x

أيمن الجندي وسائل لتحسين الدخل أيمن الجندي الجمعة 10-05-2013 21:58


أمسك بالشيك الذى يحتوى على نصف مليون جنيه وشرع يتأمله. لأول مرة فى حياته يملك هذا المبلغ. لكنه غير سعيد بالمرة. آه ما أبهظ الثمن الذى دفعه من أجل الحصول على هذا النصف مليون.

انقلبت حياته رأساً على عقب منذ أن دخل هذا المكتب الغريب. يحاول الآن أن يتذكر من الذى أخبره عنه لكنه لا يتذكر. لو تذكّر لحاول أن يفهم منه، أو على الأقل لتشاجر معه ولاتهمه بإفساد حياته. لكنّ ما يخيفه ويصيبه بالقشعريرة أنه عرفه من تلقاء نفسه. هذا هو المرعب فى الأمر. فجأة صار يعرف بوجود هذا المكتب العجيب وتسوقه قدماه إليه دون إرادة منه.

الذى تلقّاه عند الدخول رجل مسالم تماماً. له صلعة أبوية وملامح حانية تمتص غضبك. دعاه إلى الجلوس على كرسى مريح نصف قديم. لم يكن هناك تكييف، بل مروحة سقف تجلب هواءً رطباً. أنتظر حتى يفرغ الموظف من عمله وشرع يتأمل المكان. له طابع المكاتب الحكومية العمومية. وأشعره ذلك بالراحة. لو كان هذا المكتب راقياً ومكيفاً لفرّ منه على الفور. لكن الأمور تدعو إلى الرحرحة والاطمئنان.

التفت إليه الموظف الأصلع أبوى الطابع. قال له متلعثماً إنه سمع أن هذا المكتب يساعد من يلجأ إليه على الحصول على دخل إضافى. سأله الموظف عن دخله الشهرى فخجل أن يذكر الرقم الحقيقى. وهنا حدث أغرب شىء فى العالم. نصحه الموظف بأن يقبل بوضعه الحالى فربما جاء المال وفى أعقابه المصائب. وبرغم أنه حمد الله إلا أن عينيه قالتا بوضوح إنه يبغى المال وليكن ما يكون. مهما جرّ من بلاء لن يكون أسوأ من فقره المزمن. والغريب أيضاً أن الموظف لم يحاول أن يجادله حتى بدا الأمر وكأنه يستوفى أوراقاً معينة تجبره على قول ذلك.

قال الموظف بلهجة عملية وهو يناوله ورقة: «سوف يقوم المكتب بتحصيل نسبة الخُمس من أى دخل يأتيك فى السنة القادمة يفوق دخلك مهما كانت وسيلة حصولك على هذا الدخل». وضع توقيعه على الفور، ثم قام الموظف ليودعه وهو ينظر إليه فى شبه رثاء. عند الباب قال له بلهجة ذات مغزى إن عليه أن ينتظر ولن يطول الانتظار.

حينما سمع بمصرع ابنه تحت عجلات سيارة طائشة يقودها مراهق لم يربط بينه وبين المكتب. تبين أن المراهق الذى لا يحمل رخصة كان يتبارى مع أصدقائه! والأهم أنه ابن أحد كبار الأثرياء الذين لهم نشاط سياسى معروف فى المجتمع ويهمه ألا يتسرب الخبر إلى الصحافة. ورغم ما ادعاه الفتى المراهق من أن شخصاً مجهولاً دفع الضحية أمام سيارته ليلقى مصرعه، إلا أن التسوية تمت فى سهولة لافتة، وأبدى الثرى المعروف سخاء غير معهود. وحصل الأب مقابل التنازل على نصف مليون جنيه، وقتها تذكر الشركة وتذكر الاتفاق.

ولم يطل انتظاره بالفعل. جاءه الخطاب المنتظر يحمل طابعاً شبه حكومى يطالبه بتنفيذ الاتفاق. وفى نهاية الخطاب جملة صغيرة مقتضبة: «نرجو أن تكونوا قد استفدتم من خدماتنا، ويسرنا أن نخطركم بانتظار نقود كثيرة مماثلة حتى نهاية هذا العام».

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية