x

خالد السرجاني ليست أزمة جمال عبدالرحيم خالد السرجاني الخميس 25-10-2012 22:23


من الخطأ أن نتعامل مع الأزمة التى شهدتها الصحافة المصرية الأسبوع الماضى والمتمثلة فى الإطاحة بالزميل جمال عبدالرحيم من رئاسة تحرير جريدة الجمهورية باعتبارها خطأ فى تطبيق القانون من رئيس مجلس الشورى أحمد فهمى، فهذه الأزمة تكشف عن أن الصحافة أصبحت رهينة لصراعات القوى السياسية، والتى حاول فيها حزب الرئيس أى الحرية والعدالة أن يعالج محاولاته جس نبض الشارع فى أمر التحقيق مع قيادات سابقة فى القوات المسلحة بأن أطاح برئيس تحرير الجمهورية وحمَّله مسؤولية ما حدث بمفرده، مع أن هناك مجلة أخرى أسبوعية تصدر عن مؤسسة قومية كبرى نشرت نفس التفاصيل التى نشرت فى الجمهورية ولم ينل أحد من رئيس تحريرها أو يقترب منه، بما يؤكد أنه تم تسريب الخبر بصورة متعمدة، وأن الإطاحة بجمال عبدالرحيم كانت سياسية بامتياز وعمل غير أخلاقى من الذين قاموا به.

وقد جاءت أزمة عبدالرحيم فى وقت تتكثف فيه جهود الصحفيين المهمومين باستقلال المهنة فى البحث عن أطر لما يطلق عليه التنظيم الذاتى للمهنة، فقد عقد فى مقر نقابة الصحفيين يوم 4 أكتوبر الحالى اجتماع لمناقشة مشروع قدمه الأستاذ رجائى المرغنى لتأسيس هيئة وطنية للتنظيم الذاتى، مهمتها البحث فى شكاوى القراء والمصادر من الأداء الصحفى بحيث تكون بديلا عن المحاسبة السلطوية للأخطاء التى تقع فيها الصحافة، وحسب المشروع الذى سوف تعقد لجنة تحضيرية للمضى قدما فى تنفيذه غدا الأربعاء، فإن المشاركين فى صناعة الصحافة مثل ناشرى الصحف ونقابة الصحفيين والصحفيين أنفسهم فضلا عن ممثلين للمنظمات الحقوقية المهتمة بحرية التعبير والصحافة، هم الذين سيتولون عمليات المحاسبة وفقا لمدونة أخلاقية تتم صياغتها والموافقة عليها من أطياف المهنة المختلفة. ومعظم الدول التى بها صحافة حرة ومستقلة بها مثل هذه الهيئات. بل يتطور المشروع بحيث يكون لكل جريدة محرر خاص بالقراء أو ما يطلق عليه «امبودسمان» مهمته تدقيق الأخبار والتحقق من صحتها، والحيلولة دون وقوع الجريدة فى أخطاء تتعلق بالإساءة إلى الأقليات أو فئات محددة أو حتى أحاد الناس.

وبهذه المناسبة أيضا عقد معهد «إيرش بروست» للصحافة الدولية التابع لجامعة دورتموند الألمانية ورشة عمل فى القاهرة يومى 14 و15 أكتوبر بالتعاون مع نقابة الصحفيين أيضا، تحت عنوان المسؤولية الإعلامية فى الفترة الانتقالية «حضره أكاديميون وإعلاميون ألمان ومصريون وأتراك، وكان من بين الحضور ياوز بيدار أول محرر قراء (أمبودسمان)- تركى- الذى شرح كيفية عمل محرر القراء وكيف تطورت المهمة فى الصحافة التركية والصعوبات التى تواجهه، ومن عرضه لن نجد أى صعوبة فى أن نكتشف أنه لو كان فى صحفنا محرر قراء لما واجهنا الأزمة التى أدت إلى الإطاحة بجمال عبدالرحيم، لأن أى تدقيق للخبر الذى قيل إنه كاذب كان سيؤدى إلى عدم نشره أو إعادة صياغته، بما كان سيمنع الأزمة التى وقعت من الأساس.

هذا على صعيد تلقى الشكاوى وفرض العقوبات على المخالفين للمدونة الأخلاقية المهنية التى سوف تصاغ من قبل أهل المهنة، وبما يحفظ لها مصداقيتها واستقلالها ومهنيتها، ولكنَّ هناك جانباً آخر فى التنظيم الذاتى يجب أن نتبناه سريعا وهو يتعلق بنقل تبعية وسائل الإعلام التى تملكها الدولة ومنها الصحف القومية إلى مجلس مستقل شكلا وموضوعا يضم ممثلين حقيقيين للشعب الذى يملك هذه الوسائل، وبحيث لا تقوم جهة واحدة بتعيين أعضاء هذا المجلس كما هو عليه الحال فى الدول الكبرى، وتلك التى جرت فيها عمليات تحول من الحكم السلطوى إلى الديمقراطية.

والأزمة التى وقع فيها الرئيس محمد مرسى والدكتور أحمد فهمى مع القوات المسلحة وأدت التى التضحية بجمال عبدالرحيم ككبش فداء، يجب أن تقنعهم بأن السيطرة على الإعلام بنفس أسلوب وقوانين الحزب الوطنى المنحل ليس كلها منافع بل إن استقلال الصحافة وقيام أهل المهنة بالتنظيم الذاتى لمهنتهم أفضل من أن تكون الصحافة رهينة لدى حزب سياسى واحد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية