تصريحات الفنانين العفوية ودون حسبان قد ينقلب مفعولها بين لحظة وثانية، فلا يشفع حسن النية عند البعض من وقوع الكارثة ولا التبريرات تمحو تأثيرها من ذاكرة الجمهور حتى تنطفأ تدريجيا شعلات الغضب المحاصرة للممثل أو المغني ضحية الكلمات، وآخر المُتعرضين للأزمات إثر التفوه بآرائهم إعلاميًا أو خلال حفلات غنائية، هو الفنان يوسف الشريف بعدما أعلن، منذ يومين، رفضه تصوير مشاهد وصفها بـ «الساخنة» ضمن أعماله الفنية سواء السينمائية أو الدرامية.
إذ قال «الشريف» في لقاء تلفزيوني مع الإعلامي، رامي رضوان، إنه قرر عدم المشاركة في أي عمل فني به مشاهد ساخنة بعد أن نصحه والده بالابتعاد عن هذا النوع من الأعمال بسبب بعض اللقطات التي تضمنها فيلم «هي فوضى»، ٢٠٠٧، الذي كان يجسد فيه دورا رئيسيا، كما أوضح الشريف أنه: «يضع شروطا في عقود أعماله حرصا على عدم تقديم تلك المشاهد، مضيفا أن قراره تسبب في حرمانه من عدة أدوار وجعله محل سخرية من زملاء له في الوسط الفني.
تمر ساعات على التصريحات، وتنفجر الاعتراضات بين أبناء الوسط الفني، فيهاجم المنتج محمد العدل الفنان ونظرية الابتعاد عن تصوير مشاهد بعينها ضمن العمل الفني، وقال عبر «فيسبوك»: «انتهينا من تطبيق السينما النظيفة.. وبدأنا في تطبيق مرحلة عدم التلامس»، ويسبق كلمات المنتج تعليق بالرفض الواضح من المخرج أحمد على، على تصريحات يوسف قائلًا عبر «فيسبوك»: «الكلام كده بقى شبه كلام المشايخ اللي قالوا إن الجواز السينمائي جواز صحيح شرعا».
وأضاف المخرج: «وبعدين أنت ممثل خاضع لشروط العمل الفني ليس من حقك فرض شروط من خارجه إذا كان من حقك أصلا أن تتدخل في عمل من صلب مهنة المؤلف والمخرج مبدعا العمل الأصليين..»، في حين شكل عدد من الفنانين جبهة للدفاع عن تصريحات «الشريف»، فقال الفنان كريم فهمي عبر «انستجرام»: «الرجل دا أنا بحبه وبحترمه في العموم مخلص ومجتهد وحر في رأيه ويحترم».
وتابع فنان ثان وهو محمد أنور قائلًا: «ببساطة بيخاف ربنا ومش عاوز يغضبه وهو شغال بالمبدأ دا أكتر من عشر سنين وناجح بيه وربنا كارمه من وسع، وهو مش ضد اللي بيعمل عكس كده ولا شايف نفسه أكتر احتراما من حد.. وعلى فكرة هو صح والله العظيم وأنا نفسي اللي لسه ببدأ عملت حاجات وندمت أني عملتها ونفسي ربنا يسامحني عليها، افتكر أنك لما بتموت وأنت سايب صدقة جارية بتنفعك في قبرك وتزود حسناتك، ممكن تعمل عمل يعتبر ذنب جاري وبعد ما تموت يفضل يزود سيئاتك».
ولا تزال الآراء تتباين وجهاتها، بين المؤيدين والمعارضين، لكن «الشريف» ليس الأول بين الفنانين الذي يسقط في بحور من الجدل والاتهامات بفعل الاسترسال في الأحاديث المسجلة أمام المشاهدين وجمهور هؤلاء الفنانين، وسقطت الفنانة ميريام فارس في المشكلة ذاتها، حينما تحدثت عن ندرة حفلاتها الغنائية في مصر، العام الماضي، إذ قالت ردًا على سؤالها خلال مؤتمر صحفي على هامش فعاليات مهرجان موازين عن قلة حفلاتها بمصر إنها قبل الثورة كانت تقيم العديد من الحفلات، ولكنها الآن صار أجرها أعلى من السنوات الماضية، وهو السبب الذي ذكرته الفنانة.
وقالت «فارس»: «راح كون صريحة وأنتم تعرفوني أنا صريحة.. كبرت وعلي الأجر وصارت متطلباتي أكبر فأصبحت تقيلة على مصر، لا أكثر ولا أقل»، ونطقت بعباراتها وتضحك وتتحدث بما يدور برأسها، فتتلقى الاتهامات بالتعالي على مصر وتصدى الفنانين للتصريحات، فقال لها الفنان والملحن رامي جمال: «الفنانة اللي بتقول إنها بقت تقيلة على مصر ليا عندها فلوس بقالها سنة والله أدفعيهم الأول يا تقيلة».
وعلق الشاعر الغنائي أمير طعيمة عبر «فيسبوك»، قائلًا: «مصر اللي هي بلد أم كلثوم والعندليب والأطرش وعبدالوهاب وعمرو دياب وشيرين وتامر حسني وحماقي وعاشور.. تيجي واحدة لسة مولودة امبارح تقولك أنا تقيلة على مصر»، لذا سارعت الفنانة بالاعتذار وقالت في بيان: «لم أتعالى على زملائي الفنانين كما حاول البعض تحريف كلامي ولم أتعالى على الشعب المصري أنا التي وفي كل مقابلاتي الصحفية أقول وأعيد أنني انطلقت من لبنان ولكن نجوميتي منحتني إياها مصر».
وطالبت الفنانة بألا يزايد أحد على محبتها واحترامها وتقديرها لجمهورية مصر العربية والشعب المصري، وتابعت: «يؤسفني أن لهجتي اللبنانية وردّي المختصر فتح مجال لجدال كبير وسوء تفاهم أكبر»، واختتمت الفنانة اللبنانية بيانها بالقول: «أعتذر من الشعب المصري فقد خانني التعبير باللبناني، وكما قلت في المؤتمر الصحفي البارحة (تحيا مصر) أعيد وأكرر: (تحيا مصر)».
وقبل «فارس» وبالعام ذاته تسببت تصريحات الفنانة شيرين عبدالوهاب في إغضاب قطاع من جمهورها من النساء السعوديات، بتوجيهها رسالة إلى هؤلاء أثناء إحيائها حفلًا غنائيًا في الرياض، قائلة: «بما أننا لا نستطيع الاستغناء عن الرجال، فمن الأفضل أن نسمع كلامهم، لماذا نعذبهم؟… خلاص رفعنا الراية البيضاء»، وأنطلقت الانتقادات لـ«عبدالوهاب» رافضين نصائحها، حتى أن النساء بالسعودية أطلقن وسم على «تويتر»، لمطالبتها بالصمت، ولم تكتفي الفنانة بالتعليق الأول بل وصفت النساء الغاضبات من تصريحها الأول بـ«العوانس».
وقالت في حفلها الثاني بالسعودية، بعد كلماتها السابقة، ضمن فعاليات موسم الرياض الترفيهي: «لم أفهم لماذا غضبت الكثيرات من تصريحي السابق وأطلقن وسما ضدي.. أكيد دول شوية عوانس»، لذا عادت من جديد تتلقى الانتقادات، وكررت شيرين فعلتها، فقبل عام من تصريحاتها تلك ردت الفنانة على طلب إحدى الحضور في حفلها بإمارة الشارقة، بغنائها أغنية «ماشربتش من نيلها»، قائلة لها إن الشرب من مياه النيل يؤدي إلى الإصابة بمرض «البلهارسيا»، موجهة نصيحة لها بشرب نوع أخر شهير من المياه المعدنية الفرنسية.
لذا تعرضت إلى الانتقادات، وأصدرت نقابة المهن الموسيقية بيانا آنذاك، قالت فيه إن ما بدر من المطربة شيرين يعد «سخرية واستهزاءا بمصر»، وذكر البيان أن الحفل كان قد أقيم في الإمارات في شهر يناير عام ٢٠١٨، ضمن فعاليات مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية، وتعتبر تلك التصريحات هي الثانية من نوعها لشيرين.
وظهرت الفنانة في ٢٠١٧ في فيديو من حفل زفاف الفنانان عمرو يوسف وكندة علوش وتقول: «أنا موجودة أنا وأصالة لكن اللي بيحيي الفرح تامر حسني وحماقي ده مش تقليل منهم لكن احنا معندناش غيرهم وعاوزة أقول التاني شكلها كده راحت عليه كبر خلاص في السن واحنا اللي جايين»، من هنا أغضبت جمهور «دياب» ولم يرد الفنان على تعليقاتها، وتابعت حول وصفه بـ«الهضبة» في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه «كل يوم»: «لو هو هضبة أنا هرم».
ونفس عام تصريحات «عبدالوهاب» عن «دياب»، كانت شيرين رضا تتعرض للانتقادات بفعل مهاجمتها بعض أصوات المؤذنين، مطالبة بتفعيل قرار توحيد الآذان، فقالت في برنامج «أنا وأنا» مع المذيعة سمر يسري: «.. فيه أطفال بيصحوا مفزوعين، هو ده أسلوب الصلاة؟ يالا أفزعك علشان تصلي».
وتابعت «وبعدين الراجل اللي بيجعرلي في الميكرفون ده، هو أنت مش سامع صوتك ولا أنت قاصد تعمل كده؟.. دي أسئلة عندي، هو فين قرار توحيد الآذان؟.. هو احنا مش عايزين سياحة؟ ليه أجانب وهم ماشين في الشارع يسمعوا الجعير ده«، لذا أغضب متابعين الحلقة، لكن استقبلت وزارة الأوقاف رأيها بشكل إيجابي.
وقال الدكتور جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، في مداخلة هاتفية ببرنامج «90 دقيقة» والمذاع عبر فضائية «المحور»، إن وزارة الأوقاف تفهمت كلام الفنانة شيرين رضا تمامًا، وكلامها غيرة على الإسلام، مؤكدًا أن الوزارة تختار المؤذنين بدقة فائقة لكي نُريح المواطنين في أداء شعائرهم الدينية.
ويزاحمها لأخذ القليل من الهجوم، الفنان محمد ممدوح فمبجرد اعترافه على الهواء في برنامج «أنا وأنا»، أنه لا يحب الاستماع لأم كلثوم وهي تغني لأنه يشعر بالصداع لكن يحبها على المستوى الشخصي، يتعرض للهجوم على رأيه، ويقرر إيضاح موقفه من كوكب الشرق في برنامج «تفاعلكم»، المذاع عبر قناة «العربية»، لافتا إلى أن الجمهور على حق وهو خانه التعبير عن وجهة نظره.
ومن بين تلك القائمة، الفنانة فيفي عبده التي أطلقت أمنيتها حول عام ٢٠١٨، متسببة في جدل، إذ أجابت على سؤال مذيع بقناة «الشرقية» العراقية: «لو تختاري شخص واحد معاكِ في السيلفي يكون مين؟»، وترد: «اختار ربنا سبحانه وتعالى» فهاجمها الجمهور.
كما طالت الانتقادات الفنان محمد رمضان، ٢٠١٧، بعد إشارته إلى أن الفنان الراحل إسماعيل ياسين أساء للجيش المصري، من خلال شخصية الجندي، التي قدمها بشكل غير لائق من خلال بعض أفلامه.
لكن تدارك الموقف بتوضيح المغزى من التصريحات، ومدى حبه للراحل، لذا خرج في فيديو بـ«انستجرام» يقول: «أكثر ممثل بيضحكني وأفلامه كلها حافظها ويشهد على كلامي الأستاذ الشاعر أيمن بهجت قمر»، وعن تصريحاته قال: «التصريح بالفعل مستفز ومالوش علاقة بشخصيتي وعمر ما كان الكلام دا رأيي في الراحل، وأتمنى أن أسرة الفنان يكون وصلهم حق التوضيح وكامل احترامي وتقديري للفنان».