من يتابع الصحف القومية خلال العشرة أيام الأخيرة يستطيع بسهولة أن يستشعر روحها فيما قبل تنحى الرئيس المخلوع حسنى مبارك، خاصة خلال أيام الثورة الـ18، تلك الفترة التى دأبت فيها الصحف القومية على شن هجوم حاد على جماعة الإخوان المسلمين والمنتمين لها واتهامهم بأنهم السبب فى حالة الانفلات الأمنى وكل ما شهدته البلاد فى تلك الفترة من اضطرابات، إضافة إلى تحميلهم العديد من التهم. وهذا الأسلوب يذكرنا بالعهد الذى كانت فيه الصحف تشن هجوما حادا على الإخوان، ويبدو أنها بدأت الطريق تجاه إعادة تسمية الجماعة بالمحظورة.
الصحف القومية خلال العشرة أيام الأخيرة اهتمت بشكل كبير بتصريحات المرشح الرئاسى الفريق أحمد شفيق، خاصة تلك التى تتعلق بتورط الإخوان فى موقعة الجمل، بل وذهبت بعض الصحف فى تعاملها مع هذه القضية وهذه التصريحات إلى أنها حقيقه لا تقبل الشك.
صحيفة «الأهرام» كان لها النصيب الأكبر من الهجوم على جماعة الإخوان المسلمين، وجاء الهجوم فى صور متعددة، منها نشر موضوعات صحفية تتضمن تعليقات الخبراء على تصريحات الدكتور محمد مرسى المرشح لرئاسة الجمهورية عن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى الاهتمام الكبير بتصريحات المرشح الرئاسى الفريق أحمد شفيق خاصة تلك التى تتعلق بتورط الإخوان فى قتل المتظاهرين بموقعة الجمل، ونشرها فى الصحفة الرئيسية للجريدة.
وفى عددها الصادر بتاريخ الأحد الموافق 10 من الشهر الجارى اهتمت جريدة الأهرام بشكل واضح بخبر استدعاء كل من الفريق احمد شفيق واللواء حسن الروينى والمذيع توفيق عكاشة للشهادة أمام المحكمة فى القضية المعروفة إعلاميا بـ«موقعة الجمل» حيث نشرت الجريدة الخبر فى صفحتها الأولى والثالثة، مع نشر عدد من الموضوعات التى تتضمن استطلاع رأى خبراء فى القضية.
أما جريدة روز اليوسف فعادت بقوة إلى سياسات ما قبل تنحى مبارك، حيث الهجوم الشديد على جماعة الإخوان المسلمين، واتهامهم بإفساد الحياة السياسية فى مصر والسعى إلى السيطرة على كل مقاليد السلطة فى مصر، وكان هجوم مؤسسة روزا اليوسف واضحاً من خلال المجلة الأسبوعية التى اهتمت بنشر عدد كبير من التحقيقات التى تصب هجوما حاداً على البرلمان بشقيه الشعب والشورى وتتهم جماعة الإخوان المسلمين بالفشل السياسى والانتهازية السياسية خلال إعدادها الصادرة الأسبوعين الماضيين. الانحياز الواضح للفريق أحمد شفيق والهجوم على جماعة الإخوان المسلمين لم يتوقف عند الصحف الورقية فقط، ولكنه امتد الى وكالة أنباء الشرق الأوسط والتى تحولت بشكل واضح إلى بوق دعاية للمرشح الرئاسى أحمد شفيق، ويتضح ذلك بقوة من خلال قيام الوكالة بمد فترة إرسالها حتى الثانية من صباح يوم 5 يونيو، لبث تصريحات شفيق خلال لقائه مع قناة«cbc»، وهو ما لم يحدث منذ أحداث ثورة 25يناير، فضلا عن بدء إرسالها فى أحد الأيام 5 صباحا لإعادة بث أقوال وتصريحات أحمد شفيق فى نفس البرنامج.
أما صحفية «الأخبار» فلم يختلف موقفها كثيرا عن الصحف القومية وأن كان هجومها أقل حدة، حيث نشرت الصحيفة فى عددها الصادر بتاريخ 8 من الشهر الجارى خبرا يتضمن عنوان «ولادة متعثرة للتأسيسية»، وهو الخبر الذى فند تشكيل التأسيسية ومدى تعنت حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين فى تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وعدم توافقهم مع القوى السياسية إلا بعد تهديدات المجلس العسكرى بسحب اللجنة التأسيسية من البرلمان حال عدم التوافق عليها. وكان لجريدة «الجمهورية» نصيب من الهجوم على جماعة الإخوان المسلمين خلال العشرة، أيام الماضية حيث أعربت صحيفة «الجمهورية» فى افتتاحية العدد الصادر يوم الجمعة الموافق 8 من الشهر الجارى عن أسفها إزاء استمرار الخلافات بين القوى السياسية حول تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور.
وقالت الصحيفة مما يؤسف له ألا تتفق الأحزاب والقوى السياسية على تشكيل الجمعية التأسيسية لأول دستور لمصر فى ظل ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة التى شهدت أروع صور الوحدة بين طوائف الشعب، شبابه ورجاله ونسائه حتى الأطفال شاركوا فى إسقاط النظام الاستبدادى الفاسد، أملا فى بناء نظام جديد يحقق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. متحملين تضحيات غالية بالأرواح والدماء وجميع صور المعاناة بعد الثورة. وأكدت الصحيفة أن أمل الجماهير فى عهد جديد يرسمه دستور جديد لم يصل بعد إلى بعض الأحزاب والقوى السياسية التى تتنافس فيما بينها على مكاسب أخرى غير مكاسب الثورة التى تتطلع إليها الجماهير، مشيرة إلى أنه أمر مؤسف بحق، سوف يسجله التاريخ فى صفحات الإدانة. وليس فى صفحات الإنجاز.
وتناولت الصحيفة حالة التخبط التى تمر بها البلاد لاسيما الأزمة الأخيرة الخاصة بالقضاء وذلك على خلفية هجوم النواب على الحكم الصادر على الرئيس السابق مبارك. وقالت الصحيفة: سنة ونصف السنة تقريبا مرت على قيام ثورة يناير العظيمة التى أعادت الأمل لدى المصريين فى عيش حياة كريمة ماديا ومعنويا، بعد أن كان اليأس قد بلغ بهم مبلغه وبرغم هذه المدة الطويلة لم تصحح التجربة أخطاءها ذاتيا كما كنا نأمل، ومازال بعض أطراف المشهد السياسى يتخبطون فى كيفية تحقيق أهداف الثورة بالكامل، فهؤلاء وأولئك يتصارعون على السلطة ويعتقد كل منهم أنه على الحق، وغيره على باطل.
وشددت الصحيفة على ضرورة مراجعة النفس، والبحث عن حلول قابلة للتنفيذ، لما يواجهنا من عقبات تحول دون استكمال مسيرة الديمقراطية، وعودة الإنتاج بكامل طاقته، وكذلك عودة المستثمرين الذين طفشوا، وجذب المزيد من المشروعات الاستثمارية.