x

عزت القمحاوي تذكروا الفريق الرئاسى عندما تعدون ضحايا الفيلم عزت القمحاوي الإثنين 17-09-2012 20:41


كل الأطراف التى تقاطعت مع تلك النفاية المسماة فيلماً «براءة المسلمين» قامت بأدوارها العادية.

الأهوج الذى تطاول على نبينا الكريم قام تماماً بالدور الذى سبقه إليه سفهاء لا حصر لهم، من محاولات وأد الدعوة فى مهدها إلى الإيذاء البدنى الحقيقى على الرسول إلى الرسوم الدنماركية، ولكن الإسلام لم يمت ولم يعلق بثوب الرسول أثر لغبرة.

واليمين الأمريكى وإسرائيل قاما بما يقومان به عادة، مولوا الفيلم وحصلوا لصاحبه المزور على تصريح بفيلم وسيناريو آخر، وحددوا توقيت المواجهة لتتزامن مع ذكرى 11 سبتمبر، وكأنهم يقولون للسلفيين المسلمين: مالكم سكتم عنا هكذا؟!

المتشددون أشاعوا الفوضى أمام السفارات فى مصر وتونس واليمن وغيرها، وهو نفس ما قاموا به رداً على رواية سلمان رشدى «آيات شيطانية» والرسوم الدنماركية.

الرئيس أوباما قام بما يقوم به أى رئيس مرشح لدورة ثانية، وأطلق بلاغته لإرضاء ناخبيه، وهو يعلم أنه لا يقول الحق، سواء عندما اعتبر عملية ليبيا رد فعل على الفيلم، وعندما رفس خلطة السمن بالعسل بين إدارته وبين الإخوان، واصفاً مصر بالدولة التى ليست بالصديقة أو العدوة!

والرئيس مرسى قام بما يقوم به رئيس مصر عادة، فترك الجماهير الغاضبة تقوده بدلاً من أن يقودها. استبق الرئيس السلفيين فى تأكيد حب الرسول وهذه مسألة بديهية، كان يجب أن يتحدث فيما بعدها، ونال بتصريحه تخفيضاً فى رتبة البلاد من صديقة لأمريكا إلى بلد «بين بين».

الطرف الذى لم يقم بدوره حقيقة هو الفريق الرئاسى، الذى يمكن أن نحتسبه بين ضحايا المواجهة. ويبدو أن تراث الفردية والاستهانة بفريق العمل ثقافة لن نتخلص منها قريباً.

كان بوسع الفريق أن يقدم النصيحة- لو استشاره الرئيس- وكان وضع القضية فى حجمها سيعفى الرئيس من التناقض بين غضبه الشخصى وبين مواجهة الشرطة للغاضبين الآخرين.

بين الفريق من يعرفون أن الإنترنت عالم كامل، فيه كل شىء، بما فى ذلك المراحيض، ولا يصح أن تتحرك الشعوب لتحرق وتقتل كلما شمت رائحة كريهة من مرحاض فى العالم الافتراضى.

التعقل كان مطلوباً فى مواجهة مغامرة فردية، تتكشف وضاعتها يوماً بعد يوم، حتى إن كان جانب المؤامرة موجوداً.

تكتيكياً استهدف توقيت فتح البالوعة، هزيمة أوباما فى الانتخابات. واستراتيجياً هو خطوة فى سياسة مستمرة، بدأت قبل انهيار الاتحاد السوفيتى، وهى استراتيجية تخليق العدو الإسلامى ليحل محل العدو السوفيتى.

الرأسمالية لا تستطيع أن تستغل العمال دون أن تشغل المجتمع بخطر خارجى، وهذا هو اللقاء بين اليمين وإسرائيل، وهو حلف أكبر من أوباما ورومنى وريجان وبوش وأكبر من الغاضبين المسلمين.

وقد فرضت «الدولة الأمريكية العميقة» على أوباما سياسة خارجية يمينية تجلت بوضوح فى اغتيال أسامة بن لادن، بعد أن مرض واعتزل وأصبح اغتياله غير ضرورى.

ولم يكتفوا بذلك، بل أهانوا فى جثته كل قيم إنسانية لاستفزاز أوسع طيف ممكن من المسلمين، ثم تواصلت المواجهة مع القاعدة، فحصد التنظيم عشرات الأبرياء، بينما تابع الأمريكيون اصطياد الرؤوس، وبينها أبويحيى الليبى، وقد جاءت عملية بنغازى ثأراً لأبى يحيى، على الأرض التى أنجبته.

ولكن الرئيس المقبل على الانتخابات لا يستطيع أن يقول إنه خان مبادئه، وإن القاعدة حققت عليه نصراً، فكان الفيلم شماعة جيدة. وبدلاً من أن تعترف وزيرة خارجيته بالخطأ الاستراتيجى الأمريكى بدعم الإرهاب أو تعترف بخطأ إدارتها التى عبثت بالربيع العربى ودعمت حضور الطيف الإسلامى فى الحكم، إذا بها تعلن أساها لأن مواطنين أمريكيين قتلوا فى البلاد التى ساهمت أمريكا فى صنع ثوراتها!

هذا التبجح يعنى أن الدولة الأمريكية العميقة غير قابلة للإصلاح، ولأنه من الصعب إقناعها بفضائل التواضع، يصعب إقناع فريق منا بأهمية العقل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية