فى حلقة جديدة من مسلسل حرب الصلاحيات بين قصر قرطاج الرئاسى وقصر القصبة الحكومى، رفض رئيس الحكومة التونسية الأمين العام لحركة النهضة حمادى الجبالى قرار رئيس الجمهورية منصف المرزوقى بـ«إنهاء مهام» محافظ البنك المركزى مصطفى كمال النابلى.
ونقل موقع «ميدل إيست أون لاين» الإخبارى عن الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون الاقتصادية، رضا السعيدى، قوله «إن قرار رئيس الجمهورية الخاص بإقالة محافظ البنك المركزى لم يحظ بمساندة رئيس الحكومة»، مضيفا: «سيحافظ النابلى على منصبه كمحافظ للبنك المركزى».
يذكر أن الجبالى استقبل، الثلاثاء، مصطفى النابلى بصفته محافظ البنك المركزى وأعلمه بأن رئاسة الحكومة «لم تتلق قرارا رسميا بشأن إقالته»، مؤكدا له أنه «لا نية له فى إقالته وأنه يحظى بثقته».
وكان المرزوقى قد أصدر يوم 27 يونيو الماضى «قرارا جمهوريا» يقضى بـ«إنهاء مهام» مصطفى كمال النابلى دون أن يقدم إيضاحات حول سبب الإقالة. وأوضحت الرئاسة أن «القرار الجمهورى» بعزل النابلى (64 عاما) تم «بالتوافق مع رئيس الحكومة» حمادى الجبالى.
وكشفت صحيفة «المغرب» التونسية أن «المرزوقى» الذى ضاق ذرعا من «إهانات» الجبالى له ومن تجريده من أغلب صلاحياته «استغاث» برئيس النهضة راشد الغنوشى الذى تدخل لـ«إطفاء» حرب الصلاحيات مع رئيس الحكومة. وعمقت المعركة حول «صلاحيات المرزوقى» المخولة له قانونيا بصفته رئيسا للجمهورية وصلاحيات الجبالى بصفته رئيسا للحكومة أزمة سياسية، بدأت ملامحها تتضح داخل الائتلاف الحاكم حتى إن المحللين لا يترددون فى القول «إن الجبالى بالغ فى إهانة رئيس الجمهورية»، مضيفين أن «قيادات من النهضة، مثل الغنوشى، منزعجة من إهانة الجبالى لرئيس الجمهورية ومن (الطريقة الحادة) التى يعامله بها».
وقال المحلل السياسى والإعلامى، صلاح الدين الجورشى: «إن الأزمة السياسية التى تتخبط فيها البلاد منذ تسليم البغدادى المحمودى آخر رئيس للوزراء فى حكم العقيد القذافى كشفت مشكلة رئيسية تتعلق بالصلاحيات التى هى جوهر السلطة». وأضاف «الجورشى» أن «الوقائع تؤكد أن مركز الثقل الرئيسى يوجد فى رئاسة الحكومة وليس فى رئاسة الجمهورية» وأن «حزب النهضة مؤمن بالشراكة، لكنه فى الآن نفسه غير مستعد للتنازل عن دوره فى قيادة المرحلة الانتقالية حتى ولو أدى ذلك إلى غضب أحد شريكيه أو كليهما ـ حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الذى يتزعمه المرزوقى، وحزب التكتل من أجل الجمهورية، الذى يتزعمه مصطفى بن جعفر».
وفى غضون ذلك، نقلت صحيفة «السفير» اللبنانية عن وزير الخارجية التونسى، رفيق عبدالسلام، قوله إن الإسلام لا يتناقض مع الديمقراطية والانفتاح، وقال «لا عودة إلى موضوع الشريعة» الإسلامية، وشدد الوزير التونسى النهضوى على أن السلطة الجديدة «لن تتدخل فى الشؤون الفردية للناس، ما يأكلون وما يلبسون، بل ستهتم بخدمة المصالح العامة ورعاية الشأن العام».
وبالحديث عن الساحة المصرية التى شهدت وصول «الإخوان المسلمين» إلى سدة الرئاسة، قال «عبدالسلام» إن «علاقات الدول لا تبنى على العقائد بل على المصالح»، وأضاف «إننى لست متشائما بالنسبة لوضع مصر.. الإسلاميون فاعلون سياسيون وليسوا كائنات ميتافيزيقية.. يتأثرون بالزمان والمكان ضمن مناخ ديمقراطى». ورأى «عبدالسلام» أن «لدى الإسلاميين توجها نحو مزيد من الانفتاح والروح الوفاقية».
وأوضح «عبدالسلام» أنه «ليس فى العلاقة بين تونس وقطر أى سر. فنحن منفتحون على العالم العربى بكل أقاليمه»، وأضاف: أن «قطر استفادت من الفراغ السياسى فى العالم العربى بعد تراجع الدورين المصرى والسعودى.. وتمكنت من لعب دور نشيط فى الساحة العربية وربما ما هو أبعد من هذه الساحة».