الفارس العزيز محمود عطاالله أرسل لنا نحن مجموعة الفرسان، وزعيمنا دكتور زاهى حواس، صورة يجب ألا تمر دون تعليق.. صورة شخص يرتدى تى شيرت أخضر- والأخضر كان شعار ولون المصريين ولا تنسوا علم مصر الأخضر- مع شورت عادى مشجر.. وينتعل فى قدميه «صندل عادى».. وبجواره يجلس بائع الفريسكا.. قعدته السواحلية المعروفة، ليسند على ركبته صندوق الفريسكا.. ويقول الفارس محمود عطاالله بالحرف «الراجل ده كان موجود فى الساحل.. وطبعاً بتاع الفريسكا مش عارف هوه قاعد مع مين ثم أعقب: تعرف أنت؟!».
إنه الملك أحمد فؤاد الثانى- آخر ملوك مصر من الأسرة العلوية- المولود فى يناير ١٩٥٢، ويوم «سبوعه» فى ٢٦ يناير كانت القاهرة تحترق. ثم وفى يوم ٢٦ يوليو ١٩٥٢ وقع والده الملك فاروق الأول وثيقة تنازله عن عرش مصر لابنه هذا الذى كان ولياً للعهد منذ لحظة مولده.. وفى مغرب نفس اليوم استقل اليخت الملكى المحروسة مع والده الملك المتنازل- ومع زوجة والده الملكة ناريمان، وكذلك أخواته البنات.
وعاش الملك الطفل ملكاً لمصر تصدر باسمه القوانين والقرارات، وأولها قرار ملكى صادر يوم ٧ سبتمبر ١٩٥٢، بتكليف اللواء محمد نجيب رئيساً للوزراء ووزيراً للحربية والبحرية، والموقعون «نيابة عن الملك فؤاد» مجلس الوصاية على العرش، الأمير محمد عبدالمنعم ومحمد بهى الدين بركات ومحمد رشاد مهنا، الذين كانوا يشكلون مجلس الوصاية، ثم صدر إعلان دستورى من مجلس قيادة الثورة بإلغاء النظام الملكى وسقوط أسرة محمد على وإعلان الجمهورية.. وذلك يوم ١٨ يونيو ١٩٥٣، وبذلك أصبح أحمد فؤاد الثانى هذا هو آخر ملك لمصر.. وكان هذا الملك، بعد أن أصبح صبياً يافعاً، فى مقدمة مشيعى جثمان والده عندما مات فى إيطاليا.
وظل أحمد فؤاد الثانى فى المنفى يتنقل بين سويسرا وفرنسا ويدرس فيهما ويزاول بعض النشاط التجارى ليعيش وينفق على أخواته.. ثم تزوج ووقع فريسة لزوجته إلى أن طلقها وأنقذ نفسه.. وكان الرئيس السادات قد أعاد جواز السفر المصرى إلى الملك السابق وأخواته، وأخذ يتردد على مصر، بل وأطلق اسم جده محمد على على ولده الأول.
ولايزال «الملك السابق» فؤاد يزور بلاده مصر، ويعشقها ويذكرها بكل خير، وها هو يستمتع بلحظة صفاء على شاطئ إحدى قرى الساحل الشمالى الغربى.. وجلس تحت الشمسية يتحاور مع بائع الفريسكا ويلتهم بشوق ولذاذة رقائق الفريسكا.. كأى مواطن مصرى عادى يتناول الفريسكا كعادة كل المصريين على الشواطئ.. ووجهه يبتسم بسعادة ويذكرنا بوجه والده الذى تولى عرش مصر ١٦ عاماً.
■ ■ حقاً.. لو كان بائع الفريسكا يعرف من هو هذا الزبون.. ربما لو عرف لرفض أن يقبض ثمن الفريسكا، وكفاه سعادة أنه كان يقوم بواجب الضيافة للملك أحمد فؤاد الثانى، الذى هو آخر ملوك مصر.. أنا نفسى.. كنت عزمته على حسابى، وكنت حملته كمية فريسكا لأولاده وابنته ليتذكروا بلدهم مصر.