حصل السيناريست الكبير وحيد حامد على جائزة النيل فى الفنون، التى تعد أرفع جوائز الدولة، ليكون ثانى سينمائى يحصل عليها فى الفنون بعد الراحل يوسف شاهين، ويعد اختياره فى هذا التوقيت انتصارا للإبداع ولفن السينما فى ظل حالة القلق التى تسيطر على قطاع كبير من المبدعين بعد صعود التيار الدينى من جهة، ووصول الرئيس محمد مرسى إلى سدة الحكم باعتباره رئيساً لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.. عن الجائزة وتوقيتها الذى تزامن مع عيد ميلاده ورؤيته المستقبلية للسينما والإبداع بشكل عام كان لنا معه هذا الحوار.
■ ما هو رد فعلك بعد الحصول على جائزة النيل؟
- الجائزة كانت تتويجاً لمشوار طويل لم يكن سهلا، وتأكيدا على أهمية صناعة السينما وتأثيرها على الناس، وانتصارا للثقافة وحرية الإبداع، كما أن إجماع صفوة العلماء والأدباء على اختيار شخص بعينه ليفوز بهذه الجائزة هو تكريم وجائزة أخرى توازى الجائزة التى حصلت عليها، ولذلك أحمد الله أننى كنت عند حسن ظن الشعب المصرى، وأرجو أن يوفقنى فى استكمال رسالتى خلال المدة المتبقية من عمرى.
■ وما تعليقك على تزامن فوزك بها مع يوم ميلادك؟
- بالتأكيد جاءت بالصدفة البحتة، لأنه لا أحد يعرف تاريخ ميلادى، وأرى أنها بالتأكيد صدفة طيبة، رغم أننى لا أحب عيد الميلاد لأنه يعبر عن مضى عام من عمرك، ولكنى لا أنكر وبشكل عام أن توقيت الجائزة صعب جداً خاصة فى ظل سيطرة حالة من القلق العام على الساحة الفكرية، وبصراحة كنت أتمنى الحصول عليها فى وقت نشعر فيه جميعا بالطمأنينة وبالاستقرار فى البلد بعد أن أصبحت هذه الحالة مفقودة الآن.
■ وهل ترى أن حالة القلق التى تسيطر على المبدعين الآن مبررة؟
- بالتأكيد، وأؤكد أن التيار الدينى هو الذى يزيد منها، فهل تفسر لى لماذا فضلوا الجلوس أثناء عزف السلام الجمهورى باعتباره موسيقى لا يجوز الوقوف لها؟ فالحكاية أصبحت واضحة فهناك قلق وقلق شديد جدا، كما أننى أريد أن أعرف هل السيد الرئيس محمد مرسى يذهب إلى السينما أو المسرح أو حتى الأوبرا ليستمع إلى أوركسترا القاهرة السيمفونى.
■ ولكن الرئيس طمأن المبدعين فى خطابه الثانى الذى ألقاه من ميدان التحرير؟
- الخطاب الذى ألقاه الرئيس بشكل عام ملىء بالثقوب، وبه تخبط كثير، وهذا ما زاد من مساحة القلق وليس الطمأنينة، فلا يجوز فى خطابه أن يقول إنه يحترم القضاء ثم يقول بعدها إنه سيعيد المؤسسات المنتخبة لعملها، ويقصد بذلك مجلس الشعب فكيف تحترم القضاء ثم ترفض حكمه رغم أن بطلان مجلس الشعب، جاء من أعلى محكمة فى مصر؟
ثم كيف نطمئن لرئيس كان معترضاً على إذاعة القسم على الهواء وكأنه يفعل «شىء عيب» لولا اعتراض القضاة وتهديدهم بالانسحاب، بالإضافة إلى أنه من الواضح فى كل خطابات الرئيس محمد مرسى أنه يريد أن يرضى كل الأطراف، ومن يحاول إرضاء كل الأطراف يخسر كل الأطراف، لذلك أؤكد لك أن قلق المبدعين مشروع جداً، ومن الممكن أن يصل إلى مرحلة الخوف ومع ذلك فالعبرة بالأفعال وليس بالخطابات.
■ وهل تشعر بقلق الآن باعتبارك أحد أبرز المشاكسين لجماعة الإخوان؟
- أنا مع مصلحة البلد دائماً ولا أغير مواقفى ولا أبدل قناعاتى إلا فى حالة واحدة فقط وهى حالة التغيير إلى الأفضل، ولكن فى النهاية أنا لست مشاكساً لأحد ولكنى أفعل ما أؤمن به فقط.
■ وهل حصولك على الجائزة فى فترة حكم الرئيس السابق لحزب الحرية والعدالة يعنى شيئاً بالنسبة لك؟
- نظام الحكم ليس له علاقة بهذه الجائزة إطلاقاً، ومن العيب أن نصفها بذلك وإلا فقدت معناها الحقيقى لأن هناك صفوة من رجال الأدب والإبداع والشخصيات العامة مسؤولين عن التصويت لهذه الجائزة، وهو تصويت حر وعلنى ولا علاقة للدولة به، حتى إن وزير الثقافة له صوت مثل باقى الأعضاء وعلاقة الدولة بالجائزة هى إقرارها فقط.
■ وكيف ترى تغيير اسم الجائزة من «مبارك» إلى «النيل»؟
- أنا شخصياً أفضل «جائزة النيل» بدلاً من «مبارك»، لأننى لا أحب أن تكون الجائزة باسم أى شخص كان يحكم مصر لأنها لابد أن تكون رمزا للدولة بأكملها وشيئاً نعتز به جميعاً بعيداً عن أسماء الرؤساء والزعماء، كما أننى أرفض أيضا الزج بأسماء الرؤساء فى أى مصالح عامة فى الدولة، ولكن أتوقع خلال الفترة المقبلة أن تبدأ كتائب النفاق فى إعداد «مدرسة محمد مرسى الابتدائية» و«مستشفى مرسى التخصصى» وغيرهما، لأن هذه الكتائب لديها قدرة على الانتشار السريع وتجد من يدعمها ويغذيها، ولكن من الممكن أن نكرم اسم أى رئيس إذا قدم قدراً من العطاء الطيب للبلد، ولكن يكون هذا التكريم بعد وفاته.
■ وهل لديك تفسير لاختيارك كثانى سينمائى يحصل على الجائزة بعد يوسف شاهين منذ إطلاقها حتى الآن؟
- ليس لدىَّ تفسير واضح، ولكن أرى أن كل السينمائيين شركاء فى هذه الجائزة لأننى فى النهاية لا أعمل بمفردى فهناك فرق عمل متعددة شاركت فى كل عمل صنعته، والحمد لله أننى نجحت فى الحصول على الجائزة وأن أترك بصمة حقيقية فى هذا المجال.
■ وهل تعتبر هذه الجائزة الأهم فى مشوارك؟
- هناك جائزة تلازمنى فى مشوارى كله وأحبها جداً وأتمنى أن تصحبنى فى كل حياتى، وهى احترام الجمهور لأعمالى، حتى وإن اختلف معها، وهذه أفضل جائزة فى حياتى، لأن سعادتى برد فعل الجمهور حول مشهد أو عمل كامل لا توصف، وأسعد عندما يستشهد الناس بأحد أعمالى فى الأمور التى تجرى الآن على الساحة ويقولون «وحيد حامد قال كذا»، وقد حدث ذلك مؤخرا عندما قام البعض بقطع مشهد كريم عبدالعزيز من مسلسل «الجماعة» عندما كان يقول «أكبر خطر على البلد العسكر والإخوان».
■ وبصراحة شديدة كيف ترى المشاهد المستقبلية لهذا البلد؟
- «أنا مش متفائل خير»، ولكن لا أستطيع أن أعرف الآن ماذا سيحدث فى المستقبل.
■ وأخيراً هل ستسير قدماً فى تقديم الجزء الثانى من مسلسل الجماعة؟
- أنا لا أكتب لحساب أحد، ولا بأوامر من أحد، وأكتب ما أريده كما أراه، وسأستمر فى كتابة المسلسل حتى النهاية.