x

والد «طفلي التنمر» بأكتوبر: «مش عارف ده حصل إزاي.. الباب في الباب من 4 سنين»

الإثنين 28-09-2020 13:09 | كتب: آيات الحبال |
أسرة سودانية تعرض أبناءها للتنمر من قبل سيدة مصرية أسرة سودانية تعرض أبناءها للتنمر من قبل سيدة مصرية تصوير : آخرون

منذ أيام تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لسيدة تجبر طفلين الأول على تدخين سيجارة، والآخر على غسل قدميها، والأكل من صندوق القمامة، وسرعان ما تحركت الجهات المعنية وتم التحقيق في الواقعة من قبل النيابة العامة، والتي أمرت بحس السيدة على ذمة التحقيقات، بعد التأكد من صحة الواقعة.

ورغم ذلك يعيش والدا الطفلان في حالة من القلق والخوف والصدمة بسبب ما حدث، فهؤلاء الأطفال يتنمون إلى أسرة سودانية مقيمة في مصر، وكل ما يتمنونه الحماية فقط.

التقت «المصري اليوم» والد الطفلين في منزل أحد أصدقائهم، ويدعى زكريا عيسي محمد، رب أسرة، مكونة من طفلين ووالدتهم، الأول «محمد» ويبلغ من العمر 5 سنوات، والثاني «مُنذر»، 3 سنوات، جاء إلى مصر برفقة زوجته من دارفور بالسودان، كطالب لجوء في نوفمبر 2016، وحصل على «كارت طالب اللجوء» من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

منذ اليوم الأول لـ«زكريا» في مصر قطن بمدينة السادس من أكتوبر بالقرب من مكتب المفوضية هناك، حتى يتمكن من إنهاء الإجراءات بشكل أسهل، وأيضًا لحصوله على عمل هناك، حيث يعمل في العمالة اليومية.

تعرف على الكثير من المصريين، وأصبح لديه علاقات جيدة معهم، لأنه السوداني الوحيد الموجود في العمارة التي يسكنها «كان في كتير معاملتهم كويسة معانا وبيحترموني جدًا، وكان في ناس بتتكلم على لوني، ولكن برضه الموضوع ده عدى، لإن كلنا واحد، والأهم اللسان والعلاقات الحلوة«، هكذا تحدث الرجل السوداني عن بداية إقامته في مصر.

تعتبر واقعة التنمر التي وثقتها مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي المرة الأولى التي تتعرض لها عائلة «زكريا»، فلم يكن يتوقع تعرض أبناءه الصغار للتنمر من قبل جارته، التي يعرفها منذ 4 سنوات، وأعتاد أبنائه اللعب مع بناتها طوال هذه الفترة، ولكنه فوجئ بأن هناك فيديوهات متداوله على مواقع التواصل الاجتماعي لهذه السيدة وهي تجبر أحد الأطفال على غسل قدميها، وجعل الطفل الآخر يشرب المياه الناتجة عن الغسيل، وإجبارهم على الأكل من القمامة، وشرب السجائر وتعريضهم للضرر، وبجانب ذلك ظهر صوت وصورة السيدة بالفيديوهات بوضوح، على حد قول والد الطفلين.

لم يشاهد «زكريا» هذه الفيديوهات بنفسه، ولكن أخبره الكثير من الأصدقاء والجيران بأن هناك فيديوهات متداوله لأطفاله وشاهدها، ولم يكن يتوقع حدوث ذلك، خاصة أن هذه السيدة جارته تعيش معه في نفس الطابق، وأبنائها يلعبون يوميًا مع بناتها في منزلهم أو منزلها أو أمام العمارة، كما لم يشك أولاده من أي تصرفات غريبة من قبلها.

«احنا جيران.. الباب في الباب من 4 سنوات، ومفيش مشاكل بينا، واحنا كنا بنخلي الأولاد يلعبوا سوا، ومش عارف إزاي حصل ده ونشرته على فيس بوك وتأكل ابني زبالة» هكذا أعرب الرجل السوداني عن دهشته من تصرف جارته مع طفليه.

أرسل أحد أصدقاء «زكريا» الفيديوهات عبر «الواتس آب»، فأصيب بصدمة كبيرة، فلم يكن يتوقع أن تسعي هذه السيدة إلى الضرر بأبنائه، لم يتحدث إليها، ولم يعاتبها، ولكنه أسرع بنقل أطفاله إلى المؤسسات الشريكة للمفوضية المعنية بتقديم الرعاية الصحية للكشف على الأطفال، وذهب إلى أحد أصدقائه خارج مدينة السادس من أكتوبر، خوفًا على نفسه وأبنائه.

وتواصل السوداني مع «المفوضية» لإبلاغهم بالواقعة، بينما تلقى اتصالات تليفونية من جارته صاحبة الواقعة، وتبعه اتصالًا آخر من صاحب العقار، للسؤال عن مكانه، كما تلقى «زكريا» اتصالًا من الشرطة تطلب منه الحضور إلى منزله، للتحقق من الواقعة، ولكنه طلب الحضور برفقة محامي من المفوضية.

وأدلى «زكريا» بأقواله حول الواقعة أمام النيابة، وواجه جارته التي لم يعاتبها مطلقًا، مطالبًا بحمايته وأسرته من أي ضرر وتوفير سكن بديل «احنا مش عارفين هنعمل أيه، ونطالب بالحماية وانهاء إجراءات إعادة التوطين».

يذكر أن النائب العام، المستشار حمادة الصاوي، أمر بحبس امرأة 4 أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات لاتهامها بـ«استغلال طفلين لم يتجاوز عمرهما خمس سنوات في خدمتها قسرًا مستغلة ضعفهما، وتنمرها بهما باستغلالها هذا الضعف وصغر عمرهما بقصد وضعهما موضع السخرية، وتعريضها صحتهما وحياتهما للخطر، وتعديها بذلك على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصري، وانتهاكها حرمة حياتهما الخاصة، واستخدامها حسابًا خاصًّا بأحد مواقع التواصل الاجتماعي لارتكاب تلك الجرائم، وتم التجديد لها بخمسة عشر يوما أخرى حبس احتياطي».

وذكر بيان النيابة العامة المنشور على الصفحة الرسمية للنيابة على مواقع التواصل الاجتماعي أن «كانت وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان بمكتب النائب العام قد رصدت تداول مقاطعَ مصورة لطفلين يُسمع خلالها صوت امرأة تأمر أحدهما بغسل قدميها، وغسل وجهه بالمياه التي تضع قدميها فيها، وتأمر الآخر بتدخين سيجارة، ساخرةً منهما خلال التصوير، وبعرض الأمر على النائب العام أمر باتخاذ إجراءات التحقيق في الواقعة».

وتمكنت أجهزة الأمن من خلال المعلومات التي توافرت حول المتهمة بمواقع التواصل الاجتماعي، من تحديدها وتحديد محل إقامتها، وكذا أمكن تحديد الطفلين المجني عليهما، وأنهما ابنا أحد جيرانها، فأُلقي القبض عليها واستجوبتها «النيابة العامة» فيما هو منسوب إليها من اتهامات، فأنكرتها مدعيةً أن المجني عليهما دائما التواجد بمسكنها بحكم أنهما ابنا أحد جيرانها للعب مع أبنائها، وأنها صوَّرت المقاطع موضوع اتهامها على سبيل المزاح معهما، ثم حذفتهما من هاتفها بعد فترة، منكرةً نشرَها بأي من مواقع التواصل الاجتماعي.

وسألت «النيابة العامة» والدَي المجني عليهما، فشهدا بارتكاب المتهمة الواقعة، وتعرَّفَا على ابنيهما وصوت المتهمة بالمقاطع المتداولة، مؤكدين اتَّهامَها بتعريض ابنيهما للخطر والتنمر بهما واستغلالهما لخدمتها قسرًا، أكدت تحريات الشرطة صحةَ ارتكاب المتهمة الواقعة، وتصويرها المقاطع المتداولة على سبيل المزاح مع الطفلين، ولم تتوصل التحريات إلى استغلالها المجني عليهما في خدمتها قسرًا.

الجدير بالذكر أن النيابة العامة كلفت أحد الإخصائيين بـ«خط نجدة الطفل» بعقد جلسة اجتماعية للمجني عليهما وذويهما، والذي أوصى خلال تقريره وما شهد به بالتحقيقات بتسليمها لوالديهما، والتعهد عليهما بحسن رعاية الطفلين، واستمرار عقد جلسات لتأهيلهما، وجارٍ استكمال التحقيقات، وأكد والدهما أن مسؤول من المجلس القومي للأمومة والطفولة يتابع معهم وسأل الأطفال عن الواقعة وهناك متابعة دائمة منهم.

وأوضحت مصادر بمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين متابعة فريق الحماية التابع للمفوضية لقضية الأسرة ومساندتهم من خلال محامين المفوضية ومتابعة سير التحقيقات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية