x

عالم نووي مصري بالنمسا: أنتظر أن يكون للعلم احترام كافٍ في ظل رئاسة مرسي

الأحد 15-07-2012 22:05 | كتب: محمد الحريري |

البروفيسور صالح شمس الدين اسماعيل، عالم مصري في واحد من أخطر المجالات التقنية، ويعمل أستاذا في جامعة فيينا التكنولوجية، التي تعد من أعرق الجامعات التكنولوجية في العالم. يعيش في النمسا، مترقبا دعوة من الرئيس محمد مرسي لعلماء مصر بالخارج إلى مؤتمر يهدف إلى تطوير التعليم في مصر.

«المصري اليوم» حاورت العالم النووي حول مستقبل الطاقة النووية في مصر وحول تطوير التعليم، بصفته أستاذا جامعيا مهموما بأوضاع التعليم في مصر... وإلى نص الحوار:                                                                    

ما الذي تنتظره من وراء هذا المؤتمر ولماذا يجب أن تنظمه مؤسسة الرياسة من وجهة نظرك؟

لأن الرئيس محمد مرسي نفسه عالم وأستاذ جامعي، لذا أنتظر أن يكون للعلم والعلماء احترام كاف في ظل رئاسته. أتوقع أن يوفر لهم المناخ المناسب للعمل الجاد. وإذا تم تنظيم المؤتمر تحت رعايته المباشرة، سأكون على يقين بأن علماء مصر في الخارج سيهتمون بالحضور جميعا، وسأكون أنا شخصيا على استعداد للمساهمة في تنظيم المؤتمر.

أفهم من ذلك أن لك تجارب سلبية في الماضي مع مثل تلك المؤتمرات؟

نعم، في الماضي، لم تكن هناك جدية كافية في المؤتمرات والندوات، ولم نكن نشعر بالنية في تنفيذ التوصيات التي تخرج عن هذه المؤتمرا، لذلك مازلنا نتكلم عن تطوير التعليم حتى الآن. عندما تدعو مؤسسة الرئاسة لهذا المؤتمر، سيكون الوضع مختلفا. أطالب الرئيس بغلق الأبواب على علماء المؤتمر حتى يضعوا خريطة طريق للتطوير الشامل للتعليم والبحث العلمي، للتحول بعد ذلك إلى قرارات تنفذ من مجلس الوزراء.

هل هناك أفكار معدة بالفعل؟

لن ننطلق من فراغ، فقد تم في يونيو 2010 دعوة 80 عالما مصريا بالخارج لمده أسبوع من قبل الهيئة القومية لجودة التعليم المصرية، وتم تكوين اللجنة الاستشارية لعلماء مصر بالخارج لتطوير التعليم وجودته وتم إنشاء لجان مختلفة لكافة فروع العلم للنظر فى تطويرها. لكن للأسف لم يكن هناك استمرارية. أعتقد أن هذه اللجنة الاستشارية يمكن أن تكون نقطه البداية.

وهل هناك إمكانية لتطوير التعليم في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحالية في مصر؟

العلماء عليهم وضع الاستراتيجية لتطوير التعليم في حدود الإمكانيات المتاحة حاليا. وأعلم أن أكبر مشكلة تواجه التعليم الآن في مصر هى عدم توافر الإمكانيات المالية اللازمة خاصة إذا كنا ننوى التوجه إلى التعليم الفنى الهندسى، الذى يحتاج إلى إمكانيات كبيرة. لكننى على ثقة  أن العلماء سيجدون من خلال هذا المؤتمر وسيلة للتوافق بين تطوير التعليم والإمكانيات الاقتصادية المتاحة مع تعظيم دور التعاون الدولي.

كيف نبدأ برأيك؟

علينا باستخدام تكنولوجيا التعليم والوسائل التعليمية الحديثة، والبعد عن الوسائل التقليدية العقيمة التي تستخدم منذ زمن الكتاب، والتي تعتمد على معلم لكل 30 - 40 تلميذ وعملية تلقين عقيمة، ونتيجة لذلك تعتمد عملية التعليم قبل الجامعي الآن على ما يسمى بالدروس الخصوصية. هدفي الشخصى هو تقديم حلول واقعية لتقليل هذه الظاهرة السيئة والمدمرة لنظام التعليم بأكمله.

وهل تنفرد مصر بظاهرة الدروس الخصوصية؟

الدروس الخصوصية موجودة فى العالم أجمع وأيضا بالنمسا، لكن الفكرة هي من يعطي هذه الدروس ولمن؟ في النمسا مثلا لا يستطيع مدرس يعمل في الحكومة أن يعطى دروسا خصوصية، وإلا فقد وظيفتة فورا. أما إذا كانت وظيفة مدرس غير محترمة اجتماعيا والمدرس لا يقوى على العيش الكريم بمرتبه، فلن يكون في مصر نظام تعليمي محترم على الإطلاق.

كيف ترى مستقبل الطاقة النووية فى مصر بعد الثورة، وخاصة أن النظام السابق كان يتبنى التوسع في إنشاء المحطات النووية لتوليد الكهرباء؟

مصادر الطاقة الحالية فى مصر تعد مشكلة على الاقتصاد والمواطن المصري، فإنتاج الطاقة في نهاية الأمر سلعة تخضع لقواعد الاقتصاد العالمي، ويتأثر سعر إنتاج الكهرباء بسعر المواد المستخدمة بتكلفة إنشاء المحطات وتكلفة التشغيل. يمكن تقسيم المواد الرئيسية المستخدمة لتوليد الكهرباء إلى 3 أنواع، أولها مواد مستخدمة بكميات ضخمة ويتأثر سعرها بالاحتياطات المتوفرة وتقلبات السوق العالمي مثل الفحم والبترول والغاز. الفحم أقلهم تأثرا أما البترول والغاز فإن الاحتياطات والتقلبات السياسية والمضاربات العالمية تؤثر تأثيرا كبيرا على سعرها. وحيث أن الكميات المستخدمة لتوليد الكهرباء ضخمة جدا فإن أي تحرك فى أسعار المواد الخام يؤثر تأثيرا كبيرا على سعر الكهرباء. وحيث أن إنتاج الكهرباء فى مصر 90% منها يعتمد أساسا على البترول والغاز، فإن الاقتصاد والمواطن المصري سيشعر بهذا التأثير سريعا، وسيرتفع سعر الكهرباء بشكل كبير وخلال السنوات القليله القادمة.

كيف إذا يمكن تأمين مصادر الطاقة في مصر بأسعار مناسبة؟

يجب أن أنبه أن أسعار الكهرباء سترتفع ارتفاعا كبيرا خلال السنوات القادمة وستكون عبئا على المواطن المصري ذي الدخل المحدود، إذا لم نتجه لأي مصادر طاقة أخرى لتوليد الكهرباء. ولحل هذه المشكلة أعتقد أنه على المدى القصير والمتوسط لابد من استخدام الطاقة النووية كأحد مصادر الكهرباء في مصر وخاصة للنمو المتزايد فى استهلاك الكهرباء وهو حوالى 7 % سنويا. السبب في ذلك هو أن إنتاج الكهرباء نوويا لا يتأثر بسعر اليورانيوم كثيرا، ولذلك إنقاذ مصادر الطاقة المصرية وتأمينها وبأسعار مناسبة سوف يتحقق فقط باستخدام الطاقة النووية على المدى المتوسط، وعلى الطاقات المتجددة على المدى الطويل.

والحقيقة لا يمكن الاستغناء عن الطاقة النووية محليا أو عالميا خلال الـ 30 عاما القادمة لتحقيق التوازن المطلوب بين أسعار إنتاج الكهرباء والتكنولوجيا المتوفرة والتحديات البيئية. حاليا العالم يعتمد على الطاقة النووية بنسبة 15%، وأنا شخصيا لا أجد أي موانع أن تعتمد مصر على الطاقة النووية بالقدر نفسه أو حتى بنسبه 7-8% فقط، مع تنمية استغلال طاقة الرياح والتوسع فى استخدام الطاقة الشمسية تدريجيا.

لكن المخاوف من استخدام الطاقة النووية تزايدت بعد حادث «فيكوشيما» في اليابان، خاصة من احتمال حدوث زلازل.. تعليقك؟

بناء مفاعل نووى عملية معقدة ومكلفة لمراعاة عوامل الأمان  فى التصميم والبناء والتشغيل وأن معظم تكلفة بناء أى مفاعل نووى تذهب أساسا لهذا الغرض. العالم به الآن 440 مفاعلا ينتجون ما يقرب من 15 % من كمية الكهرباء بالعالم، هذا بالإضافة إلى 250 مفاعل للأبحاث والتدريب في العالم، 40 % منهم موزعة مناصفة بين روسيا وأمريكا، و60% موزعة في 60 دولة من الدول الصناعية والنامية. يوجد بالعالم العربى 7 مفاعلات للأبحاث، في المغرب وليبيا ومصر والجزائر وسوريا. كل هذه الدول تستخدم الطاقة النووية أو تدير مفاعلات للأبحاث منذ الستينات، مصر أيضا بها مفاعلان نوويان أحدهما يعمل منذ الستينات. أريد أن أقول بذلك أن التكنولوجيا النووية تستخدم بشكل مكثف فى كثير من الدول بدون مشاكل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية