ثلاثة أحداث شهدها الأسبوع الماضى كانت كلها مبعث قلق وتساؤل لدى الملايين من أبناء هذا الشعب العريق المؤمن بوحدته والمُعتز بوطنيته وانتمائه لأرضه على مدى التاريخ.. وهذه الأحداث جاءت فى إطار الصراع الذى بات واضحاً الآن على أرض الوطن، بين القوى الوطنية (التى يطلق عليها البعض خطأً القوى المدنية) بكل تنويعاتها الفكرية المختلفة، ولكنها تتفق كلها على الاعتزاز بهويتها المصرية الوطنية، وتحصر مشروعها فى كيفية النهوض بهذا الوطن ليأخذ مكانه الذى يستحقه على ظهر الأرض، وبين قوى أخرى تقودها «جماعة» من صميم أفكارها – ودعك من كل ما يلوكونه بألسنتهم من كذب والتواء فى الكلام – لايشغلها الوطن وأهله فى قليل أو كثير، وقد غسلت أمخاخهم أفكار فاشية تجاوزها الزمن، وأثبت التاريخ فشل أمثالها، تؤمن بالأممية الإسلامية، وتحصر مشروعها فى أن يكونوا – كما يقولون – أساتذة العالم وأسياده فى يوم ما بكل ما يستطيعون من وسائل بما فيها إزهاق الأرواح وإراقة الدماء (انظروا لعلمهم الذى يميزه السيفان) وهو مشروع سياسى فاشى يستغل المشاعر الدينية والروحية الفطرية للناس لا أكثر ولا أقل ولا علاقة له بصحيح الدين أو الشريعة. والأحداث التى أتحدث عنها وأثارت القلق بين الغالبية العظمى من الوطنيين الشرفاء لها علاقة بمؤسسات سيادية وطنية يُفترض أنها ملك الشعب المصرى كله، ولا يجب أن يُسمح لها فى أى وقت بالانحياز إلى مشروع «الجماعة غير الوطنية» وأذيالها، وننتظر توضيحاً واضحاً وحاسماً لها من هذه المؤسسات، لأن صمتها يعنى تواطؤاً لن يسمح به الشعب المصرى ولا أبناؤه العاملون فى هذه المؤسسات. وسوف أسرد هذه الأحداث بترتيب حدوثها من الآخر إلى الأول:
يوم الجمعة الماضى عقب صلاة الجمعة التى ينقلها التليفزيون المصرى على الهواء مباشرة من الجامع الأزهر، وعقب عودة التليفزيون لإرساله المعتاد، فوجئنا بعودة سريعة إلى نقل مباشر من الجامع الأزهر لنقل خطاب من يسمونه «مُرشد» لتلك الجماعة اللا وطنية فى صحن الأزهر الشريف بدعوى حضور تشييع جنازة اثنين ممن ينتمون إلى جماعته فى الاشتباكات التى حدثت حول قصر الاتحادية، والتى حدثت بعد هجوم ميليشيات هذه الجماعة على المتظاهرين السلميين الرافضين للديكتاتورية، بعد أن تلقوا الأوامر بذلك أو ما يسمونه فى أدبياتهم «النفير العام» من المكتب الذى يديره هذا الذى كان يخطب فى صحن الأزهر الشريف، والذى قُدمت ضده هو وأعوانه العديد من البلاغات الموثقة للنيابة عن مسؤوليتهم عن قتل وإصابة المئات فى هذا اليوم الأسود.. وبغض النظر عن شخص هذا الذى أصدر الأمر بإعادة الإرسال على الهواء لنقل خطاب «مرشده»، فإن هذا الشخص أياً كان لا يستحق أن يستمر فى موقعه يوماً واحداً.. فإذا كان عليه حق السمع والطاعة لمرشده، فإنه بالتأكيد يجب ألا يُسمح له بالتصرف فى مبنى التليفزيون الرسمى المصرى وكأنه العزبة التى ورثها عن أبيه، سواء كان فيها خفيراً أو وزيراً!
الحدث الثانى جرى قبل ذلك بيومين فى ذلك اليوم المشؤوم الذى هاجمت فيه ميليشيات الجماعة غير الوطنية جموع الوطنيين المصريين المعتصمين وقاموا باختطاف العشرات من النساء والرجال، وأظهرت الفيديوهات والصور وشهود العيان قيامهم بعمل غرف حبس واستجواب وتعذيب لهؤلاء المختطفين على مرأى ومسمع من أفراد تابعين لوزارة الداخلية، بل إنهم كانوا يتسلمون منهم هؤلاء الذين تم ضربهم وسحلهم وتعذيبهم للقبض عليهم وتقديمهم للنيابة! فهل نطمع فى بيان واضح وصادق وشافٍ حول هذا الموضوع، ولماذا تركت الشرطة الساحة لعصابات هذه الميليشيات بالتصرف على هذا النحو، ولماذا لم تلق القبض عليهم وهم الذين بادروا بالهجوم والاعتداء؟!
الحدث الثالث جرى قبل ذلك الأخير بأيام وبالتحديد يوم السبت الذى تم فيه حشد أنصار المشروع السياسى الأممى غير الوطنى من كل أنحاء مصر اعتماداً على تمويل مشبوه لا يعرف أحد مداه ولا مصادره، وعلى رشاوى وضحك على بسطاء الناس بشعارات دينية لا محل لها وإنما يوظفونها لمشروعهم السياسى الفاشى، فى أحط صور النفاق والكذب والخداع واستغلال حالة الأمية والجهل والفقر المنتشرة بين الناس.. المهم أنه حدث فى ذلك اليوم أن طائرة هليوكوبتر شُوهدت تطير فوق الجموع التى تم حشدها لتراقب وتصور وتخطط،
وكتب أحد الصحفيين أن لديه معلومات أن من كان بهذه الطائرة هو السيد خيرت الشاطر المشرف والمُحرك الرئيسى لهذه الجماعة! إننا لم نسمع تأكيداً أو نفياً لهذه الأنباء التى أزعجت كل مصرى شريف غيور على وطنه ومستقبله، فهل نطمع فى بيان عن هذا الموضوع من وزارة الدفاع باعتبارها الجهة المسؤولة عن سماء مصر وأمنها الوطنى وحمايتها من مؤامرات الخارج والداخل.. إنها أحداث جد خطيرة ويجب ألا تمر مرور الكرام، خاصة بعد أن خدعنا من انتخبناه رئيساً للمصريين، وصار لا يرى غير جماعته وتحقيق أهدافها فى السيطرة والاستحواذ، حتى لو كان الثمن خراب مصر وتخلفها.. ولم لا وقد قال كبيرهم يوماً ما «طظ فى مصر»! والله الذى لا إله إلا هو، كلكم زائلون ومُحاسبون يوماً ما على ما اقترفت أيديكم، وستحيا مصر وتبقى طالما بقيت كلمات الله وكتابه العزيز الذى شرفت مصر بذكرها فيه مرات ومرات.