الخطاب الأول للدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية المنتخب، رغم ما حمله من طمأنينة للثوار والبسطاء وكثير من القطاعات حتى سائقى التوك توك لم يتطرق إلى بعض الملفات الشائكة وعلى رأسها حرية الإبداع والفن، وهذا ما دفع جبهة الابداع - التى تضم عدداً كبيراً من المبدعين المصريين وصناع السينما والدراما ومنهم المنتج محمد العدل وريم العدل والمونتيرة ولاء سعدة والمخرجون خالد يوسف وأمير رمسيس وهالة خليل وآخرون - دفعهم إلى إصدار بيان عاجل جاء فيه:
أسهب الدكتور محمد مرسى فى خطابه الأول فى سرد طبقات الشعب التى يعد مسؤولاً عن مطالبها، وفى سرد محافظات مصر واحدة تلو آخرى، ونرى أن الخطاب قد أغفل قطاعاً مهماً من أبناء الشعب المصرى، الذين يشكل مصيرهم مصيراً لهوية الوطن من المفكرين والعلماء والمبدعين والفنانين.. أيتخيل أحد اسم مصر دون أن يقترن بنجيب محفوظ أو أم كلثوم أو يوسف شاهين؟ إن رعاية حرية الفكر والإبداع والتفكير والبحث العلمى ليس مطلباً فئوياً، بل هى ضرورة من ضرورات نهضة أى شعب من شعوب الأرض.. كانت الثورة المصرية ثورة وقودها مفاهيم الحرية والعدالة ونصرة الحق أمام الظلم.. مفاهيم تعلمناها وغرست فينا فى يد محمد أبوسويلم المغروسة بدمائها فى تراب أرضه فى فيلم الأرض.. واستوعبناها من حرافيش نجيب محفوظ فى ثوراتهم ضد الفتوة الطاغى.
وأضافت الجبهة فى بيانها: لا يحيا المصريون بالخبز وحده.. المصرى يُحْيِى جسده بالخبز، لكن عقله وروحه يسموان بوحى جملة فى رواية لبهاء طاهر، وقصيدة لأمل دنقل، وفيلم لصلاح أبوسيف، ولوحة لحسن سليمان.
وتوجهت فى الختام برسالة إلى الرئيس طالبت فيها أن يكون إغفال مفكرى وكُتاب ومبدعى مصر فى الخطاب، أهو سهواً نابعاً من جلال ومهابة اللحظة التى أثرت على مشاعرنا جميعاً، وليس تجاهلاً أو استهانة بدورهم فى بناء الوطن.
وتعليقاً على البيان قال المنتج محمد العدل انتظرنا الخطاب الأول للرئيس المنتخب محمد مرسى، لكننا فوجئنا أن كل قضايا الإبداع لم تتم الإشارة إليها بأى حال من الأحول، لا من قريب أو بعيد، لهذا ولضيق الوقت تحدث أعضاء جبهة الإبداع تليفونياً واتفقنا على صيغة البيان، ولا أعرف لماذا عندما وضع الرئيس هذا الخطاب استبعد المفكرين والمبدعين والفنانين، صحيح هو ركز على الطبقات الشعبية باعتبارها الأهم، لكن نحن كمفكرين ومبدعين أيضاً طبقات شعبية ومن حقنا أن يتم وضعنا فى الحسبان ويقوم الرئيس بالإشارة إلى خطته تجاه الفن والإبداع والفكر.. وسنعتبر ما حدث خطأ غير مقصود، وربما سقط الإبداع سهواً بسبب ضيق الوقت، وعموماً نحن نشاهد ما يحدث وستظهر المؤشرات القريبة وضع الإبداع والفن والفكر فى خطة الرئيس الجديد.
المخرج أمير رمسيس قال: أتفق مع كثيرين أننا قفزنا بخطوة ثورية كبيرة نحو مكانة أفضل، وحدثت الانتخابات وهى خطوة ديمقراطية عظيمة، وكلنا سعداء بانتصار إرادة الشعب، لكن كان متوقع أن يقوم الرئيس الذى توجته الثورة على الجميع أن يعطينا بعض الطمأنينة بشأن القضايا الشائكة والهواجس والمخاوف التى تتعلق بالحريات الدينية والشخصية والإبداعية، وهى أكثر الأمور المثيرة للجدل، والتى تعد كابوساً يخيف البعض، وربما سبب هذا الرعب هو الدعاية السلبية التى تظهر التيار الدينى بمعاداة الفن والإبداع والحريات، وكان من المهم جداً أن يعطى الرئيس الجديد أولوية لتلك الأسئلة ويجيب عليها، لكن الخطاب الذى تم توجيهه للفقراء والشعب بوجه عام ويخص الاقتصاد والعدل والتنمية، وهو خطاب متوقع جداً فـ«مرسى» أول رئيس بعد الثورة وطبيعى أن يكون فى صف الشعب ويعمل على مصلحته، لكن كنا نرجو أن يتطرق للملفات الشائكة، لأننا حتى الآن لا نفهم ما الذى ينويه حيال كل تلك الأمور، وربما هو إغفال غير مقصود، ولا يحوى فى طياته نية لتجاهل الفن والفكر، وستثبت الأيام القادمة ما يحمله الرئيس الجديد وبرنامجه تجاه الحريات والفكر.