قال محللون: إن سلوك الرئيس الجديد محمد مرسي، بعد إعلانه إنهاء علاقته التنظيمية بالإخوان المسلمين، إثر فوزه بالرئاسة وكذلك سلوك الإخوان، هو الذي سيحدد مدى نجاح مرسي كرجل دولة ومآل الاختبار التاريخي الذي تمر به هذه الجماعة التي أصبحت عمليًّا في مواجهة مع عمق الدولة المصرية.
ويعتبر وصول قيادي إخواني سابق إلى هذا المنصب الأرفع في مصر، بعد تاريخ من الصدام مع الدولة بدأ في أربعينيات القرن الماضي واستمر حتى قبيل ثورة 25 يناير 2011، أثار الكثير من التوجس والمخاوف من انكشاف عمق الدولة على التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
وقال أحمد النجار، رئيس تحرير التقرير الاقتصادي العربي، إنه «حتى الآن لم يحدد مرسي طبيعة العلاقة مع الإخوان، هذه الجماعة الغامضة التي كان النظام يقول دائمًا إنها محظورة مع أن مقراتها غير محظورة ومعروفة».
وأضاف أن الرئيس مرسي «أعلن انفصاله تنظيميًّا عن الإخوان ليتحلل من البيعة للمرشد، والحكم سيكون على سلوكه وأدائه.. ولو اختار أن يظل في قوقعة الجماعة مع فكرة خروج شكلية، فسيؤدي ذلك إلى توترات كثيرة وسيكون من الصعب عليه تحقيق الاستقرار والنجاح».
من جهته، أشار عبد المنعم سعيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن «مرسي في الجماعة منذ كان عمره 17 عامًا وله ولاء كبير ولم يعرف عنه اختلاف مع الإخوان أبدًا.. وعليه بالتاكيد ضغوط من الإخوان، بعضهم يرى أنه جاهد وسجن وقام بحملة انتخابية وفاز بالانتخابات، فلديه حق شرعي أن يحكم»، مضيفًا أن «الأمور ستتضح أكثر مع تشكيل الفريق الرئاسي والحكومة».
وأوضح سعيد، العضو السابق في مجلس الشورى، أن مرسي قد يفصل الحكومة عن الرئاسة بحيث «يترك الإخوان حوله في الرئاسة ويترك مشاكل البلاد في أيدي المتخصصين»، مستلهمًا في ذلك تجربة الإخوان مع مجلس الشعب المنحل ومجلس الشورى.
ويقول : إن جماعة الإخوان المسلمين «أصبحت الآن جزءًا من النظام، وأصبح لا بد من الوضوح واحترام القانون»، مشيرًا إلى أنه بداخل الجماعة «اتجاهات مختلفة في الموضوع ولو اتخذوا وضع الجمعية الأهلية الخاضعة لرقابة الدولة ستتغير أمور كثيرة»، في علاقتهم بالخارج وبالداخل.
وردًّا على سؤال يتعلق باحتمالات الصدام مع المجلس العسكري، أجاب سعيد أنه لا يرى «مجالاً للصدام خلال هذه المرحلة، فالوضع لم يعد مثل ما كان في الماضي (خصوصًا في عهد جمال عبد الناصر) مجلس قيادة ثورة في الحكم والإخوان في الشارع، فالمجلس العسكري ليس مجلس قيادة الثورة، بل الرئيس مرسي هو الأقرب لتمثيل الثورة، ولكل طرف منهما الكثير من المهام التي تشغله حاليًا وتجعله يبعد عن منطق الصدام».
غير أن عبد الحليم قنديل، أحد أشرس معارضي حكم مبارك، يرى أن مرسي لا يملك في الواقع أي سلطة ليهيمن، فالحاكم الفعلي لمصر هو المجلس العسكري بموجب الصلاحيات الواسعة، التشريع والرقابة المالية والرقابة على صياغة الدستور، التي منحه إياها الإعلان الدستوري المكمل الصادر في 17 يونيو الماضي، قُبيل تولي مرسي الرئاسة.
ويرتبط مدى تمكن الرئيس الجديد من جهة وجماعة الإخوان المسلمين من جهة أخرى، في التلاؤم مع ضوابط الدولة المصرية وأسسها الاستراتيجية «العميقة» المستمرة منذ عهد محمد علي باشا.