شهدت الأيام الماضية حركة تحولات كبيرة فى منظمات الأعمال الرئيسية، ومواقف عدد من رجال الأعمال الذين كانوا نجوماً فى الفترة السابقة، أو قيادات فى اتحاد الصناعات والغرف التجارية والمستثمرين، للاقتراب من جماعة الإخوان المسلمين من خلال الهرولة إلى الانضمام للجمعيات والمنظمات المحسوبة على الجماعة وأبرزها جمعية «ابدأ» التى أسسها حسن مالك وخيرت الشاطر، القياديان بـ«الإخوان».
وقالت مصادر مطلعة إن عدداً من مسؤولى حملة الفريق أحمد شفيق بدأوا ترتيب أوراقهم للتكيف مع العهد الجديد. وتابعت: الرأى العام لمس مؤخراً رجال أعمال معروفين بعلاقتهم بالنظام السابق ورموزه «مبارك وجمال وسوزان مبارك وأحمد عز»، قلبوا الصفحة سريعاً وهنأوا الرئيس محمد مرسى عبر صفحات بالصحف.
وقالت مصادر مطلعة إن جمعيتى «ابدأ» و«صناع مصر»، اللتين أسسهما رجال أعمال تابعون للإخوان المسلمين، شهدتا خلال الأيام الماضية إقبالاً واسعاً على فتح عضوية بهما ولمستثمرين بعضهم أعلن دعمه لـ«شفيق»، وغيره من المرشحين المنافسين لـ«مرسى» خلال الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية.
وأضافت المصادر أن رجال الأعمال المقربين من النظام السابق يحاولون أن يجدوا مكاناً لهم فى النظام الجديد، من خلال رفع شعارات المصالحة الوطنية والانتماء لمصر، وأنهم أصحاب أكبر استثمارات، وجهودهم خلال السنوات الماضية فى الاستثمار والتشغيل.
وظهر ذلك جلياً من خلال تهافت رجال الأعمال والمستثمرين، خلال الأيام الماضية، على التسابق لنشر إعلاناتهم فى الصحف لتهنئة الرئيس الجديد للحصول على رضائه، وكان على رأسهم محمد أبوالعينين، عضو الأمانة العامة السابق بالحزب الوطنى ومحمد فريد خميس، عضو أمانة السياسات. من جانبه، قال أحمد حجاج، عضو مجلس إدارة جمعية «صناع مصر»، أحد المشاركين فى مشروع النهضة، إنه سيتم خلال الشهر الجارى عقد سلسلة لقاءات مع منظمات الأعمال سواء اتحاد الصناعات أو الغرف التجارية وجمعيات المستثمرين وغيرها لمناقشة مشروع النهضة وسبل تطويره وتعديله لوضعه فى الصورة النهائية، مع إيجاد رأى عام مؤيد ومساند له داخل تلك المنظمات.
وأضاف «حجاج» أن مجتمع منظمات الأعمال سيشهد بالطبع ظهور شريحة جديدة من المستثمرين، لم تكن موجودة على الساحة سابقاً، خاصة أن تلك المنظمات كانت تحكمها العلاقات والتداخلات السياسية بشكل كبير. ولفت إلى أن تلك الشريحة قد تصل إلى قيادة تلك المنظمات خلال الدورة الجديدة التى ستبدأ فى اتحاد الصناعات العام المقبل. وأشار إلى أن عدداً من رجال الأعمال دعموا الرئيس الحالى، وأغلبهم من المحسوبين على النظام السابق، حفاظاً على مصالحهم ومكانتهم.
وقال الدكتور شريف دولار، الخبير الاقتصادى، إن منظمات الأعمال فى مصر عادة ما تتقرب للسلطة الحاكمة، وتتلون بما يتوافق مع معتقدات وأفكار تلك السلطة، حتى لو كانت مختلفة معها، لتحقيق مصالحها، بعكس منظمات الأعمال فى الدول الأكثر ديمقراطية، حيث يرتبط دعمها بتبنى توجهات أيديولوجية حزبية، تدعمها وتدافع عنها، كما فى أمريكا فهناك رجال أعمال داعمون سواء للحزب الجمهورى أو الحزب الديمقراطى.
وقال محمد المرشدى، رئيس غرفة الصناعات النسجية، أحد رجال الأعمال الذين أعلنوا بشكل واضح دعمهم للفريق أحمد شفيق: «يمكن أن نهاجم الرئيس الحالى بسبب اختلاف الأفكار السياسية، ويجب أن نترك له الفرصة كاملة للعمل ونحكم عليه».
وأضاف أنه ليس لديه أى انتماءات سياسية أو حزبية، ومواقفه جاءت للدفاع عن المصالح الوطنية، وأنه ليس من طبعه اعتلاء منصة الهجوم ومعاداة أى شخص دون أسباب، مشيراً إلى أنه لا توجد تخوفات لديه حالياً طالما أن «مرسى» أكد فى خطابه دعم الدولة المدنية والديمقراطية واحترام الدستور والقانون.
وأضاف: «حتى لو جاء وزير الصناعة من أحد الأحزاب الإسلامية فإنه سيتعامل معه لأنه ليس لديه خيار فى تشكيل الحكومة، كما أنه إذا حقق مصلحة الصناعة وقدم لها المساندة المطلوبة والدعم فسيكون مرحباً به».
وتوقع محمد المصرى، نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية، وجود تقارب فى مجال الأعمال، خلال الفترة المقبلة، بين الكيانات ومنظمات الأعمال.
وحول مدى قوة التأثير لدى مختلف الجمعيات، خلال الفترة المقبلة، قال إن هناك كيانات منها اتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية لها قانون خاص ينص على ضرورة الاستعانة بها، قبل اتخاذ القرارات الحكومية الخاصة بهذه المجالات، على عكس الوضع بالنسبة لجمعية «ابدأ»، التى تم تأسيسها وفقاً لقانون الجمعيات الأهلية.
وشدد وليد هلال، رئيس جمعية صناع مصر، على أن هناك خطة لتبنى جميع قضايا الصناعة خلال الفترة المقبلة والعمل على حلها من خلال الجمعية، متوقعاً أن يكون هناك تعاون مع الجمعيات الجديدة، ومنها «ابدأ» لكن لابد من التخصص فى ملفات أخرى منها الاستثمار والتجارة والعقارات.
وأوضح أن الفترة المقبلة تحتاج التعاون بين جميع الكيانات التى تضم الصناع والمستثمرين، لكن مع تخصص كل منها فى عدد من الملفات والقطاعات، بحيث تكون أدوات ضغط وتفاهم جيدة مع الحكومة. وقال ناصر بيان، نائب رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، إن جمعيات المستثمرين لابد أن تتعاون خلال الفترة المقبلة مع الكيانات الجديدة للدفاع عن كل الاستثمارات والعمل على زيادتها، بدلاً من أن تتحول الكيانات الجديدة ــ فى إشارة إلى «ابدأ» ــ إلى قطب جديد فى السوق يضعف الجمعيات الأخرى، وبالتالى يهرول إليه أعضاء الجمعيات الأخرى. وتابع: «إن المؤسسات التى تنتمى لأحزاب أو تدافع عن مصالح مجموعة بعينها دون الآخرين تسقط فى النهاية، كما أثبتت التجربة السابقة ويقال عنها إنها من الفلول، وبالتالى من الأفضل التعاون بين الجميع».
واستبعد محسن الجبالى، رئيس جمعية مستثمرى بنى سويف، وجود توجهات لدى أعضاء الجمعية للسعى إلى الانتماء لتجمعات رجال أعمال ينتمون إلى جماعة الإخوان.
وأضاف أن رجال الأعمال تعلموا من عواقب التقرب من السلطة والألاعيب السياسية، وبدأوا يفكرون قبل الانزلاق إلى انتماء سياسى جديد وشدد على أن «مطالبنا فى بنى سويف ستسلك الطريق الشرعى، وهو ما تم بالفعل منذ تولى حكومة عصام شرف، حيث تم تقديم كشف بأسماء المصانع المغلقة التى تأثرت بتداعيات الثورة وبلغت جملتها 1650 مصنعاً فى جميع المحافظات، من بينها 8 مصانع فى بنى سويف».
وقال عونى عبدالعزيز، رئيس شعبة الأوراق المالية بغرفة القاهرة التجارية، إنه لا مانع أن تظهر كيانات جديدة ذات توجه إسلامى، سواء كانت جمعيات أعمال أو مؤسسات اقتصادية، لكن يجب ألا تقوم كيانات على أنقاض كيانات أخرى.
وأضاف «عبدالعزيز» أنه يجب أن تعمل الكيانات الجديدة بجانب المؤسسات القائمة دون تصفية حسابات، وأن يكون هناك تنافس بينها، وتابع: «يجب ألا نهدم صروحاً لمجرد أنها تنتمى إلى النظام السابق».