x

«الكاهن الباكي» في المنيا يكشف الأسباب.. ما علاقته بـ«كورونا»؟

الجمعة 17-04-2020 21:03 | كتب: مادونا عماد |
تصوير : آخرون

بكاء وتهدُّج بنبرات صوت، كاهن كنيسة مارجرجس الروماني بعزبة أبوغطاس العدوة بالمنيا، أبونا ويصا فايز بسنتي، اجتازت مسامع المسيحيين، الذين يعيشون حالة من الحزن، هذه الأيام، تأثرًا بآلام السيد المسيح بالتزامن مع الامتناع عن الصلاة بالكنيسة، تنفيذًا لقرار البابا تواضروس الثاني بغلق الكنائس الأرثوذكسية، منذ سيطرت قبضة الفيروس الوبائي «كورونا» على العالم، فيزيد كمد الأب ويصا من ضيقاتهم.

إذ ظن هؤلاء المُستمعين إلى صلوات الكاهن الممتزجة بالبكاء، في دير القديس أبونا يسى ميخائيل، بأم دومة وطما في سوهاج، وتدولها البعض بمواقع التواصل الاجتماعي، أن الذبذبات الصوتية تعكس أوجاع الكاهن، راغبًا في رثاء العالم كتضامن مع أرواح ضحايا الفيروس أو هو صراخ إلى السماء ينبع من الحزن على فراق الكنيسة بالأسابيع الأكثر قدسية في العام.

لم يكن الكاهن يقصد رسالة أو مشاعر تتعلّق بـ«كورونا»، فالواقعة حدثت قبل اجتياح الفيروس العالم، وزيادة حجم الكوارث الناجمة عن المرض الوبائي، لكن انتشار الصرخات في زمن الحرمان من بيت الله عند المسيحيين، جعل البعض يسارعون بالربط بين المشهد الذي يعيشونه وحزن الكاهن، فتلامس الحادثين مع أوجاعهم وزاد بكاء الكاهن من آلامهم.

لكن بالتواصل مع أبونا ويصا، أوضح لـ«المصري اليوم» أن ما أبكاه شعور بعدم الراحة والقلق باغته أثناء صلاة القداس (صلوات تجمع المسيحيين يومًا) بدير القديس أبونا يسى ميخائيل، في الأسبوع الأول من مارس الماضي، قائلًا: «عندما أبكي بصلاة القداس أقول داخلي: ربنا يستر، لأنني كلما بكيت أجد شيئًا يحدث وكانت الصلاة قبل غلق الكنائس».

بمجرد إنهاءه القداس ألتفّت الراهبات بالدير حول الأب، مُقدمين النصائح للأب مُعتقدين السبب في البكاء هو الحزن على أمر شخصي، وقُلن: «صلّي يا أبينا حتى يرفع الحزن عنك فهي محاربات الشيطان للنفس»، تقبل الأب النصائح كمدًا فهو ينزعج قليلًا من التركيز في تصرفاته العفوية، لكن يبدو أن البكاء أثّر بالراهبات الحاضرات للقداس.

وأنصرف الكاهن عائدًا إلى المنزل مع الزوجة وزوج شقيقتها، بقلب مُنقبّض مرددًا عبارة «ربنا يستر ومايحصلش حاجة» في طريق العودة، لا يعلم ما سيقع هذه المرة فشعوره تكرر من قبلها بأيام، يوم غزت الأمطار شوارع مصر، وضُربت الشوارع بعاصفة التنين، في الأسبوع الأول من مارس، حسبما ترجم الأحداث في عقله، وتابع بعفوية: «بعدها انتشر الفيروس».

أما حادث البكاء وكواليس المشهد، فأوضح الكاهن أنه ليست المرة الأولى، التي تتحرك مشاعره ويصلي فتذرف الدموع، ويقول: «هناك عبارة هي من بكيت بسببها في الدير وحينما أحس بالقلق أبكي عندما أقرأها بالقداس الغريغوري (هو قداس رتّب صلواته القديس غريغوريوس)، وهي عبارة (بذلت ظهرك للسياط وخديك أهملتهما للطم لأجلي يا سيدي..) والتي تتحدث عن السيد المسيح وكم تحمل من آلام الصلب حتى يرفع عن العالم الخطايا».

ويتابع الكاهن، الذي قضى 24 عامًا بالكهنوت ونشأ بعائلة أغلبها كهنة، حتى عرف بيت العائلة بـ«بيت القمامصة»: «كلمة لأجلي يا سيدي تأثر فيّا جدًا.. تذكرني بخطيتي وخطية الشعب، وكيف أصبح إيماننا المسيحي مجرد عادات روتينية فقط وكأننا موظفين وخدمتنا لابد من أن تكون من القلب، فالبابا شنودة الثالث قال: لو صلينا القداس من القلب العالم سيتغير ونحن سنتغير».

وعن عدم رغبة الكاهن في توضيح أسباب البكاء، بالتوضيح عبر «السوشيال ميديا»، إذ تتناقض العلة مع افتراضات البعض بأن البكاء ردًا على غلق الكنائس، لذا قال الأب ويصا: «لا أحب التعليق طالما ليس هناك إساءة فهم تضر فلا أعلق، و(يستكمل ضاحكًا) السوشيال ميديا فضّاح، فأنا لا أفضل المدح أبدًا ولا إظهار ذاتي.. كل القصة أني عندي حنية زائدة عن اللزوم تجاه كل شئ».

ويقاسي الأب ويصا، هذه الأيام، حال الكثير من الكهنة ورجال الدين المسيحي، منذ خضعت الكنائس الأرثوذكسية لقرار البابا تواضروس الثاني بالغلق التام، إذ اعتادوا الذهاب للكنيسة والبقاء داخلها ساعات يوميًا، وتحديدًا ذاك الأسبوع المقدس.

وبداية من أحد السعف، وهو الأحد الماضي، يوم دخول السيد المسيح إلى أورشليم ويوم الأحد الآخير من الصوم الكبير، ذاك اليوم المُفرح الذي مر على الكاهن بالكاد، فلم يقدر على إخفاء دموعه أمام أسرته، وبكى تأثرُا بحرمانه من الكنيسة، فللمرة الأولى لا يصلي بكنيسته قداس السعف.

وقال معبرًا عن ما ألم به من ضيق قائلًا بعفوية وكلمات بسيطة: «كنت أود الإنفلات في العياط فهذه الأيام مُباركة، وبكيت فحزنت زوجتي وقالت: ليه يا أبونا تبكي ثاني، وتركت أسرتي ودخلت غرفتي لاستكمل بكائي».

وحتى يبث بين أسرته شعور التواجد بالكنيسة، في هذا الأسبوع الذي يُعرف عند المسيحيين الأرثوذكس بأسبوع آلام السيد المسيح، والذي ينتهي غدًا يوم سبت النور، وضع صورة السيد المسيح المصلوب، منذ أيام، على طاولة حتى يجتمعون للصلاة أمامها ويمتلئون بالطمأنينه والسلام.

وقال: «عملنا كنيسة في البيت وقاعدين أنا وزوجتي في البيت نصلي، فأنا مصاب بحساسية الصدر وهي مريضة بالقلب».. يؤمن الكاهن بأنها أيام وستمر، مُختتمًا كلماته: «هتعدي وهنفرح والله سيبدد الوباء عما قريب».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية