التاريخ فعلًا يعيد نفسه!، كانت الدولة المصرية تعانى مرحلة خطيرة من الانهيار.. كان ذلك فى أواخر الدولة الأيوبية، وكان الخطر يحيط بها من الغرب ومن الشرق معًا «شوفوا الظروف»، ورغم سوء أحوالها كان الصليبيون، بقيادة لويس التاسع، ملك فرنسا، قد هاجموا مصر واحتلوا منافذها ووصلوا إلى المنصورة.. ولكن المصريين هزموهم ثم أسروا لويس عند المنصورة.. وفى نفس الوقت كان المغول، بقيادة أعظم قوادهم هولاكو، قد اندفعوا غربًا بجيش عرفه العالم أنه جيش لا يقهر أبدًا.. وما إن انتصرت مصر على الأول «لويس» حتى فوجئت بالمغول يندفعون من غرب الصين ويقتحمون كل الدول أمامهم من شمال الهند إلى إيران.. إلى أن وصلوا إلى بغداد وحاصروها، ثم اقتحموها ودمروا كل شىء، وقتلوا الخليفة العباسى، حتى المكتبة لم تسلم من همجيتهم.. ثم تقدموا غربًا فاحتلوا بعد العراق كل مدن الشام ولبنان، ولم يبق أمامهم إلا مصر، ونجح المغول فى وصف أنفسهم أنهم الجيش الذى لم يهزم أبدًا، ولما اقتربوا من مصر أرسل كتبغا نائب هولاكو رسائله يهدد مصر ويأمرها بالتسليم.. بينما كانت مفاصل الدولة المصرية مفككة تمامًا، فالصراع كان محتدمًا بين كل القوى.. بل كانت بلا سلطان حقيقى يقودها بعد وفاة سلطانها الصالح نجم الدين أيوب.
المهم تحركت النخوة المصرية ولم يخافوا بعد أن سقطت كل الدول الإسلامية فى يد المغول وباتوا على أبواب مصر الشرقية، جنوب فلسطين، عند غزة فعلًا، هنا توحدت كل القوى المصرية الباقية، وكان فيها سلطان لم يزاول سلطنته إلا منذ ساعات، هو قطز، ولكن كان فى الخلفية رجل مصر القوى، بيبرس، القائد الحقيقى الذى قاد جيش مصر فى المنصورة حتى هزمهم.. وتوحدت القوتان قطز وبيبرس، وانطلق بيبرس بمقدمة الجيش المصرى متجهًا إلى غزة ليواجه جيش المغول.. والتقت مقدمتا الجيشين، وأوقف بيبرس تقدم جيش المغول إلى أن وصلت باقى القوات المصرية بقيادة قطز، ونجحت هذه القوات «المتحدة»، وعند موقع يقال له عين جالوت، جنوب غزة، دارت معركة رهيبة يوم 3 سبتمبر 1260م، حقق فيها جيش مصر أعظم انتصار على المغول، وأنزلوا بهم أبشع هزيمة هى الأولى والأكبر التى وقعت بالمغول. وهذه المعركة لم تحم مصر وحدها، بل جعلت مصر تحرر كل المناطق التى سبق أن احتلها المغول.. وأيضًا- وهذا هو المعنى الحقيقى- نجحت مصر فى حماية أوروبا نفسها من غزو المغول، ويكاد هذا ينطبق على مصرهذه الأيام، لأن مصر التى تتصدى الآن للإرهاب العالمى تحمى أوروبا نفسها بعد أن نجحت فى حماية دول المشرق الإسلامية.
■ ■ نفس الدور.. ونفس المهمة يقوم بها الجيش المصرى ليواجه المغول الجدد، وهم كذلك من قبائل تعود جذورها إلى القبائل التركية التى دمرت الشرق الإسلامى أيام عين جالوت، والمغول الجدد هم مغول- نقصد أتراك العالم الحديث- وقائدهم هذه المرة اسمه: رجب طيب أردوغان الذى يتحرش الآن بمصر فى ليبيا وسوريا.. كما يتحرش بقبرص واليونان، ونسى أردوغان هذا «نقصد هولاكو الجديد» أن جيش مصر صامد.. بالذات بعد أن أصبح أقوى جيش فى المنطقة.. ولكن ماذا تفعل مع من لم يتعلم من التاريخ، وهو نفس الجيش الذى دمر الجيش التركى العثمانى عند نصيبين أيام محمد على.. وهو نفسه الذى دمر جيش المغول عام 1260م.
ويبدو أن هولاكو.. أو كتبغا الجديد، نقصد أردوغان، يريد أن يلقنه جيش مصر درسًا جديدًا... وذلك هو الغباء التركى.. عبر الزمن قديمه ووسيطه.. وحاضره.