x

ناجح إبراهيم مصر بين الانقسام الديموجرافي والجغرافي ناجح إبراهيم الأربعاء 28-11-2012 20:58


شطر الإعلان الدستورى الشعب المصرى نصفين.. ومادام الانقسام تم بالسكين فكل نصف منهما ينزف دماً ويتأوه ألماً.. ولا يكاد يستطيع أن ينجز شيئاً لا فى السياسة ولا الاقتصاد ولا التنمية ولا الخدمات.. كلا النصفين سيظل معطلاً نازفاً حتى حين.. وتمزق الدول حدودياً يسبقه دوماً تمزق نفسى وروحى.. وتمزقها جغرافياً يسبقه دوماً التمزق الإنسانى والديموجرافى.

واليوم تتمزق مصر إنسانياً.. فالإسلاميون فى ناحية.. وأنصار الدولة المدنية فى ناحية.. والمسيحيون فى ناحية.. وأهل سيناء فى ناحية.. وبعض أهل النوبة يجهزون اليوم شكلاً لعلم دولتهم المستقلة.. هذا التمزق الإنسانى والنفسى والروحى هو الخطر الأكبر على مصر.

وقد جاء الإعلان الدستورى الجديد ليضع حالة فريدة من الانقسام السياسى والروحى والإنسانى والديموجرافى بين أبناء الشعب المصرى.

وأخشى أن يتحول هذا الانقسام فى النفوس والقلوب إلى انقسام فى الحدود وفى الجغرافيا بعد سنوات طويلة.. وعلينا ألا نستهين بقطرات الماء إذا تواصل سقوطها على الحجر الأصم.. فقد تؤدى إلى تفتيته وتمزيقه فى يوم من الأيام. قد يقول البعض: على من تقع المسؤولية فى ذلك؟.. أليست تقع على المعارضة فى الأصل؟.. أليست تقع على بعض القضاة الذين لعبوا السياسة وهو يرتدون ثوب القضاء ليحولوا السياسى القابل للأخذ والرد إلى قضاء وحكم واجب النفاذ دون مناقشة يعطل المؤسسات المنتخبة؟

ويقول البعض: ألا تقع المسؤولية على الرئيس الذى ينبغى عليه توحيد الصفوف ولم الشمل اقتداءً بالرسول (صلى الله عليه وسلم) الذى وحد أهل المدينة جميعاً فور بناء دولته، وآخى بين المهاجرين والأنصار، وأطلق وثيقة المدينة التى تعد بمثابة الدستور الذى يسوى بين الجميع ويعطيهم جميعاً، بمن فيهم يهود المدينة، حق المواطنة والمساواة؟

والحقيقة التى وصلت إليها بعد خبرتى السياسية الطويلة أن الحاكم الجيد يصنع معارضة جيدة.. وأن المعارضة المخلصة تصنع حاكماً متجرداً لمصلحة وطنه.. وأن الحاكم العادل يصنع قضاءً عادلاً.. وأن القضاء العادل يصنع حاكماً وقّافاً عند حدود الشريعة والقانون.. فكلاهما يصنع الآخر ويغذى صلاحه أو فساده.

لقد تخطت مصر اليوم مرحلة الاستقطاب الحاد والتكفير السياسى والدينى لتدخل مرحلة العنف المجتمعى من اعتداء على مقار «الحرية والعدالة» وحرق اعتصام أسرة د. عمر عبدالرحمن وحرق مقر «الجزيرة».. وأخاف أن تدخل مصر مرحلة الاغتيالات السياسية كما حدث فى الخمسينيات.. وأخشى أن يتحول التمزق الإنسانى والديموجرافى إلى تمزق جغرافى.

فهل نطفئ الحريق قبل أن نندم جميعاً.. أم سيظل كل طرف مصراً على موقفه هذا فى الإعلان وذاك فى الميدان حتى تضيع مصر؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية