هذه القصة الواقعية التى نشرتها المواقع الإخبارية منذ أيام تنتمى إلى الكوميديا السوداء. كثيراً ما يفاجئنا القدر بغرائب لو سطرها كاتب لقالوا إنه يبالغ! إنها قصة هذا الفتى المراهق المنحوس. هو بالطبع لا يعرف أنه ضحية مؤامرة كونية أطرافها الهرمونات الخطرة التى تتدفق فى دمه وتلهمه طلب نصفه الآخر! وشهر إبريل القلق على حافة الربيع! والروائح العطرية التى تفوح من النباتات. ونداء الكروان المجلجل فى سماء المدينة ينادى على أنثاه.
بالطبع لا يدرى الفتى المسكين ذلك كله! هو فقط يعرف أنه بحاجة إلى أنثى يصب عليها عواطفه صبّا. عواطفه القلقة وغير المستقرة. يسمع الأغانى طويلاً. يحملق فى البنات كثيراً. لا يكف عن حلاقة شاربه متعجلاً إياه أن ينمو. لا يطيق النظر إلى الكتب، ويفكر طيلة الوقت فى البنات.
على الجانب الآخر كانت هناك بطلة الحكاية القادمة. مراهقة من ملايين الفتيات المصريات اللواتى يملأن الشوارع ولا يعرفن كم هن فاتنات. صحيح أن الطبيعة لم تسخ عليهن بألوان باهرة! هى ليست شقراء ولا بيضاء ولا ذات عيون ملونة، بل هو السمار المصرى الذى تغنّى به الشعراء. وهبتها الطبيعة أيضاً جسداً بارع التشكيل. كل شىء محسوب بعناية، الخصر الدقيق، التدوير المثير الذى لا يقدره حق قدره إلا فنان تشكيلى قدير. هى كسائر البنات المصريات لا تعرف الكنز الذى تمتلكه، والذى ستفقده على الأرجح بعد عام واحد من الزواج.
أتصورها ترتدى غطاء للرأس على سبيل الحشمة. هذا كل علاقتها بالحجاب! أما جميع تفاصيل الجسد فتبرزها بعناية وكأنها تمثال عارٍ. هذه الفتاة -كما نشرت المواقع- مرت بتجربة عاطفية محبطة. هجرها حبيبها وتعلق بفتاة أخرى! بالطبع كان بطل قصتنا على أتم استعداد لكى يكون البديل.
هنا يحدث اللقاء المحتوم بين البطل والبطلة. لا بد أنهما تعارفا بشكل ما! ربما هى جارته! أو زميلته! أو غازلها فأبدت عدم الممانعة! أو كان صديق حبيبها الأول! أو أى شىء مما يتعارف به الشباب. وهكذا تهيأت الفرص لتبدأ دورة الحب من جديد.
وكان لابد للبنت أن تشتكى! وكان لابد للفتى أن يواسى، على أمل أن يصبح فى المستقبل حبيبها الجديد. تواعدا على الخروج. أستطيع أن أتصوره مفلساً لا يملك إلا شبابه وأحلامه. يأخذها فى نزهة فى النيل.
أتصور أنه منح صاحب المركب معظم ما يملكه. ها هما الآن على سطح القارب. القارب يتهادى فوق النيل. أمواجه الساحرة تتلألأ تحت شمس الأصيل. النسائم المنعشة تهب عليهما مبللة بالدموع. أكاد أشاهده وهو يقترب منها، يتودد إليها، لكن الفتاة حبيسة التجربة الفاشلة! تبكى، تترقرق الدموع. تحكى تفاصيل خيانة حبيبها الذى حطم قلبها وآذاها فى الصميم. وفجأة- كما تقول محاضر الشرطة- تقطع روايتها وتقول له: «ابقى اقرا الفاتحة على روحى» ثم أمام عيونه المذهولة تقفز فى النيل.
الولد المنحوس الذى عاش يحلم بالحب ينظر مشدوهاً لا يصدق ما حدث، عاجزاً عن التصرف، عاجزاً عن القفز خلفها فهو لا يجيد السباحة. وحين تغرق الفتاة أمامه لا يملك سوى أن يفكر: ترى هل سيصدقه البوليس؟.