x

الدكتور مصطفى النجار حين نمتهن كل شيء الدكتور مصطفى النجار الأحد 21-10-2012 21:11


منذ لحظات الثورة الأولى وعقب التنحى ودخول مصر فى حالة الاستقطاب السياسى وموجة الامتهان والابتذال لكثير من المعانى والقيم تضرب بشدة كل ما حولنا.

أسمى البشر وهم الشهداء امتهنا دماءهم وأرواحهم وأصبحت كلمة الشهداء أداة للمزايدات السياسية بين القوى المختلفة، منهم من يرفع دماء الشهداء كقميص عثمان، ومنهم من يدخل هذه الكلمة فى كل عباراته. الثورة هذه الكلمة التى هزت وجدان كل مصرى وهو يرى حاكماً مستبداً يرحل بعد أن قامت الثورة التى لم يتخيل أحد أن تندلع فى مصر مع قسوة الاستبداد وطول القمع، كلهم يبدأ حديثه بكلمة الثورة وما فعلته الثورة ومصر بعد الثورة، رغم أن المشهد النهائى لما حدث منذ يوم 25 يناير 2011 قد يغير تسمية ما حدث من ثورة إلى مجرد انتفاضة إذا لم تتحقق أهداف الثورة الحقيقية.

المليونية كلمة سمعها المصريون قبل أول دعوة للتظاهر المليونى يوم 1 فبراير بعد بدء الاعتصام بميدان التحرير، وكانت تعنى للمصريين احتشاداً جمعياً حول هدف محدد محل اتفاق وطنى وأعقبت الثورة مليونيات لاستكمال أهداف الثورة، ولكن بعد ذلك تم امتهان الكلمة فصار كل بضعة أفراد يدعون للتظاهر ويقولون عليها مليونية، رغم أن عدد الباعة الجائلين بميدان التحرير يتجاوز أعداد هؤلاء ثم تورطت بعض القوى السياسية فى الدعوة لمليونيات لاستعراض العضلات والنكاية فى قوى سياسية أخرى أو النيل منها. ميدان التحرير الذى صار أحد أشهر ميادين العالم استطاعت القوى السياسية تلويثه بدماء سالت نتيجة اقتتال بين المصريين وبعضهم البعض، بالإضافة إلى ما سبق ذلك من استيطان الباعة الجائلين له وتشويه بقعة من أطهر بقاع مصر. حرية الرأى والتعبير قيمة طالما ناضل الشرفاء من أجلها، ولكن قام الكثيرون بتشويه معناها، فأصبح السب والقذف والتخوين واتهام الناس بلا بينة هو الحرية التى ارتآها بعضهم وإذا لامهم أحد صرخوا وتباكوا على حرية الرأى والتعبير التى جعلوها قيمة مضادة للقيم والأعراف الأخلاقية.

كسر حاجز الخوف عبارة طالما راودت أحلامنا ونحن نناضل ضد نظام مبارك وحين كسرنا حاجز الخوف فهم بعضهم هذا على أنه استعلاء على الآخرين وتطاول على الكبار وصار بعض الثوار المشوهين يرون أنفسهم فوق البشر وينكرون قيمة وأهمية أجيال أكبر من جيلنا، ويريدون إخراجهم من العمل العام تحت أى دعوى، بالإضافة إلى من احترفوا قطع الطرق وإيقاف مصالح الناس لأسباب قد لا تكون أخلاقية. كلمات وقيم ومعانٍ جميلة أثرت فى وجداننا ولكنها تشوهت بسبب هذه الممارسات، طوفان التشوه الهادر ينذر ببدء مرحلة من القبح العام، لذلك لابد من وقفة نعيد فيها قراءة الواقع ونميز فيها الغث من السمين ونقول للمدعين تمايزوا عنا وكفاكم تشويهاً لكل شىء، لحظة فارقة يسقط فيها من يسقط ويعلو فيها من يعلو ويثبت من يثبت وكل يختار إلى أين تمضى خطواته.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية