لم يمنعه مذهبه السلفى ونزوله إلى ميدان التحرير فى الأيام الأولى من الثورة لإسقاط النظام من انتخاب رئيس وزراء النظام السابق، فهو يراه الأصلح لإدارة شؤون البلاد فى هذه المرحلة، رافضا خلط الدين بالسياسة، لذلك حرص على الخروج فى الساعات الأولى من اليوم الأول للانتخاب، ليعطى صوته للفريق أحمد شفيق رئيساً للجمهورية.
أوقات عصيبة مرت بأسرة المهندس سمير سليمان جلس فيها يفكر بين ماضى الدكتور محمد مرسى، مرشح جماعة الإخوان المسلمين، وبين الفريق أحمد شفيق، رئيس وزراء النظام السابق، فهو الذى انتخب الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح رئيساً للجمهورية فى المرحلة الأولى للانتخابات الرئاسية، بسبب ميله للإسلام السياسى المعتدل، حسب وصفه، وقف حائرا فى مرحلة الإعادة بين مرسى وشفيق ليقرر قبل يوم مرحلة الإعادة بساعات معدودة اختيار شفيق بعيوبه ومميزاته، على حد قوله.
«يهيب كل من أبو إسحاق الحوينى والشيخ محمد حسان المسلمين بانتخاب محمد مرسى رئيساً للجمهورية»، لافتات مؤيدة للدكتور مرسى انتشرت بشكل كبير فى شوارع الجيزة وأمام عدد من المساجد ودور تحفيظ قرآن إلى جانب استخدام شاشات عرض كبيرة فى الشوارع تظهر إنجازات الإخوان المسلمين، والدعاية لمرسى داخل المساجد خلقت نوعاً من التشويش والارتباك بداخله، فهو الذى يحرص على الاستماع إلى الشيخ محمد حسان والحوينى ويعتبرهما القدوة الحسنة للمسلمين، إلا أنه يرفض الوصاية عليه وإلغاء عقله فى المرة الأولى التى يستطيع فيها اختيار رئيس الجمهورية بإرادته، حسب قوله.
عقارب الساعة تشير إلى السابعة والنصف صباحا، نغمة المنبه لا تتوقف عن الرنين، صيحات الأم تحث أبناءها على الاستيقاظ، إنه منزل المهندس سمير سليمان 42 سنة، فى إحدى الوحدات السكنية بشارع الهرم، يوم السبت 16 يونيو يختلف عن باقى أيامهم، لأنه يوم اختيار الرئيس القادم فحرصوا على الاستيقاظ بكيرا رغم أنه يوم الإجازة الأسبوعية، بينما حالهم لا يختلف عن باقى الأسر المصرية فالأب يعمل فى القطاع الخاص والأم ربة منزل وثلاثة أبناء والجد، اختلفوا فى مرحلة الانتخابات الرئاسية الأولى على مرشح واحد إلا أنهم اجتمعوا فى الإعادة على الفريق شفيق ليعود الأمن مرة أخرى إلى بلد «الأمن والأمان»، على حد قولهم.
«الأمان كلمة كبيرة مكناش عارفين قيمتها إلا لما فقدناها» بهذه الكلمات عبرت نجوى شعراوى، زوجة المهندس سمير عن أسباب انتخابها للفريق أحمد شفيق قائلة: «بنسمع كل يوم عن عشرات من حالات الاغتصاب والتحرش والقتل والسرقة، بسبب عدم إعادة الشرطة للعمل بكامل طاقتها، وانتشار البلطجية فى الشوارع وغياب الشرطة خلق فى قلوبنا الرعب من المستقبل، فأنا لا أستطيع الخروج من بيتى بعد التاسعة مساء ولا تستطيع بناتى النزول إلى الشارع بمفردهن، وجميعنا على علم بالعداء والخلاف «البايت» بين الإخوان المسلمين والشرطة بسبب ماضيهم واعتقالهم لفترات طويلة، والدكتور مرسى غير مؤهل لرئاسة البلاد وبالتالى لو أصبح مرسى رئيساً للجمهورية فلن يعود الأمن إلى الشارع مرة أخرى» .
يلتقط منها زوجها المهندس سمير طرف الحديث ويقول: «ليس من أسباب اختيارنا للفريق شفيق تحقيق الأمن فقط وإنما هناك أشياء لا تشفع للدكتور مرسى ولجماعة الإخوان المسلمين، فجميعنا يعلم أن الدكتور محمد مرسى لم يكن مرشح الرئاسة وإنما جاءوا به بعد استبعاد لجنة الانتخابات المهندس الشاطر، لذلك فليس مرسى وحده من سيحكمنا، وإنما هناك المهندس خيرت الشاطر والدكتور محمد بديع مرشد الجماعة، ولن نستطيع محاسبته إذا أخطأ لأن جماعة الإخوان المسلمين مجموعة وليست فردا، بينما نستطيع محاكمة الفريق شفيق فى الميدان إذا أخطأ، ووقتها سينزل ميدان التحرير القبطى والمسلم».
عودة أرض النوبة لأهلها، مشاركة قبائل سيناء لتخطيط مستقبل مصر، إعادة حقوق الفلاح.. جميعها متطلبات أساسية يرى المهندس سمير أنه لا يستطيع تحقيقها سوى الفريق شفيق قائلاً: «الدكتور محمد مرسى لن يستطيع التواصل مع الدول الاخرى، لأنه لا يمتلك تاريخا سياسيا ولم نسمع عن إنجازات له من قبل وظهر لنا فجأة قبل الانتخابات، بينما الفريق شفيق رجل عسكرى ومحنك سياسيا واستطاع الارتقاء بوزارة الطيران وجعلها صورة مشرفة لذلك فليس من الصعوبة عليه تخطى هذه الفترة الصعبة بمصر لأنه لا يجب خلط الدين بالسياسة، خاصة فى هذه المرحلة».
الاتهامات الموجهة للفريق شفيق كونه امتدادا للنظام السابق يرى المهندس سمير أنها لا أساس لها من الصحة قائلاً: «لن يحكم مصر ديكتاتور مرة أخرى، لأن الشعب لن يضحك عليه أحد مرة أخرى، ولو حاول شفيق مد يد العون إلى أسرة مبارك أو رموز النظام السابق فالشعب يستطيع قطعها والبلد هتولع وقتها وهتقوم ثورة تانية محدش هيقدر يوقفها».
انتخاب سمير للفريق شفيق رئيساً للجمهورية لم يمنعه من توجيه الانتقادات له، قائلاً: «فوجئنا بتصريحات شفيق بإدخال عدد من آيات الإنجيل فى المناهج التعليمية ورفع آيات من القران الكريم، وهو الأمر الذى لم يكن من المفترض أن يتحدث فيه، لأننا كشعب واحد قبطى ومسلم عشنا تحت سقف واحد، ولم يشعر القبطى بضيق من حفظه عددا من آيات القرآن الكريم، واعتبر البعض تصريحاته مغازلة للأقباط لكسب أصواتهم، وبالتالى فعليه التحدث فى جميع شؤون البلاد فيما عدا الشؤون الدينية، لأننا شعب متدين ولن يسمح قبطى أو مسلم بالتدخل فى دينه».
واستبعد المهندس سمير تحقيق مطالب الثورة خلال 4 سنوات وهى الفترة الرئاسية: «من الصعب النهوض بالبلاد وتحقيق مطالب الثورة خلال 4 سنوات فقط سواء فى حالة شفيق أو مرسى، فالبنية الأساسية للبلاد تحتاج إلى فترة طويلة للنهوض بها، إلى جانب عدم وجود اتفاق بين القوى السياسية على مرشحى الرئاسة، لذلك فمن المحتمل حدوث مصادمات بعد إعلان النتيجة».
48 ساعة غيرت قراره فى مرشحه الرئاسى، شحاتة محمد - الجد - الذى انحاز إلى محمد مرسى فى المرحلة الأولى قرر اختيار شفيق فى المرحلة الثانية بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بحل ثلث البرلمان قائلاً: «فوجئت بحل ثلث البرلمان بسبب أخطاء ومخالفات ارتكبها حزب الأغلبية، فقررت انتخاب شفيق لإحداث موازنة بين السلطة التشريعية والتنفيذية حتى لا يسيطر حزب واحد على السلطتين».
سنوات عمره تمنعه من التصويت داخل اللجان إلا أنها لم تمنعه من اختيار مرشح للرئاسة يراه الأفضل، فمحمد الابن الأكبر لأسرة المهندس سمير، طالب بالصف الأول الثانوى يرفض الدكتور محمد مرسى رئيساً للجمهورية لأنه جاء من رحم جماعة الإخوان المسلمين، التى شرع أعضاؤها فى مجلس الشعب بإعادة الثانوية العامة إلى نظام العام الواحد، وهو ما يراه قراراً خاطئاً على حد قوله، استند فيه أصحابه إلى فرض آرائهم بغض النظر عن أخذ رأى طلاب الثانوية العامة، قائلاً: «لو كان ينفع أدلى بصوتى فى الانتخابات كنت هصوت لأحمد شفيق لأنه اتكلم عن طلبة الثانوية العامة ووعدنا بتيسير الامتحانات، بخلاف نواب الإخوان المسلمين الذين أقروا بتعديل نظام الثانوية العامة إلى مرحلة واحدة دون أخذ رأينا».