«اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه». المرء كثير بإخوانه، ولا يأكل الذئب من الغنم إلا الشاردة، ومن كرم الله - سبحانه وتعالى- أنه هو الوحيد الواحد الأحد الذى يحاسبنا على نوايانا.. فأصبحنا نحن البشر دون أن ندرى ننقب عن خبايا الناس وكأننا نرى نواياهم، وهذه كارثة كبرى.. قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه «كنا نحكم عليكم والوحى ينزل، أما ولا وحى فمن فعل خيراً أو قال خيراً ظننا به خيراً»..
فنحن على مدار 24 شهراً لم نكسب القلوب ولم نتودد إلى الناس ولم نحترم أفكار الناس، فنحن لا نختلف على آية التوحيد فنحن نختلف على آراء، قال تعالى «وَلَوْ شَآءَ رَبّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ».. ما يحدث فى مصر الآن هو شجرة الكبر، والكبرهو بطر الحق وغمط الناس، أى التقليل من رأى الآخر..
فلابد أن نسمع إلى رأى الآخر حتى وإن لم نتفق معه.. فمصر بلدنا لن تهجرنا ولن نهجرها.. لن يهاجر أهلها منها وهى لن تهجرهم، ولكن ستهجرنا النعمة التى أنعم الله بها على مصر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للسيدة عائشة «يا عائشة أحسنى جوار نعم الله عندك، فما من قوم لم يحسنوا جوار نعم الله عندهم، إلا وزالت منهم، وقلما عادت إليهم، فالنعمه دابة شرود لا تقيد إلا بقيد الشكر فإن لم تقيدها بقيد الشكر نفرت فإن نفرت ذهبت إلى من يستحقها»..
فالله سبحانه وتعالى يحمى هذه البلاد وحاميها منذ القدم، فلماذا أهلها يقومون بتدميرها فى أول انتصار لنا على مدى سنوات طويلة بثورة 25 يناير، فلذلك لابد أن ننحى الكبر جانباً، فما المشكلة فى أن نستمع لبعض، فالقرآن الكريم من صدقه روى ما قاله الكفار، فمثلا ذكر فى القرآن فرعون حين قال «أنا ربكم الأعلى»..
فنحن نمر بأزمة ثقه بين الحكام والحاكم، وهناك أزمة ثقة فى القضاء وأحكامه، فأزمه الثقة لن تعود، ونحن نتكبر، قال تعالى «وَمَن لَّمْ يَجْعَل اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مًن نُّور»، فكلنا مصريون وكلنا شركاء فى هذا الوطن، ولا يوجد منا من هو أكثر وطنية من الآخر، فبدلاً من أن نقدم لمصر كلاماً لابد أن نقدم عملا.. فما الثمرة التى جنيناها من كثرة الكلام وكثرة التراشق، فعمل رجل فى ألف رجل خير من قول ألف رجل فى رجل.