تعجّب الكثيرون من موقف أهالى إحدى قرى محافظة الدقهلية، الذين رفضوا «إكرام» الطبيبة المتوفاة بفيروس كورونا- وهى للعلم لم تكن ممارسة للطب بسبب مرضها المزمن- لم يكن موقف هؤلاء هو الوحيد من أهالى القرى، الذين يوصفون دائماً بالنبل والشهامة، بل سبقته عدة مواقف مشابهة، فقد منع طبيب من دفن والدته، أصيبت بالعدوى منه لمخالطته مرضى بالفيروس.. ومنع أهل قرية أخرى دفن أحد أبنائهم كان مصاباً أيضا.. وجيران يطردون طبيبة تعمل فى مستشفى العزل بالإسماعيلية، خوفا من انتشار الفيروس بينهم عن طريقها.
يرى البعض أن هؤلاء لديهم «الحق فى الخوف» من العدوى، بسبب أنه لم يقم أحد من وزارة الصحة أو وسائل الإعلام بتوعيتهم بالإجراءات الاحترازية بشكل أكثر عمقًا، بالرغم من أن هؤلاء هم أنفسهم الذين يتجمعون ويتجمهرون ويخرجون إلى «حال سبيلهم» دون ضرورة للخروج، فى الوقت الذى حذرهم فيه الإعلام مراراً وتكراراً من «التجمعات»، وذلك خوفاً من «عدوى الأصحاء» وليس «عدوى الأموات»، وذلك بناء على تعليمات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، كل هذه المواقف اللاإنسانية، «لم تنضح» على أصحابها «بين يوم وليلة»، ولن نقول إن «الجشع والانتهازية» ظهرا فجأة عند الكثير من التجار مع بداية ظهور كورونا فى مصر.
لقد حدثت مواقف أمامى شخصيًا، من بينها تاجر ناقشته عن استغلاله للكمامات والكحول وقت أزمة قد تطولنا جميعا دون تفرقة، فإذا به يرد بهدوء يُحسد عليه: «السوق عرض وطلب»، وعندما رفضت «وسيلته» للوصول إلى أكبر مكسب ممكن، وأنه قد يقع هو نفسه أو أحد من أهله فى «شِباك الفيروس»، رد بأريحية أشد: «ربك ستار»، هؤلاء يطلبون الستر من الله وهم يتخذون الاستغلال مسلكاً لهم، هناك من سرّح عاملين أصبحوا فى صفوف العاطلين الآن.
قيل إن زوج الطبيبة المتوفاة - وفقا لأحد أبناء القرية - «خيره على الكل»، وله مساهمات خيرية كثيرة، هل فكر هؤلاء وهم يمنعونه وهو فى أضعف لحظات حياته بعد فقده رفيقة عمره، فى (الخير الذى قدمه لهم) يوما ما، فيردونه له، هل فكر أحد فى التصدى لجشع تاجر واحد؟، هل فكر صاحب عمل سرّح عماله أو لم يقم بمنحهم رواتبهم كيف يعيشون وسط هذا الاستغلال؟!.
لابد أن نعترف بأن الغالبية العظمى منا قد فقدوا إنسانيتهم قبل ظهور «كورونا» وزادهم الوباء «تجبرا» ولم يعد الموت واعظا لهم، وبالتالى لن يكون الوباء أكثر وعظا، ويبدو أن الكثيرين قد «استوعبوا واقعهم» بطريقة خاطئة ليس فيها من الإنسانية شيئا، فالإنسانية لا تحتاج إلى ظهور كورونا، وآخر دعوانا كما يقول رسولنا الكريم: «اللهم إنى أعوذ بك من دنيا تمنع خير الآخرة».