x

طارق الغزالي حرب جناحا نهضة «الخُوّان المسلمين»: تولية المحاسيب وتعليم الكتاتيب طارق الغزالي حرب الأحد 02-12-2012 21:17


أعرف تماماً أنه لا مجال فى هذه الأيام الحاسمة من تاريخ وطننا للحديث عن أحلام المستقبل والأمانى الكِبار فى غدٍ تستطيع فيه مصر تحدى ما تركته عقود القهر والطغيان وظلم الإنسان من مشاكل ومآسٍ، مرت عليها كليل طويل مُظلم، أنهاه بزوغ فجر الثورة المصرية العظيمة.. أقول إنه للأسف الشديد لا مجال الآن لهذه الأحاديث بعد أن ظهر واضحاً أن فصيلاً من هؤلاء الذين شاركوا فى نجاح هذه الثورة،

كانت له أهدافه الخاصة وأطماعه الدنيئة، والتى ليس من بينها على الإطلاق المصلحة العليا لهذا الوطن، وإنما كانوا يفكرون ويُدبرون منذ اليوم الأول فى الكيفية التى يمكنهم بها أن يمتطوا هذه الثورة ليوجهوها إلى حيث يريدون أملا فى تحقيق أحلامهم الأممية الفاشية التى تجاوزها الزمن بالغلبة وسيادة العالم! إنهم فصيل «الخُوان المسلمين» وهو الاسم الذى أعتقد أنه المُعبر عن تاريخهم الأسود كله .. فالتآمر والخيانة هما حجر الأساس فى فكر هذا التنظيم الذى بلى الله به شعب مصر أوائل القرن الماضى، ثم كان سبباً فى انتشار البلاء والفوضى والاقتتال وكراهية الإسلام والمسلمين فى معظم بلاد العالم.

لقد سمعت بأذنى منذ سنين المغفور له الأمير نايف بن عبد العزيز وقت أن كان يتولى منصب وزير الداخلية بالمملكة العربية السعودية يقول «إن البلاء الذى حط على الشعوب الإسلامية والمسلمين فى كل أنحاء العالم سببه هو تلك الجماعة التى ظهرت بمصر باسم (الإخوان المسلمين) وما خرج من عباءتها من متطرفين»، ولكنه لم يذكر بالطبع دور الوهابيين المتطرفين فى بلده فى احتضان هذه الجماعة وإغداق الأموال عليها! إن ما نشاهده ونحياه هذه الأيام والذى يمكن أن نلخصه فى تعبير«خيانة الثورة» إنما هو الحلقة الأخيرة من حلقات تاريخ جماعة «الخُوان المسلمين» الذين خانوا القوى الوطنية أيام الحكم الملكى، وخانوا ثورة يوليو المجيدة بعد أن أيدوها ثم فشلوا فى ركوبها فحاولوا اغتيال زعيمها،

وظهر استعدادهم لخيانة شباب ثورة يناير ومبادئها وأهدافها بالتفاوض السرى مع رموز النظام الساقط ثم مع خُلفائه فى المجلس العسكرى، فما الغريب إذن أن يُفصحوا الآن عن نياتهم وادعاءاتهم بأنهم أصحاب الثورة ومالكوها، وليتحول التآمر والخيانة إلى حد سب وقذف من كانوا المُفجرين الحقيقيين للثورة والتهديد بقتالهم، هؤلاء الذين أتاحوا لهم فرصة الخروج من المعتقلات للمشاركة فى صنع غدٍ جديد . تصوروا الآن أن الفرصة قد حانت، وأن ساعة قطف ثمار الخيانة والغدر قد دنت، فقد جاء رئيس منهم لسدة الحكم، وأجلسوا واحداً على رأس وزارة منهم وممن والاهم منعدمة الكفاءة وتأتمر بأوامر الأب الروحى، واستولوا على مقاعد مجلس شورى لم يذهب أحد فى انتخاباته،

وشكلوا لجنة تأسيسية منهم لوضع دستور يحمى أفكارهم المتخلفة ونواياهم السيئة. استمروا منذ أيام انتخابات الرئاسة يضحكون على المصريين بالحديث عن مشروع عظيم للنهضة، فلم نر على أرض الواقع شيئاً، بل استمرت كل الأمور فى السير من سيئ إلى أسوأ، وكان ذلك أمراً طبيعياً فى ظل تفكير غبى ظهر منه أن جناحى «النهضة» التى يبشرون بها لا يصلحان إلا لطائر ذبيح يسقط إلى الهاوية ويضرب بجناحيه على غير هدى وهو فى طريقه للاستقرار فى قاع العالم والتاريخ .. فأحد الجناحين الذى ظهر واضحاً فى الشهور الخمسة الماضية هو تولية المحاسيب من أعضاء تنظيم «الخوان المسلمين» وأحبائه ومُنتسبيه ومُريديه،

ومن هم على شاكلته، الغالبية العظمى من المناصب القيادية فى الدولة بدءاً من مؤسسة الرئاسة، مروراً بالوزراء ومُساعديهم ووكلائهم والمحافظين ورؤساء الشركات والمؤسسات، وحتى المراكز الأكاديمية بالجامعات فى عملية مجنونة اتسمت بسرعة غير عادية. أما الجناح الآخر الذى بشرنا به الشيخ وزير الأوقاف فهو العودة إلى التعليم بالكتاتيب، والدعوة إلى إنشائها فى كل مسجد وزاوية بنفس الطريقة التى عرفها المصريون فبل دخول التعليم الحديث، ووقت أن كان الأزهر هو المؤسسة الوحيدة المُتاحة لتعليم القراءة والكتابة وحفظ القرآن.. والمضحك أن تجد دعوة الشيخ المتخلفة التى تجاوزها الزمن تأييداً فى بعض أوساط المتعلمين والمحسوبين على المثقفين.

هكذا تتقدم الأمم فى عُرفهم وفى حدود فهم عقولهم الضيقة! هل تذكرون مأساة طالبان وأفغانستان وكيف بدأت؟ وهل عرفتم لماذا أحضروا هذا الشيخ على عجل ليتولى مسؤولية الدعوة؟ وهل شاهدتم الداعية الرجل المحترم الذى استقال وهو على المنبر حتى لا ينفذ أوامر الوزير الموظف بما يجب أن يقوله ويدعو به وما لا يجب؟ عن أى نهضة يتحدث هؤلاء «الخُوّان المسلمين»؟!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية