x

عباس الطرابيلي يوليو.. ومذبحة الصحفيين عباس الطرابيلي الثلاثاء 25-08-2020 00:52


لم يكن ثوار يوليو بحاجة إلى تبريرات ليفعلوا ما يريدون.. ولكنهم فعلوها، فقد استغلوا قضية الشيخ سيف والشيخ الفيل- وكانا من القضاة الشرعيين- لإلغاء نظام القضاء الشرعى.. واستغلوا ارتفاع أصوات بعض القضاة لكى يحدثوا أكبر مذبحة للقضاة فى التاريخ المصرى.. ولكن عدم الوفاء كان واضحاً فيما حدث للصحفيين. إذ كانوا هم الذين مهدوا للضباط الأحرار وكانوا ينشرون لهم ما يريدون ورغم ذلك انقلبوا عليهم.

والبداية كانت مع إحسان عبد القدوس، الذى فتح للضباط الأحرار صفحات روز اليوسف وأخذ ينشر لهم دعاواهم، بالذات عن أكذوبة الأسلحة الفاسدة وفساد القصر الملكى، ورغم ذلك وما إن «تجرأ» وكتب مقالاً عن الجماعة التى تحكم مصر، وأن مصر تخلصت من ملك واحد ليحكمها أحد عشر ملكاً.. هنا قرر الضباط الأحرار اعتقاله.. لتأديبه.. وإرسال رسالة لمن يفكر فى التمرد على قراراتهم.. وقال له عبد الناصر بمجرد عودته إلى بيته «خلاص اتربيت؟.. طيب تعالى بكرة إفطر معايا!!».

وكان التالى هو أحمد أبو الفتح، رئيس تحرير المصرى، وكان على علاقات قوية بقائدهم- عبد الناصر- وعرف أن القصر الملكى عرف أسماء الضباط الأحرار وأمر بتصفيتهم.. فأخبرهم بذلك.. وكانت حديقة «المصرى» تشهد لقاءات الضباط الأحرار فى الشهور الأولى للثورة.. ولما وقع الاختلاف انقلبوا عليه وطاردوا كل أسرته.. ثم أغلقوا جريدته وصادروا كل ممتلكات الأسرة، وكان هو خير مثال لمصير «سنمار»، وظل منفياً وأسرته إلى أن أصبح السادات رئيساً.

والثالث: مصطفى أمين الذى سخّر كل صحف دار أخبار اليوم لتصبح خير داعية للثورة ورجالها.. بل ونظم لهم أول مؤتمر صحفى عالمى داخل دار أخبار اليوم ليقدمهم للصحافة العالمية.. وعند أول بادرة انقلبوا عليه وسجنوه 9 سنوات، مع نفى توأمه على أمين، وعندما أمموا دار أخبار اليوم، وكانت أكبر وأحدث دار صحفية فى المنطقة، قرروا ثمناً لها قدره 15 ألف جنيه، وكانت تصدر: أخبار اليوم، الأخبار، آخر ساعة، الجيل، هى، المختار «العربى». وكانت مطابعها هى الأحدث فى المنطقة..

وحلمى سلام الذى فتح لهم صفحات مجلة المصور «تاج صحف دار الهلال» حتى من قبل الثورة وطوال سنواتها الأولى.. سرعان ما انقلبوا عليه ومنعوه من الكتابة عشرات من السنين.. وعاد أيام السادات هو الآخر.

وعندما فشلت مشروعاتهم لإنشاء صحف خاصة بهم، وكانت أولاها مجلة التحرير.. ثم جريدة الجمهورية.. وثالثتها مجلة درع الوطن.. أو بناء الوطن.. كان قرارهم بتأميم «كل الصحافة المصرية» فى مايو 1960، ولا تصدقوا أن السبب هو حكاية مانشيت «مصرع السفاح عبد الناصر فى باكستان»!! وكانت بداية نهاية الصحافة المصرية الوطنية، وإن ظل عبد الناصر يدفع الملايين لصحافة بيروت!!

■ ■ ولكن الذى أزعجنى- وبكيت من أجله- هو إذلال عبد الناصر لباشا الصحافة المصرية، فكرى أباظة، الذى أيد فكرة الحبيب بورقيبة للصلح مع إسرائيل وإقامة علاقات كاملة معها لحل القضية الفلسطينية.. ولم تصفح عنه ثورة يوليو إلا بعد أن قامت بإذلاله.. وأجبرته على كتابة اعتذار عما بدر منه.. رغم أن ذلك هو نفسه ما فعله السادات، وسمحوا للباشا- بعد هذا الإذلال- بالعودة إلى عمله الصحفى.

وارفع رأسك يا أخى.. فقد عاد الاحتلال على أيديهم!!.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية