أبدأ يومى بإحساس شديد من الثقل، فاليوم فارغ ولا شىء هناك لأفعله.. ساعات طويلة تمضى ثقيلة أشعر وكأننى أزيح الساعات لتمر وهى تأبى أن تمر، بل هى ثقيلة كالحجر.. أشعر بأن الساعة تمر وكأنها دهر.. أنظر إلى الساعة مرارا وتكرارا لتمر، لكنها تبطئ ولا تمر بسهولة، بل تمر بصعوبة شديدة.. ثقل الساعات أشعر به فى كل دقيقة تمر، فهى تمر بثقل شديد.. الفراغ يشكل ثقلا شديدا علىَّ، حتى إننى أكاد أشعر بهذا الفراغ يأكل روحى.. فراغ فراغ ولا شىء سوى الفراغ الذى لا أجد معه ما يمكن أن أفعله سوى الجلوس صامتة لساعات طويلة أزيح ساعة وراء ساعة، أملا فى أن ينقضى النهار، لكن النهار لا ينقضى، بل يمر بطيئا ثقيلا بلا نهاية.
الجلوس لساعات صامتة يجلب الأفكار السوداء، فأنا الآن أفكر فيما يمكن أن يحدث غدا، وهى دائما أفكار سيئة أن شيئا سيئا سوف يحدث.. لماذا تأتى الأفكار السيئة دائما عندما أفكر فى الغد؟ لماذا أتوقع حدوث الشىء السيئ وليس الشىء الحسن؟.. لماذا يبدو الأمس مبهجا، بينما يبدو الغد مليئا بالاحتمالات الصعبة؟.. هل هو الخوف من الغد؟ هل هو التحسب منه؟ هل هو خشية أن يأتى بالشر؟ لماذا يبدو الغد دائما مليئا بالاحتمالات السيئة وليس بالاحتمالات الجيدة.. لماذا أخاف الغد وأحسب حسابه؟ لماذا يبدو الغد مخيفا لى؟ لماذا كل هذا الخوف من الغد؟.
أنا أعانى بشدة من الخوف، ليس الخوف من الغد فقط، بل الخوف من اختطاف الأحباب، هو خوف يطاردنى دوما، فأنا مطاردة دائما بأن أفقد من أحب، وهو خوف يطاردنى بشكل دائم ويتشكل فى شكل أحداث وكأنها تجرى بالفعل.. الخوف يطاردنى دوما، وفى كل لحظة وكأننى أتابع ما يحدث بالفعل.. الخوف إحساس دائم يطاردنى.. الخوف من كل شىء، مما يمكن أن يحدث وما يحدث بالفعل.. أنا أخشى أن أتصور ما يمكن أن يحدث فى الغد، فهو دائما شىء سيئ أو شر يمكن أن يصيبنى أو يصيب من أحب.. مشاعر صعبة تجتاحنى تصيبنى بكآبة شديدة تغمرنى بالحزن.
أنا لا أستطيع أن أستقل سيارة دون أن ينتابنى إحساس شديد بالخوف.. الخوف من أن تصطدم السيارة بسيارة أخرى.. أظل أجلس عند مقدمة السيارة بفعل الإحساس بالخوف الذى ينتابنى، ومهما طال المشوار أظل أشعر بنفس إحساس الخوف.. إنه الإحساس بالخوف من السرعة الذى يشلنى ويجعلنى أشعر بخوف شديد، حتى إننى أغلق عيناى من شدة الخوف وأحرك ذراعاى فى اتجاه وجهى وكأننى أمنع خطرا يكاد أن يواجهنى.. مجرد ركوب سيارة يتحول إلى رحلة شاقة من الخوف الدائم الذى يصعب تحمله، وكأنه عذاب مقيم وليس مجرد ركوب سيارة فى مشوار عادى ينتهى بسهولة!!.
لم يعد أى شىء بسيطا، بل كل شىء صعب جدا، حتى مجرد عبور الشارع.. إذا ما أردت الذهاب إلى النادى لا يمكننى ذلك بكل بساطة رغم أن النادى لا يتطلب منى سوى عبور الشارع.. لكن عبور الشارع ليس متاحا، فالشارع يمتد عبر منزل كوبرى، ولذلك فالسيارات تأتى مسرعة جدا من هذا المنزل، بحيث يستحيل عليك أن تعبره دون أن تصدمك سيارة، لذلك ليس هناك من طريقة لعبور الشارع، ولذا لم أجد وسيلة للذهاب إلى النادى سوى أن أستقل سيارة أجرة تعبر بى الشارع إلى الناحية الأخرى لكى أصل إلى النادى.. سيارة أجرة لعبور الشارع. هل هناك حالة من الخوف أكثر من هذا؟.. أن يتحكم الخوف فى كل شىء وأى شىء لهذه الدرجة!!.