شوف بقى، لابد أن أقف معك وقفة وأطلب منك وأرجوك ألا تلقى باللوم على عصر الرئيس مرسى فى غلاء الأسعار أو زحام المرور أو اختفاء الأنابيب...إلخ...إلخ.. وأرجو منك أيضا ألا تلقى بالمسؤولية على عاتق الحكومة وتتهمها بأنها لا سمح الله ضعيفة أو أنها والعياذ بالله مثل عدمها، فهذا قول شيطان رجيم..
وإياك إياك إن تقول أن التخبط فى قراراتها، بسبب أن الحكومة عليها «اللهم احفظنا اللهم احفظنا بسم الله الرحمن الرحيم».. وأنها عندما تتخذ القرار تكون تحت تأثير هذا الذى حضر، ثم سرعان ما تلغيه بعد أن ينصرف.. اوعى تقول هذا الكلام.. كل ما فى الأمر أن تدهور الحال هو بسبب أن كل حاجة فى هذا العصر والأوان قد قلت بركتها.. فين زمان وبحبوحة العيش زمان.. طيب فاكر عندما كنت تأخذ من والدك عشرين جنيه لتقضى بها أشهر الإجازة فى الإسكندرية وأنت تغنى مع ميرفت أمين دقوا الشماسى؟..
حتى وزراء الحكومات زمان عندما ترى صورهم فى الكتب القديمة تجد أن الوزير الباشا كان شكله فخما بطربوشه وشاربه، ولن أحدثك عن شكل نواب البرلمان زمان وشياكتهم وتعليمهم وثقافتهم حتى لا يتملكك البكاء والحسرة على نفسك.. طيب إيه رأيك بقى إنه حتى النضال زمان كان مختلفا عن نضال هذه الأيام.. فين أيام نضال زمان.. مبدئيا كده وقبل أن نسترسل، كان رئيس القلم السياسى هو محمود المليجى وكانت ابنته هى سعاد حسنى.. تطول انت بقى الآن أن يكون رئيس قلمك السياسى محمود المليجى وتكون ابنته سعاد حسنى؟.. كان زمانك اتحسدت!!.. وإذا كان لا يعجبك كلامى لأنك لست مناضلا وتعتز بأنك من حزب الكنبة الذى لابد وأن يضع الكلمة الأخيرة فى النهاية..
هأقولك أوكيه، لكن حتى حزب الكنبة زمان كان أحسن حالا.. فين أيام زمان عندما كنت سعادتك تجلس فى «أودة المسافرين» مع الست حرمكم تستمعان إلى أغنية الست فى الراديو بينما أنت تقرأ الجريدة وهى تشتغل كانافاه، ثم فجأة تسمع دقات على بابك فإذا بك تجد عمر الشريف أمامك يطلب منك الاختباء عندك.. شفت النضال وحلاوته؟.. أما هذه الأيام، فعندما كنت فى منزلك تتابع أحداث ثورة يناير فى التليفزيون، كنت تحكم غلق جميع الأبواب والشبابيك خوفا من البلطجية والحرامية، ولو كان حتى حسين فهمى هو الذى يقف على بابك لم تكن لتفتح له!.. وحتى ثورات زمان كانت أبرك، ففى ثورة القاهرة الثانية كان الفلاحون يأتون من الريف خصيصا لإمداد المتظاهرين بالماعز ولبن الجاموس والعيش والزبد الفلاحى، مش انت.. تعمل جمعية مع زمايلك علشان فى الآخر تقضى اعتصامك بجبنة نستو!!..
وفى مظاهرات الطلبة عام 35 اتهمت الحكومة المتظاهرين بأنهم مأجورون بدليل حيازتهم لكباب من الحاتى! مش كنتاكى يا غلبان!!..
طب تصدق بالله إن البركة راحت حتى عند تعرضك للحرامية والبلطجية.. فين زمان وحرامية زمان عندما كان أقصى ما يسرقه الحرامى أثناء نومك هو الغسيل، أما الآن فقد طمع وتنمرد وأصبح يسرق سيارتك من أمام بيتك.. وحتى بلطجية اليوم قلت بركتهم أيضا، فزمان كان البلطجى قيمة وسيما وطول بعرض.. فين أيام خناقات فريد شوقى وبوكسات رشدى أباظة.. لقد كان زمان فى الثلاثينات بلطجى شهير اسمه إبراهيم كروم وكان وسيما ولم يكن «صايع» مثل بلطجية هذه الأيام بل كانت له رسالة، فكان يمتلك قهوة فى بولاق خصصها لسماع المظالم، حيث كان يقتص من القوى للضعيف..
وكان يستطيع أن يصارع عشرة أشخاص ويهزمهم دون اللجوء لأسلحة بيضاء أو سنج أو مولوتوف مثل البلطجية العجزة المنتشرين هذه الأيام.. ألم أقل لك إن هذا العصر قد قلت بركته؟.. لكنك كعادتك إذا قررت أن تترك الفرجة من خلال التليفزيون وعدت لإيجابيتك، فإنك بالتأكيد ستضع كلمة النهاية كما فعلت من قبل.. وبالتالى ولأن الموضوع كله فى يدك فلا تتجن كثيرا على عهد الدكتور مرسى، وبدلا من اتهامه بهذا وذاك، ادعوله، ادعوله.