«حكايات شارع حسن المأمون» متتالية قصصية للكاتب محمد مصطفى الخياط وقد صدرت حديثا عن المجمع الثقافى المصرى وتدور أحداث هذه المتتالية القصصية بين منطقتى عين شمس، وتحديدًا محيط شارع أحمد عصمت، وشارع حسن المأمون بمدينة نصر. وتتمتع المتتالية بتدفق سردى ووصف مشهدى يجعلك تعايش التجربة والمكان خاصة أن شخوص العمل تشعر أنهم «مننا وعلينا»، وكأنك تعرفهم فتشعر وكأنك تشاهد الوقائع وتسمعها، وتتحرك بنفسك على مسرح الحدث وتبدأ التجربة باقتراب موعد خروج عبدالله الراوى إلى المعاش فيقرر أن يشغل نفسه بعمل ما، يتذكر محاولاته الساذجة فى الكتابة ونشره بعض الرسائل فى بريد القراء بالصحف وكتب لم تلق رواجًا يذكر، حتى لدى من أهداهم إياها، ومع إصراره بأن من نالتهم الشهرة لم يحصلوا عليها إلا بضربة حظ والقدرة على الوصول إلى الشاشات، يقرر كتابة حكايات الشارع الذى يقيم فيه والشوارع ذات الصلة به منتظرًا أن يتهافت عليه مخرجو السينما ليحولوها إلى فيلم. يفتتح الراوى، حكاياته بوصف عام للمنطقة ونشأتها وتغير ملامحها مع مرور الوقت وذكر لبعض السكان والمعارف، ومن هنا تتسرسب القصص التى يحكيها بأسلوب أشبه للسرد الذاتى، تتشابك خيوطها حينًا وتنفصل حينًا آخر، وتتنوع الشخصيات بين ذوى المناصب والمهمشين ودور كل منهم فى حياتنا. نزل فرج القاهرة للعمل فى المحافظة بعد ما توسط له البيك الكبير، تسلم عمله فى شارع حسن المأمون مسؤولًا عن جزء من الجزيرة التى تفصل جانبى الطريق، يهتم بزراعتها ويرعى زهورها ومع الوقت أحس أنها مملكته، لذا كاد عقله يطير عندما رأى اللودر يأكل خديها تمهيدًا لتوسعة حارات الشارع وكأنه يقتطع من جسده وتتوالى الأحداث.
فى نهاية الشارع، حيث النادى الأهلى، تعرِض القصص زخما بشريا متنوعا، تحول سيد الأوانطة المقيم بعين شمس من النصب على خلق الله إلى سايس سيارات أمام النادى ومع توسع العمل صار يتابع صبيانه ويدير أعماله مستظلًا بأحد أشجار فرج وباسطًا نفوذه على الشارع، فأم محمد بائعة الشاى تدفع له شهرية مع بعض أكواب الشاى اليومية، وكذلك أهداب السورية التى يقع إبراهيم القُطة، أحد صبيانه، فى حبها، لكنه يلقى معارضة أمه لرغبته الزواج من أرملة لديها طفلان علاوة على كونها غير مصرية. أما سميحة التى تقطن فى عين شمس فتحلم بالوظيفة الشيك والشلة الثرية، وفيزا لا تعرف حدودًا للصرف، لكنها تفيق على عملها فى بيع المفروشات وحملها لقب «سميحة مفارش» ثم زواجها من فاروق السنى. ومن سميحة إلى سامح المغرم بالرسم والفنون الواقع فى أزمة جراء فتوى شيخ متشدد أخبره أن الفن حرام وأن عليه أن يختار بين رغباته وطاعة الله، تركه الشيخ فى حيرة وقلق نفسى يقرر على إثرهما ترك الفن ودراسة اللغة العبرية التى يُطلق على طلابها (دفعة شالوم) فينغمس فى دراستها ويحصل على الليسانس ثم الدكتوراه ويدرس فى بعض الجامعات ليتعرف فى إحداها على معيدة فى كلية الفنون الجميلة، يتذكر أيامه الأولى وكيف أفسدت فتوى واحدة حياته وحياة كثيرين غيره، وتتطور العلاقة بينه وبين جيهان ويتزوجان. وتتوالى أحداث المتتالية وتتشابك مع تعدد الشخصيات وخلفياتها، الدكتور عقل صاحب المركز المرموق، رضا الخضرى وزواجه من زميلة الجامعة بعد الستين، حباطة وحلم امتلاك كلب بوليسى تحول إلى كارثة بعد ما تسبب فى كشف متعاطى المخدرات بالشارع، أهداب السورية ورحلة عذاب طويلة بداية من فقد الزوج فى الحرب إلى الهجرة إلى مصر والعمل فى بيع الحلويات إلى الهجرة، مرة أخرى، إلى أوروبا، وغيرهم من شخصيات تكشف لنا مستويات مختلفة من المجتمع. حكايات تشبه حكاياتنا، ومواقف تشبه تلك التى نواجهها فى حياتنا اليومية، كلها فى (حكايات شارع حسن المأمون).