مسار المحاكمة: بعد شهور من التحقيقات مع الرئيس السابق محمد حسني مبارك ونجليه (حيث أصدر النائب العام قرارًا بطلب مبارك ونجليه للتحقيق يوم 10 أبريل 2011)، بدأت المحاكمة في 3 أغسطس 2011. وقد استمرت المحاكمة، على مدى 45 جلسة، من 3 أغسطس 2011 إلى 22 فبراير 2012، حين حدد رئيس هيئة المحكمة يوم 2 يونيو 2012 للنطق بالحكم. وقد سارت وقائع المحاكمة على الوجه الآتي: - 3 أغسطس 2011: جلسة إجرائية لبدء المحاكمة وتلاوة قرار الاتهام. - 15 أغسطس 2011: جلسة ثانية قرر فيها القاضي ضم قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه إلى قضية مبارك وابنيه وحسين سالم. كما قرر منع بث المحاكمة تليفزيونيا. - من 5 سبتمبر 2011 إلى 15 سبتمبر 2011: الاستماع إلى شهود الإثبات على مدى سبع جلسات (أهم شهود الإثبات: نائب الرئيس السابق عمر سليمان (13 سبتمبر)، وزير الداخلية وقتذاك منصور عيسوي (14 سبتمبر)، وزير الداخلية الأسبق محمود وجدي (15 سبتمبر)). - 24 سبتمبر: سماع شهادة شاهد الإثبات محمد حسين طنطاوي الذي كان قد طلب تأجيلها من 11 إلى 24 سبتمبر. - من 3 إلى 5 يناير 2012: مرافعة النيابة على مدى ثلاث جلسات. - من 9 إلى 10 يناير 2012: مرافعة المدعين بالحق المدني على مدى جلستين. - من 17 إلى 22 يناير 2012: مرافعة الدفاع عن مبارك ونجليه فريد الديب على مدى خمس جلسات. - من 23 يناير إلى 16 فبراير 2012: مرافعة المحامين عن باقي المتهمين على مدى عشرين جلسة. - 22 فبراير 2012: آخر الجلسات حيث تم تحديد يوم 2 يونيو للنطق بالحكم. الاتهامات: يواجه الرئيس السابق محمد حسني مبارك ونجلاه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه نوعين من التهم: - النوع الأول من التهم موجه إلى مبارك والعادلي ومساعديه، وهو يتعلق بالتحريض والاتفاق والمشاركة في قتل المتظاهرين مع سبق الإصرار أثناء الفترة من 28 يناير 2011 إلى 11 فبراير 2011. - أما النوع الثاني من التهم فهو موجه إلى مبارك ونجليه وحسين سالم، ويتعلق بالفساد المالي، أولا فيما يخص تخصيص سالم 5 فيلات لمبارك وابنيه في شرم الشيخ، وثانيا فيما يخص عقد اتفاقية بيع الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل بأسعار أقل من السوق العالمية. أمر الإحالة: في الجلسة الأولى لمحاكمة حسني مبارك (3 أغسطس 2011)، تلت النيابة العامة قرار إحالة مبارك والمتهمين العشرة الآخرين إلى المحاكمة. - ذكرت النيابة في قرارها أن مبارك «اشترك بطريق الاتفاق مع حبيب العادلي في ارتكاب جنايات الاشتراك في قتل المتظاهرين عمدًا مع سبق الإصرار»، وأنه «سمح باستخدام الأسلحة النارية والمركبات التي تعين قوات الشرطة على تنفيذ الجريمة... دون أن يتدخل بما لديه من صلاحيات لوقف الجريمة». - كذلك ذكرت النيابة أن «المتهم الأول (مبارك) قبل وأخذ لنفسه مع نجليه المتهمين الثالث والرابع العطية المبينة وصفًا وقيمة بالتحقيقات وهي عبارة عن 5 فيلات... بموجب عقود صورية من المتهم الثاني حسين سالم مقابل استغلال نفوذه الحقيقي لدى سلطة عامة، هي محافظة جنوب سيناء، للحصول على تخصيص الأراضي المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات والتي تزيد على مليوني متر مربع لصالح شركة نعمة للجولف والاستثمار السياحي». - وفيما يتعلق بتصدير الغاز، قالت النيابة إن مبارك «اتفق مع المتهم سامح فهمي على إسناد أمر بيع وتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل إلى شركة البحر المتوسط للغاز الذي يملكها حسين سالم، وساعده على ذلك بأن حدد له الشركة في طلب قدمه إليه، فوافق على التعاقد معها بالأمر المباشر ودون اتباع الإجراءات القانونية الصحيحة وبسعر أقل من الأسعار العالمية السائدة» . المتهمون: المتهمون في "محاكمة القرن" هم 11 شخصًا على النحو الآتي: - المتهم الأول: الرئيس السابق محمد حسني السيد مبارك - المتهم الثاني: رجل الأعمال الهارب حسين كامل سالم - المتهم الثالث: ابن الرئيس السابق جمال محمد حسني السيد مبارك - المتهم الرابع: ابن الرئيس السابق علاء محمد حسني السيد مبارك - المتهم الخامس: وزير الداخلية الأسبق حبيب إبراهيم حبيب العادلي - المتهم السادس: مساعد أول وزير الداخلية للأمن المركزى الأسبق اللواء أحمد محمد رمزى عبد الرشيد - المتهم السابع: مساعد أول وزير الداخلية للأمن العام الأسبق اللواء عدلي مصطفى فايد - المتهم الثامن: مساعد أول وزير الداخلية لجهاز مباحث أمن الدولة الأسبق اللواء حسن عبد الرحمن - المتهم التاسع: مساعد أول وزير الداخلية لأمن القاهرة الأسبق اللواء إسماعيل محمد الشاعر - المتهم العاشر: مدير أمن الجيزة الأسبق اللواء أسامة يوسف إسماعيل المراسي - المتهم الحادي عشر: مدير أمن أكتوبر الأسبق اللواء عمر الفرماوى. هيئة المحكمة: - المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة ورئيس هيئة المحكمة. - المستشار محمد عاصم بسيوني عضو هيئة المحكمة - المسشار هاني برهام عضو هيئة المحكمة. مكان احتجاز الرئيس أثناء المحاكمة: - ظل الرئيس السابق حسني مبارك قيد الإقامة الجبرية في منتجع شرم الشيخ بسيناء حتى بدء المحاكمة. - أصدرت محكمة جنايات شمال القاهرة قرارا في أولى جلساتها في 3 أغسطس 2011 بنقله محتجزًا إلى المركز الطبي العالمي في طريق مصر الإسماعيلية الصحراوي. - وفي آخر جلسات المحاكمة قبل النطق بالحكم (22 فبراير 2012)، قرر رئيس المحكمة إرفاق خطاب يتضمن توصية لجنة الصحة بمجلس الشعب بنقل الرئيس السابق إلى مستشفى سجن مزرعة طرة، ضمن أوراق القضية، وهو القرار الذي فسره البعض بأن مبارك لن يتم نقله إلى مستشفى السجن بعد أن طالب بذلك مدعون بالحق المدني. وبالفعل فإن مبارك حتى اليوم قيد الاحتجاز في المركز الطبي العالمي. أين سيحبس مبارك بعد الحكم: - يرى البعض أن مبارك، بصفته العسكرية، سيكون تنفيذه لأي حكم بالسجن تقضي به المحكمة بأحد السجون العسكرية وليس المدنية. وقد كان محامي مبارك فريد الديب قد ركز على أن الأخير مازال ضابطًا بالقوات المسلحة بمحتفظًا برتبته العسكرية وهي «فريق» ، وذلك استنادًا إلى نص المادة الأولى والثالثة من القانون رقم 35 لسنة 1979 التي تقضي بأن قادة نصر أكتوبر يستمرون مدى الحياة في الخدمة العسكرية، وإذا اقتضت الضرورة تعيينهم في الهيئات المدنية، مثلما حدث مع الرئيس السابق، يعودون حال انتهاء خدمتهم مرة أخرى لمناصبهم العسكرية. وبهذا المعنى فإن مبارك من المفترض أن يُسجن بسجن عسكري. - لكن بعض الخبراء أشاروا إلى أنه إذا صدر حكم نهائي ضد الرئيس المخلوع، فإنه طبقا لنص المادة 123 من قانون القضاء العسكرى تلحق بالحكم الصادر ضد المتهم عقوبة تبعية لا ينص عليها منطوق الحكم تتمثل فى الطرد من الخدمة في القوات المسلحة بالنسبة للضباط فى الخدمة، وحرمان المحكوم عليه من التحلي بأي رتبة أو نيشان، وهو ما سيطبق على الرئيس السابق في حالة إدانته بحكم نهائي. وهو ما يعني تحوله إلى شخص مدني يعاقب بالسجن في السجون المدنية. مكان المحاكمة: - بعد البحث في عدة مقترحات (منها أرض المعارض بمدينة نصر)، تم الاتفاق على محاكمة مبارك في مقر أكاديمية الشرطة، التي كان اسمها أكاديمية مبارك، في التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة. - وقد جرت وقائع المحاكمة في القاعة رقم واحد المخصصة للمحاضرات بالمبنى الرئيسي للأكاديمية. - تتكون القاعة من منصة كبيرة أمامها مدرج ضخم ينقسم إلى ثلاثة أقسام طولية وقسمين عرضيين. كما أن جميع حوائط القاعة مجلدة بالخشب وتحتوى على العديد من السماعات. وقام المهندسون والعمال بعمل سور حديدي في المنتصف بطول قاعة المحاكمة للفصل بين أهالي الشهداء والمصابين وبين أنصار مبارك، تحسبا لحدوث أي احتكاكات بينهم. كما يتم تركيب مراوح نظرًا للارتفاع المتوقع لحرارة الجو. وللقاعة ستة أبواب، منها بابان على يمين وعلى يسار المنصة، وآخران بمنتصف المدرج على اليمين وعلى اليسار، وبابان كبيران أعلى المدرج. - استعدادا للمحاكمة قامت أكاديمية الشرطة برفع صورة وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي من لوحة الشرف الخاصة بوزراء الداخلية الموضوعة بالمبنى الرئيسي للأكاديمية، التي كانت تتوسط صورتي وزير الداخلية السابق اللواء محمود وجدي والسيد منصور عيسوي وزير الداخلية الحالي. - كذلك قامت شركة المقاولون العرب بتجهيز القفص الحديدي داخل القاعة الذي يبلغ عرضه نحو 8 أمتار وبارتفاع 3 أمتار وبعمق 3 أمتار، وقامت بعمل حواجز حديدية محكمة لتشكيل القفص الحديدي. - تكلفت تجهيزات القاعة للمحاكمة عدة ملايين من الجنيهات، وصلت في بعض التقديرات إلى 6 ملايين جنيه. دعوى رد المحكمة: تقدم عبد العزيز عامر المحامي، أحد المدعين بالحق المدني، بدعوى لرد هيئة المحكمة التي يحاكم أمامها الرئيس السابق بدعوى تهديد المحكمة لهم في إحدى جلسات نظر القضية بفصل الدعوى المدنية عن الدعوى الجنائية، بالإضافة إلى عدم إتاحة الفرصة لهم لمناقشة المشير طنطاوي وقيام أحد حرس المشير بالاعتداء على محامٍ ودفعه على الأرض. وقد فصلت محكمة استئناف القاهرة في الدعوى ببقاء المستشار أحمد رفعت في محاكمة الرئيس السابق ورفضت المحكمة دعوى الرد المقامة، وقررت تغريمه 6 آلاف جنيه. تأمين المحاكمة: - يشارك في تأمين محاكمة مبارك كل من وزارة الداخلية والقوات المسلحة. - بالنسبة للداخلية، تم حشد أكثر من 20 مدرعة و3 آلاف من ضباط وجنود الأمن المركزي والبحث الجنائي والأمن العام. - أما القوات المسلحة، فدورها هو فرض كردون أمني على منافذ دخول الأكاديمية والاطلاع على تحقيق الشخصية لكل من صدر له تصريح بدخول الجلسة. - يتم استخدام الكلاب البوليسية وبوابات التفتيش الإلكترونية للكشف على الحضور. - يتم تسليم الهواتف المحمولة إلى أمن الأكاديمية قبل الدخول. - أحد الأبواب الجانبية مخصص لدخول المتهمين. أما البوابة الرئيسية، التي تبعد نحو 500 متر عن القاعة، فتدخل منها هيئة المحكمة وجماهير حضور المحاكمة. - خصصت الأجهزة الأمنية مهبطا للطائرات داخل إحدى مناطق الأكاديمية لهبوط الطائرة العمودية التي تقل الرئيس إلى ومن مقر المحاكمة. حضور المحاكمة: - قاعة المحكمة جُهزت لاستقبال حوالي 600 شخص بين محامين ومدعين بالحق المدني وأسر متهمين من الدرجتين الأولى والثانية. - ممثلو الصحف ووكالات الأنباء ووسائل الإعلام يحضرون المحاكمة بموجب تصريح مسبق باسم المستشار السيد عبد العزيز عمر، رئيس محكمة استئناف القاهرة، ويقدم ممثلو الجهات الإعلامية الأجنبية خطابًا رسميًّا من الهيئة العامة للاستعلامات موضحًا به اسم الجهة التي يمثلونها. بث المحاكمة: - تم بث الجلستين الأولى والثانية على الهواء، بعد أن أعلن المستشار أحمد رفعت في مؤتمر صحفي عقده قبيل بدء المحاكمة عن إعطاء حق بث وقائع المحاكمة على الهواء مباشرة حصريًّا للتليفزيون الرسمي المصري. - لكن في الجلسة الثانية، التي عُقدت في 15 أغسطس، قرر رفعت منع البث «حرصا على الصالح العام». وهكذا منع البث بدءًا من الجلسة الثالثة في 5 سبتمبر. فاتورة مبارك بعد الثورة: في دراسة أعدها المستشار عبدالمنعم السيد، المُحَكِّم بمركز التحكيم الدولى، ورد الآتي: - تكاليف علاج مبارك فى مستشفى شرم الشيخ منذ التنحي وحتى نقله إلى المركز الطبي العالمي بلغت 175 مليونًا - تكاليف انتقال فريق التحقيقات إلى المدينة خلال 174 يومًا أقامها الرئيس السابق هناك بلغت نحو 15 مليونًا - تكاليف الانتقالات من شرم الشيخ لمقر المحاكمة باستخدام الطيران وتكلفة الحراسات بلغت 300 مليون - تكاليف انتقال مبارك من المركز الطبي العالمي إلى مقر المحكمة بلغت حوالي 25 مليونًا. - تكاليف حراسة وتأمين محاكمة الرئيس السابق ونجليه بلغت نحو 12 مليونًا. النيابة: - المستشار مصطفي سليمان المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة. - المستشار مصطفى خاطر المحامي العام لنيابة استئناف القاهرة. - المستشار وائل حسين المحامي العام لنيابة استئناف القاهرة. مرافعة النيابة: انقسمت مرافعة النيابة إلى ثلاثة أقسام رئيسية: - القسم الأول، الذي ترافع فيه المستشار مصطفى سليمان المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة، وصفه المراقبون بأنه سياسي عام وهو يعتبر بمثابة «حكمة إدانة لنظام مبارك». حيث وصفت النيابة مبارك بالـ« فرعون» والـ«مستبد»، وقالت إنه «عاث في الأرض فسادًا... راعى مصالحه الشخصية في العقد الأخير من ولايته الذي خصصه لارتكاب خطيئة لم يسبقه أحد من رؤساء مصر السابقين للتخصيص لتوريث الحكم، مما أفسد الحياة السياسية بتزوير إرادة الشعب». وأكدت النيابة أن الرئيس السابق «لم يستمع إلى صوت الشارع الذي يطالب بالعدالة الاجتماعية والحرية واستهان بإرادة الشعب بتزوير الانتخابات لتكون الجواز المزور للتوريث، فإن الرئيس استهان بالملك في فترة حكمه فاستحق انتهاء مشواره بالانكسار والذل من مصر الرئاسة إلى قفص الاتهام» . - أما القسم الثاني فهو يتعلق بوقائع جريمة قتل المتظاهرين، وقد ترافع فيه المستشارون مصطفى سليمان ومصطفى خاطر ووائل حسين، المحاميان العامان بنيابة استئناف القاهرة. وفي هذا القسم استعرض أعضاء النيابة أقوال الشهود وملابسات جرائم قتل المتظاهرين وطالبوا بإصدار حكم الإعدام على المتهمين. - وفي الأخير، فإن القسم الثالث، الذي ترافع فيه المستشار وائل حسين، فقد تناول تقديم الأدلة على تهمة الإضرار العمدي بالمال العام. الدفاع: محامي مبارك ونجليه هو فريد الديب. مرافعة الدفاع: أهم النقاط التي وردت في دفاع الديب: - الدفع بأن القضاء العسكري هو وحده الذي له حق محاكمة مبارك، نظرًا لأن الأخير مازال برتبة فريق بالقوات المسلحة وفقًا للقانون الذي ينص على استمرار أبطال حرب أكتوبر في الخدمة العسكرية مدى الحياة. - نفيه تهمة القتل عن مبارك وتحميله القوات المسلحة المسؤولية حيث إنها تولت تأمين البلاد في 28 يناير 2011. - الدفع بأن مبارك مازال رئيسًا الجمهورية لبطلان قرار تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتولي شؤون البلاد.