق و7.2 نقطة، وفي ويكنسن بفارق بـ 6،3 نقطة مئوية، وفي مسقط رأسه «بنسلفانيا» بـ 5،6 نقاط مئوية،1.7 وبفارق نقطة نقطة في ميشيجان، ولكن هل يمكن الاعتماد على هذه الاستطلاعات للتكهن بنتائج السباق الرئاسي الأمريكي أم أننا بصدد تكرار سيناريو 2016؟
ويقول الدكتور عاطف عبدالجواد، المحلل السياسي في واشنطن، إن «استطلاعات الرأي تفيد تفوق بايدن على ترامب بنسب تتراوح ما بين 4 إلى 10 نقاط في حصد أصوات ما يعرف بـ«المجمع الانتخابي»، حتى في بعض الولايات التي تصوت تقليديا للجمهوريين، إذ تشهد جورجينا تقدمًا لبايدن بنحو ٢ في المائة على ترامب، ولكن على الرغم من ذلك لا يمكن التكهن بالنتيجة النهائية لهذا السباق من خلال الاعتماد على استطلاعات الرأي التي تنبأت بفوز هيلاري 2016 في حين فاز ترامب بالمخالفة لتلك الاستطلاعات».
نقاط قوة مقابل نقاط ضعف
وأشار «عبدالجواد» في تصريحات لـ«المصري اليوم»، الأربعاء، إلى أن «هناك نقاط قوة لبايدن، مقابل نقاط ضعف لدى ترامب، فعلى الرغم من تقليص ترامب الفجوة بينه وبين بايدن في الولايات المتأرجحة مؤخرًا، وتمتعه بتجمعات انتخابية ثابتة، إلا أنه فقد مصداقيته جراء فقدانه ورقته الرابحة، بفشله في إدارة الملف الاقتصادي، جراء تداعيات فيروس كورونا الذي أفقد ٣٠ مليون أمريكي وظائفهم وحولهم إلى عاطلين عن العمل، فضلًا عن سعيه لإلغاء برنامج الرعاية الصحية، الذي أقره أوباما، الذي يوفر الرعاية الصحية لـ20 مليون أمريكي، أي أنه برنامج يأتي في المرتبة الثانية من حيث التأثير على أصوات الناخبين عقب ملف الاقتصاد.
وبحسب «عبدالجواد» فإنه «يتمتع بايدن بنقاط قوة، مقابل نقاط ضعف ترامب؛ إذ شهد التصويت المبكر، إقبالًا كبيرًا وغير مسبوق من قبل الشباب، وهي كتلة ليبرالية بطبيعتها، مما يشكل عامل قوة لصالح بايدن الليبرالي، فضلًا عن تأييد المرأة له، لا فقط لكونه اختار نائبته، كمالا هاريس، بل لكون ترامب سيء السمعة بالنسبة للأمريكيات خصوصا نساء الضواحي والريف».
فيما يرى، محمود الشناوي، الباحث المختص بالشؤون الدولية، أن «فرص ترامب لا تزال الأرجح، وأن لدى بايدن العديد من نقاط الضعف، كمشاركته في العديد من القرارات الخاطئة التي تتعلق بالأمن القومي، والملفات الخارجية الأمريكية، على مدار الأربع عقود الماضية، كرفضه الإسراع في الدمج بين البيض والسود في المدارس، في سبعينات القرن الماضي، رغم كونه أول نائب لرئيس أسود».
هل يؤثر «أوباما» في نتائج السباق؟
يرجح السفير صالح حمدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، والمحلل السياسي، أن «يفوز ترامب بولاية ثانية»، لافتًا إلى أن «دعم الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، للمرشح الديموقراطي جو بايدن، لن يكون مجديًا، ولن يؤدي لاستقطاب الكتلة التصويتية للولايات المتأرجحة لصالح بايدن، لكون ترامب لا يزال يحتفظ بتجمع انتخابي ثابت، جراء تأييد 60% من الأمريكيين خطابه الشعبوي، وحديثه عن العودة إلى أمريكا العظمى، بلا مهاجرين، ما يجعل محاولات استقطاب الديموقراطيين، لأصوات الولايات المتأرجحة، أمرًأ ليس بالهين».
سيناريو «هيلاري» قد يتكرر
ويرى الدكتور، طارق فهمي، المتخصص في الشؤون الدولية، أن «أمريكا بصدد تكرار سيناريو هيلاري كلينتون وترامب الذي شهده سباق 2016، إذ سيخوض بايدن سباقًا شرسًا وقد يحصل على أغلبية الأصوات الشعبية، لكن ترامب سيفوز بواقع حصوله على أصوات التجمعات الانتخابية، لكونه يراهن على قاعدة انتخابية ثابتة، لن تتأثر، مؤكدًا أن فرص الرئيس ترامب للحصول على أصوات التجمعات الانتخابية تبدو الأرجح، رغم الاستطلاعات».
من يفوز بالجولة التالية؟
في الاتجاه ذاته، يرجح الباحث في الشؤون الدولية بمركز الأهرام، بهاء محمود «فوز ترامب بجولة ثانية، رغم إخفاقه في بعض الملفات كملف الشرطة والعنصرية، ورغم تراجع علاقاته مع قوى كبرى من الاتحاد الأوروبي، وخروجه من أكثر من حلف، لكون الشعب الأمريكي لا يلتفت للملفات الخارجية، ولكون ترامب لا يزال محتفظًا ببعض نقاط القوة، التي مكنته من الاغلب على هيلاري في سباق 2016 كخطابه الشعبوي المناهض لملف الهجرة، وملف الاقتصاد الذي يعد ورقته الرابحة، نظرًا لتحقيقه أرقام مهمة في ملف البطالة، في 2017 زادت الوظائف بنحو 183 وظيفة ثم في 2018 زادت بنحو 225 ثم 177 وظيفة في 2019، كما ارتفع في عهده الناتج القومي الأمريكي، فضلًا عن حصده مكاسب خارجية للجانب الأمريكي دون أن يكبد الجيش أي خسائر».
وأضاف «محمود» لـ«المصري اليوم»، أنه «رغم تراجع المكتسبات الاقتصادية التي حققها ترامب، جراء تداعيات فيروس كورونا؛ إلا أنه لا يجب القياس على الأداء الاقتصادي لترامب في العام الأخير من ولايته فقط، لكونها جائحة عالمية»، لافتًا إلى أن «شعبية ترامب لا تزال متماسكة مستشهدًا بخروج مؤيديه لدعمه في ولاية فلوريدًا، الأسبوع الماضي، رغم عدم مرور 4 أيام على خروجه من الحجر الصحي»، لافتًا إلى أن «أغلب الناخبين الأمريكيين يميلون لحصول المرشح على 8 سنوات متتالية لاعتقادهم أن من حق كل رئيس إكمال ملفات برنامجه».