حالة احتدام تشهدها الساحة السياسية الإسرائيلية، وتصاعد لوتيرة التراشق بين شريكي الائتلاف الحاكم «الليكود» و«أزرق أبيض»، وحرب اتهامات جديدة بينهما باتت تهدد استقرار هذا الائتلاف، ولكن هل يحتمل الوضع السياسي الإسرائيلي الذهاب لانتخابات مبكرة، وماذا عن فرص نتنياهو أمام جانتس ؟.
في السطور القادمة نستعرض مستقبل الأزمة السياسية القائمة بين طرفي الائتلاف الحاكم في إسرائيل، وما هي السيناريوهات التي تنتظر «نتنياهو»، الذي يلقبه الإسرائيليون بـ«هاميليخ» أي «الملك» نظرًا لكونه أكثر من بقي على رأس الحكومة برصيد 13 عامًا، والسيناريوهات التي تنتظر بيني جانتس، زعيم حزب «أزرق أبيض»، ونظيره «نتنياهو» في الائتلاف الحاكم.
تراشق بالاتهامات وتهديدات متبادلة
حلقة جديدة من مسلسل الاحتدام السياسي تشهدها الساحة السياسية الإسرائيلية بين حزب «أبيض أزرق» وزعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، وصراع جديد نشب بين الطرفين، على إثر اتهام «نتنياهو»، بالتهرب من إقرار الموازنة للعام المقبل، والسعي للذهاب لانتخابات رابعة، فبعدما وجه حزب «أزرق أبيض»، مساء السبت، رسالة وصفتها قناة «أخبار 12» الإسرائيلية بأنها تهديد سياسي لمصير زعيم حزب «الليكود»، بنيامين نتنياهو، ومستقبل وجوده كرئيسًا للوزراء، جاء رد «الليكود» على لسان، رئيس الائتلاف الحاكم ميكي زوهار، بأن تهديدات «أزرق أبيض» جوفاء لكونه لا يمتلك أي «شرعية سياسية» في الشارع الإسرائيلي.
حل الائتلاف وإعادة تشكيله
سيناريو حل الائتلاف الإسرائيلي الحالي بات غير بعيد بعدما هدد وزير العلوم والتكنولوجيا، يزهار شاي، المنتمي لحزب «أزرق أبيض»، نتنياهو بأنه في حالة ذهابه إلى انتخابات مبكرة في ذروة الأزمة الصحية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، فإن «أزرق أبيض» لن يدعه يتولى منصب رئاسة الوزراء من جديد.
وقالت قناة «كان» الإسرائيلية إن حزب «أزرق أبيض» بدأ خطوات فعلية نحو تشكيل حكومة ائتلافية بديلة، عبر التحالف مع قيادات من الليكود تنوب عن «نتنياهو»، أو اللجوء إلى أطراف فاعلة في كتلة اليمين.
بدوره، أصدر حزب «الليكود» تهديدات مقابلة وردود شديدة اللهجة، جاءت على لسان، رئيس الائتلاف الحاكم ميكي زوهار، المنتمي لحزب «الليكود» للرد على تهديدات «أزرق أبيض»، إذ نقلت «قناة 12»، وموقع «سروغيم» عن «زوهار» قوله إن تهديدات «أزرق أبيض» جوفاء وغير واقعية، مضيفًا أن «أزرق أبيض» والخاسر الأكبر في حال تخلى عن ائتلافه مع الليكود، لكونه لا يمتلك شرعية شعبية لقيادة البلاد، وأنه في حال انفصل عن ائتلافه مع «الليكود» فلن يحصد سوى 6 مقاعد على أعلى تقدير.
ويتمحور الخلاف بين قطبي الحكومة الائتلافية «الليكود» و«أزرق أبيض» حول إقرار الموازنة العامة، وإدارة أزمة فيروس كورونا.
كيف يبدو المشهد الحالي
يرى الدكتور، جهاد الحرازين، القيادي بحركة فتح، والباحث المختص بالشأن الإسرائيلي، أن «رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو يسعى للتحايل على اتفاق تناوب الحكم مع نظيره، بيني جانتس، كطرفين اتفقا على تناوب الحكم، منذ تشكيل الحكومة الائتلافية، مايو الماضي، وأنه بصدد اختلاق أزمات مع «أزرق أبيض»، للحيلولة دون وصول، بيني جانتس، زعيم حزب «أبيض أزرق» إلى رئاسة الوزراء، وهو hلأمر الذي أبرزته مواقف نتنياهو أحادية الجانب، وأقصائه وزراء «أبيض أزرق» من المشهد السياسي في الآونة الأخيرة، مضيفًا أن نتنياهو يسعى للتهرب من محاسبته في قضايا الفساد، نظرًا لكون تركه رئاسة الوزراء تعنى ذهابه للمحاكمة».
وشكّل بيني جانتس زعيم حزب «أزرق ابيض»، مع بنيامين نتنياهو، زعيم حزب الليكود، في مايو الماضي، حكومة ائتلافية على أن يتقاسم فيها الطرفان منصب رئيس الوزراء، بالتناوب، وجاءت الحكومة بعد أزمة سياسية حادة دارت رحاها بين أطراف القوى السياسية الفاعلة في إسرائيل.
فرص بيني جانتس مقابل نتنياهو
ويرى الدكتور، أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن «فرص بيني جانتس لتولي رئاسة الوزراء تبعد تدريجيًا، رغم الاتفاق بين بينه وبين نتنياهو على تناوب الحكم»، مرجحًا أنه «لا فرصة لجانتس أمام نتنياهو لا عبر تناوب رئاسة الوزراء، ولا عبر انتخابات مبكرة»، مضيفًا أنه «رغم ملفات الفساد وتأزم الأمور الاقتصادية والصحية في الداخل الإسرائيلي، لا يوجد شخصية برجماتية تستطيع مجابهة نتنياهو، ومن ثم هزيمته حتى هذه اللحظة، لكونه مدعومًا من الحزب اليميني الأثقل «الليكود»، وهو الذي أعاد بناءه بعدما تركه شارون».
ولفت «الرقب» إلى أن «نتنياهو ينقلب على اتفاقه مع جانتس، مستندًا إلى النتائج الأولية التي أظهرتها استطلاعات الرأي في الداخل الإسرائيل»إذ لا يزال الليكود الحزب الأوفر حظًا في حال تم حل الائتلاف الحكومي، أو حتى في حال ذهب الجميع إلى الانتخابات المبكرة، وهو الاحتمال الأضعف حتى الآن«، إذ تفيد استطلاعات الرأي بأن»كتلة اليمين التي يكاد الليكود يبتلعها، تستحوذ على نحو 65 مقعدًا على أقل تقدير، إذ يأتي في مقدمتها حزب «الليكود»، بحوالي 27 مقعد يليه حزب «يمينا» 22 مقعدً، ثم «شاس» 9، فحزب «يش عتيد» و«القائمة العربية المشتركة» بينما يتذيل «أزررق أبيض» القائمة باحتلاله المرتبة السادسة، ما يجعل فرصة الليكود لتشكيل الحكومة هي الأرجح في حال تم حل الائتلاف الحالي بين جانتس ونتنياهو«.
وأوضح أنه «حتى في حال الذهاب لانتخابات جديدة، رغم كون ليبرمان وكتلة حزبه «يسرائيل بييتنا» لا يزالان يشكلان بيضة قبان بين الطرفين المتنافسين جانتس ونتنياهو»، مشيرصا إلى أن «خروج يائير لابيد، زعيم حزب «يشعالتيد» ومؤسسه، وبيجي يعلون، من تحالف «أزرق أبيض» أضعف موقف بيني جانتس مقابل نتنياهو».
السيناريو الأرجح
ويرى الدكتور، طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والباحث المختص في الشأن الإسرائيلي، أن «نتنياهو يسعى لحل الائتلاف الحكومي وإعادة تشكيله بما لا يسمح باعتلاء جانتس رئاسة الوزراء»، مرجحًا استمرار حالة الاحتدام بين الطرفين خلال الفترة المقبلة.
ورجح «فهمي» أن «تستمر حالة الاحتدام السياسي التي تشهدها الساحة الإسرائيلية حتى انتهاء الانتخابات الأمريكية»، مشيرًا إلى أنه «في حالة فاز الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سيتمكن نتنياهو من الحصول على حزمة اقتصادية تحفيزية جديدة من الجانب الأمريكي، قد تتجاوز الـ39 مليار دولار التي حصل عليها الجانب الإسرائيلي من إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، ما يمكن نتنياهو من إعادة تقديم نفسه للشارع الإسرائيلي، أما إذا فاز بايدن، فقد يكون»نتنياهو بصدد خروج لائق من المشهد السياسي الإسرائيلي، ويكون المشهد السياسي الإسرائيلي بصدد إعادة بناء تحالف حكومي جديد«.