خلال شهور قليلة ماضية، كان هناك من الشد والجذب لقانون التصالح فى مخالفات البناء ما يكفى لخروج القانون إلى النور ولائحته التنفيذية، بلا شائبة أو اعتراضات ولا مجال للصد والرد، ولكن لأننا اعتدنا «الاستعجال» فى كثير من الأشياء، فقد خرج القانون واتخذ مجراه، ولكن «دون رضاء شعبى»، بالرغم من موافقة «نواب الشعب»، وبسبب هذا الرفض الشعبى عند التطبيق، لم تجد المحليات حلًا آخر سوى التراجع عن أسعار التصالح المعلنة بنسبة وصلت إلى 70%، وهذا ما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول الأسعار الموضوعة فى القانون ولائحته التنفيذية، ألم تكن الأسعار عادلة؟ هل وُضعت الأسعار على عجل، واكتشفت المحليات أنه يجب التراجع عنها؟ الكثير من علامات الاستفهام تُوضَع حول الأمر، ومعها قرار الحكومة، بحساب سعر التصالح لمتر الأرض فى الريف بقيمة الحد الأدنى، وهى 50 جنيهًا، وهو أكثر الأمور التى ضايقتنى شخصيًا، فكيف تقوم الحكومة بتحديد هذه القيمة لمَن قام بـ«تبوير» أرضنا الزراعية، فقد فعل هذا المواطن «جريمتين»، هما تبوير الأرض والبناء المخالف، وكلتاهما تحتاج إلى عقاب منفرد، ولكن الأخطر هو تبوير الأرض، التى لن نستطيع تعويضها مجددًا، فقد أوافق لمَن يقوم ببناء مساحة لا تتجاوز 70 مترًا، لدور أرضى فقط، هنا أستطيع أن أعذره لأننى أعرف حالات قاموا بالبناء دون أساسات لاحتياجهم الكامل لـ«4 حيطان»، ولا يملكون كامل القيمة لشراء شقة من مشروعات الدولة، ولكن كيف أساوى بين الجميع فى الريف، فهل قامت الحكومة بعمل بحث اجتماعى لمعرفة مَن يستحق التصالح معه بـ«الحد الأدنى» ومَن لا يستحق؟! فالحديث عن مخالفات البناء واسع المجال، فهناك مثلًا مَن هدم فيلته وبنى مكانها «برجًا» بالمخالفة للقانون، ولا أحد يحاسبه، ولكن ما كنت أتمناه من الحكومة والمحليات عدم تقليل القيمة الخاصة بالمخالفات، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، الذين هم بالتأكيد ليسوا مشترى الوحدات السكنية، ولكن مَن قاموا ببنائها، ومَن سمحوا بذلك، وقاموا بإدخال مرافق الدولة. وكنت أتمنى أن تؤجل الحكومة هذه الأعباء قليلًا عن كاهل المواطنين، الذين أُنهكوا جراء الإصلاح الاقتصادى، الذى تزامنت معه «وطأة كورونا»، التى تسببت فى تعطيل مواطنين عن العمل، دون «مصدر رزق» حقيقى، فبالرغم من أن حكومات على مستوى العالم تحملت عن مواطنيها الكثير من الأعباء خلال «شهور كورونا الماضية»، لم تتعامل معنا الحكومة بنفس المنطق، ولكن ما باليد حيلة، فقط يمكن للحكومة أن تعى أنه فى وقت الأزمات يمكن أن تتحمل ما عليها لا أن تُحمِّله علينا نحن، ويبقى «علينا ما عليها».