سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طويلا إلى تصدير صورة له تنم عن القوة والقدرة على التحمل، وتحمل الألم كي يخفي سجله المرضي والطبي، فهو ساوى بين المرض والضعف .
وقالت صحيفة «يو إس توداي» في تقرير لها اليوم إن الرئيس ظل يجسد لنفسه صورة معينة يبدو فيها واثقا من نفسه كنجم تلفزيوني ورجال مال وأعمال تعلو وجهه ابتسامة «ساطعة» مع الاهتمام بلون بشرته وتصفيف شعره على نحو ممتاز، مشيرة إلى أن جزءا من هذه الصورة، يعود إلى الحياة التي عاشها في «عين الجماهير» منذ عقود مضت، والتي تنم عن طاقة بلا حدود، وعمل طوال اليوم مع قليل من النوم، رغم ذلك يجعل كل شيء يبدو سهلا .
وأوضح التقرير أن ترامب بمعنى أخر يقدم نفسه في صورة مفعمة بالصحة والحيوية، والتي يصفها هو المحيطون به بصفات مبالغ فيها .
وأستدرك التقرير بأن ترامب غالبا ما حاول إخفاء التفاصيل الحقيقة الخاصة بصحته، حسبما يؤكد منتقدوه، خاصة أثناء إدارته منصب الرئاسة، وفي أول ولاية له، وهو ما يثير قلق متزايد بشأن البيت الأبيض «المطخ» بالشك والريبة .
وقال :«عندما ظهر الدكتور سيان كونلي، الطبيب الرئاسي، أمام جمهور التلفزيون الوطني في أجازة نهاية الأسبوع، وقدم تفاصيل نادرة، مضللة أحيانا بشأن إصابة ترامب بفيروس كورونا المستجد، صار آخر مشارك في جهود الرئيس»المنسقة «كي يحتفظ بـ»صورته الصحية «
لكن الطبيب الرئاسي عاد وقال يوم الأحد الماضي إنه كان يحاول أن يعكس موقف الرئيس المتفائل بعدما لاقت مراوغته اليوم السابق نقدا لاذعا .
وأوضح كونلي وهو ضابط بحري إلى جانب كونه طبيبا، أن تعليقاته العامة حول حالة ترامب كانت موجهة من جانب رجل ( يقصد الرئيس ) هو مريضه وقائده الأعلى، ورئيسه الأكبر في الوقت نفسه .
ونقل التقرير عن ماري ترامب، أبنة شقيق الرئيس الأمريكي، والتي عرفت بنقدها اللاذع لحكومته، قولها الاثنين الماضي للراديو الوطني العام إن ترامب لا يعترف بالضعف الناجم عن كونه مريضا .
كما قال ابن ترامب إنه لم ير أباه مريضا على الإطلاق، مضيفا عقب تشخيص إصابة والده بـ«كوفيد» :«أبلغ من العمر 42 عاما، ولا أعلم أني رأيته مريضا بالأنفلونزا أو بأي مرض آخر، فهو مقاتل»
وأكد التقرير أن كل تقرير حول صحة ترامب وحياته العامة كان يدعو إلى التفاؤل الكبير، ومن بينها الفحوصات الطبية السنوية التي يجريها البيت الأبيض لتبين لياقته البدنية، غير أن المنتقدون يؤكدون أن هذه التقييمات لا تتماشى مع سنه ونظامه الغذائي وعدم ممارسة التمرينات الرياضية، لكن من ناحية ثانية ر يشرب المسكرات ولا يدخن السجائر وعاش أبواه حياة طويلة .
ولفت التقرير إلى أن ترامب سعى، كجزء من استراتجيته أثناء حملته الانتخابية في 2016، إلى التباهي بقوته وقدرته على التحمل، بينما كان يحط من «حيوية خصومه» وعدم أهليتهم لتولي المنصب، قائلا :«أعتبر صحتي وقوتي من بين أعظم الأصول التي أملكها»
وقال طبيبه الخاص لزمن طويل، الدكتور هارولد بورنشتاين، في بيان أصدره في 2015 مشيدا بصحته بعبارات تحمل صيغة المبالغة :«إذا تم انتخابه، فإنني أجزم قطعا أنه سوف يكون الأكثر صحة يجري انتخابه لمنصب الرئاسة .»
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا البيان أثار الدهشة ليس فقط لأنه يعكش صحة رجل عمره 70 عاما على نحو غير ملائم، ولكن لأنه تضمن مفردات شبيها بما كان الرئيس نفسه يستخدمها ،حيث ذكر بورنشتاين أن ترامب لم يعاني من مشاكل طبية كبرى على مدار الـ39 سنة الماضية، ولم يعاني من السرطان أو أية جراحات باستثناء جراحة اسئصال الزائدة الدودية عندما كان طفلا ويتمتع بصحة ممتازة في القلب وضغط الدم .
غير أن الطبيب بورنشتاين، عاد بعد سنوات من إصدار ذلك البيان، واعترف في مايو2018 وبعد تنصب ترامب رئيسا، ليكشف لـ«سي إن إن» أن ترامب هو من أملى البيان كله وأنه لم يكتبه، فقد كان يخبره فقط بما لا يمكنه أن يكتبه فيه .
وذكر بورنشتيان لقناة «إن بي سي» في الشهر نفسه أن حارس الرئيس الخاص منذ زمن طويل كايث شيلر، ومحامي مؤسسة ترامب ألان جارتين، اقتحما مكتبه في فبراير 2017 ليصادروا جميع السجلات الطبية الخاصة بترامب، قائلا :«شعرت بأني بالخوف والحزن بينما قال البيت الأبيض إن هذا إجراء عادي .
وتحدث التقرير عن الملابسات والتكتم والسرية الشديدة التي أحاطت حالة ترامب الصحية، مشيرا إلى أنه في إطار جهده كي يجسد «حيوية» الرئيس، نشر البيت الأبيض صورا له وهو يجلس إلى مكتب والقلم في يده، ولكن بفحص الصورة بدقة، يتبين أن الرئيس كان يوقع ورقة بيضاء.