اليوم نعرف إن كان النائب العام استقال أم أقيل؟.. إذا ذهب إلى مكتبه، أو جلس فى بيته، أو توجه إلى الرئاسة، لتسلم خطاب التكليف الجديد بالعمل سفيراً فى الفاتيكان.. لا أدرى لماذا الفاتيكان؟.. المسألة ليست لأنها بلا سفير.. الفكرة شيطانية، محاولة إثبات أنها تكريم لا إقالة.. النائب العام رفض التكريم.. الرئاسة قالت إنه وافق.. خطير أن تكون الرئاسة فى مواجهة القضاء من جديد!
أسوأ شىء يمكن أن يؤخذ على نظام حكم مرسى أنه اصطدم بالقضاء منذ اللحظة الأولى.. لن يغفر له أننا فى ثورة.. بعض الجهلاء يتصورون أن من يرفض إقالة النائب العام ضد الثورة.. فارق أن تتحدث عن شرعية قانونية وشرعية ثورية.. مشكلتنا أننا كنا هواة، ونحن نمارس ثورتنا.. لم ننظر للمستقبل.. اصطدام الرئاسة هذه المرة بالنائب العام خطير.. أعطى زخماً لمليونية الحساب!
منذ اللحظة الأولى سمعت رأيين لقاضيين كبيرين.. أحدهما هلل وكبر بعد القرار، على طريقة السيدة الأولى.. الآخر قال هذا يوم أسود فى تاريخ القضاء.. إقالة النائب العام تدخل فى السلطة القضائية.. بعض رموز الإخوان كانوا يحومون حول النائب العام.. مسألة نفسية صرف.. عبدالمجيد محمود هو من حبس الرئيس مرسى.. هو من حبس الإخوان.. هو أيضاً من حبس الرئيس مبارك، وابنيه!
فى أول مقابلة، التقى فيها الرئيس مرسى بالمجلس الأعلى للقضاء طلب النائب العام من المستشار حسام الغريانى أن يقول كلمة أخرى غير البروتوكولية.. قال «الغريانى» أنا خلاص بعد أيام على المعاش، اتكلم انت!.. قال النائب العام للرئيس: أنا قاعد لسه معاكم ثلاث سنوات.. قل للإخوان عيب.. حين حبست الإخوان كنت أؤدى وظيفتى، وحين حبست مبارك كنت أؤدى وظيفتى أيضاً!
تصوروا كلمة النائب العام للرئيس «أنا قاعد معاكم».. أصدق أنه لم يتقدم باستقالته.. ليس هذا فقط، ولن يقبل منصب سفير مصر فى الفاتيكان.. القرارات الجمهورية لا مكان لها هنا.. يستطيع الرئيس أن يعين وزير العدل ويعزله.. يستطيع أن يعين النائب العام، ولا يقترب منه.. فى قانون السلطة القضائية الرئيس لا علاقة له بالنائب العام.. لا تعييناً ولا عزلاً.. مسؤولية المجلس الأعلى للقضاء!
المستشار عبدالمجيد محمود كان يعرف أنه سيدخل معركة.. بوادرها كانت تلوح فى الأفق منذ فترة.. تصريحات رموز الإخوان كانت مؤشراً على المعركة المحتملة.. لابد أنه استعد.. ليست معركة النائب العام، وليست معركة نادى القضاة.. المستشار الزند قال إنه يرفض قرار الإقالة.. يتضامن مع النائب العام.. يتمسك ببقائه فى منصبه.. سيمارس عمله اليوم فى مكتبه.. هذه سيادة القانون!
أحداث كثيرة صبت بالمصادفة فى «جمعة كشف الحساب».. كان البعض يقلل من تحركات القوى المدنية.. حين استشعر الإخوان أنها عارمة قالوا إنهم سيشاركون فيها.. بحجة أن هناك أجهزة تتقاعس عن مساعدة الرئيس.. أى كلام لإيجاد مبررات للمشاركة، والتواجد فى الميدان.. فجأة صدر الحكم فى موقعة الجمل، واشتعل الموقف.. أقال الرئيس النائب العام، فعاد الناس إلى الميدان!
مرة أخرى نعود إلى قرارات اللحظة الأخيرة.. قرارات المساء والسهرة قبل مليونيات الجمعة.. الهدف نزع فتيل المليونيات، أو تعليقها.. هذه المرة أربكت الجميع.. لا يغرنك تهليل المهللين، ولا تكبير المكبرين.. بالتعبير الكروى هى «قلشة رئاسية».. هل يواصل القضاة للنهاية؟.. هل هى ثورة يفجرها النائب العام؟!