x

خالد السرجاني أن تكون مستشاراً للرئيس خالد السرجاني الخميس 18-10-2012 21:42


عرض أحد البرامج الحوارية الصباحية الأسبوع الماضى صورة شكوى مقدمة من أطباء فى أحد مستشفيات الشرقية قالوا فيها إن طبيباً زميلاً لهم لم يأت إلى المستشفى منذ شهرين، ومع ذلك فهو مسجل باعتباره حاضراً فى كشوف الحضور والانصراف. وهذا الطبيب المتغيب، كما قالوا، يعمل مستشاراً لرئيس الجمهورية. وفى اليوم نفسه ظهر مستشار آخر لرئيس الجمهورية فى برنامج حوارى صباحى آخر واشتبك مع مقدمة البرنامج فى حوار يشبه ما يطلق عليه أهل الحوارى مسمى «فرش الملاية». وفى مساء اليوم نفسه اشتبك مستشار آخر للرئيس مع أحد ضيوف أحد البرامج الحوارية وقال له الأخير «إنت حمار ياله».

وعلى مدار الأسابيع الأخيرة- توسع مستشارو الرئيس فى الظهور فى البرامج الحوارية التى تقدمهم للمشاهدين باعتبارهم مستشارين لرئيس الجمهورية، وليس بصفتهم الشخصية، بل إن أحدهم يعمل مقدما لأحد البرامج الحوارية، وتوسعوا أيضا فى الحديث فى الندوات العامة، والإلقاء بتصريحات ينقلها الإعلام باعتبارها صادرة من مستشار للرئيس، وليس باعتبارها رأياً شخصياً فى قضية عامة. وبعض الإعلام يتصيد ما يكتبه هؤلاء على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«تويتر»، وهو ما يستدعى من «النافى الرسمى» ياسر على أن يدلى بتصريحات ينفى فيها علاقة الرئيس بهذه الآراء، وياسر على نفسه يكتب مقالات منتظمة فى الصحافة تحمِّل الرئيس أحيانا، بعض التبعات على ما يجىء فيها. ومن قبل أدلى أحد هؤلاء المستشارين بتصريحات حول التدخل العسكرى العربى فى سوريا، الأمر الذى أثار لغطا إقليميا ودوليا، باعتبار أن ما أصدر عنه له علاقة بالسياسة الرسمية لمصر.

وأن تكون مستشارا للرئيس لا يعنى أنك وضعت وردة فى عروة الجاكت الذى ترتديه، ولكن هناك مسؤولية تتعلق بالحفاظ على مقام الرئاسة، وما نراه من سلوكيات لبعض مستشارى الرئيس، يقلل من مكانة المؤسسة وينزل بها إلى مستنقع الجدل السياسى، وإلى مواقف لا تلتزم أحيانا بالحد الأدنى من أدب الحوار، فحتى لو كان الطرف الآخر هو المخطئ، فإن دخول مستشارى الرئيس فى الحوار من حيث المبدأ هو الذى وضع مكانتهم وبالتالى مكانة الرئيس فى هذا الموقف المحرج .

قد يقول قائل إن ما أطرحه يعنى أننى أطلب من مؤسسة الرئاسة أن تحد من الحريات العامة لأعضاء الهيئة الاستشارية، باعتبار أن مشاركتهم فى الجدل العام عبر برامج التليفزيون أو الكتابة فى الصحف هو من حقوقهم الدستورية، وأنا لا أطلب ذلك، ولكن ما داموا جميعاً وافقوا على أن يكونوا أعضاء فى هذه الهيئة الاستشارية فعليهم أن يدركوا أن هناك التزامات تترتب على هذا الأمر.

وكان على الرئيس فى الاجتماع المشترك الذى عقده معهم أن يوضح لهم آليات للفصل بين مواقفهم الشخصية ومنصبهم الرئاسى، وكان يجب على الرئيس أن يفرمل من «شهوة» الكلام عند بعض المستشارين، ومن «شهوة» الظهور المكثف عند البعض الآخر، وأن يطلب منهم أن يكونوا قدوة لكل الناس، فلا يتغيب أحد عن عمله، استنادا إلى أنه مستشار للرئيس، كما يفعل طبيب الشرقية. كذلك فإن الرئيس كان عليه أن يطلب من مستشاريه أن يتوقفوا عن التصريحات الشخصية المتعلقة بالسياسة إلا بعد دراستها داخل القصر الرئاسى، حتى لا تسبب إحراجا أو لغطا. ولكن للأسف فإن كل ذلك لم يحدث، فوصلنا إلى الوضع الذى نحن فيه الآن، وهو وضع مسىء فى رأيى للرئيس ولا يفيده.

وللمرء أن يسأل ماذا يفعل مستشارو الرئيس؟ هل يقدمون تقديرات مواقف أو استشارات تأخذ بها الرئاسة بالفعل، أم أنه مثلما يتعامل البعض منهم مع المنصب باعتباره «وردة فى عروة الجاكت» الذى يرتدونه تتعامل الرئاسة مع المستشارين باعتبارهم هم الآخرون «وردة فى عروة جاكت الرئيس»؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية