x

صراعات الشرق الأوسط تدفع تركيا لإنهاء سياسة الحياد

الأربعاء 30-05-2012 22:28 | كتب: خالد عمر عبد الحليم |

على الرغم من أنه لم يمر إلا عامان تقريبا على قرار تركيا باتباع سياسة «صفر مشكلات» التى تقوم على تجنب الصدام مع مختلف القوى الدولية والإقليمية والسعى للتوافق معها، لكى تكون أنقرة هى بوابة الشرق الأوسط التى لا يمكن لساع للتوغل فى المنطقة تجاهلها إلا أن تلك السياسة بدأت فى التآكل تدريجيا حتى أصبحت تركيا مشتبكة مع العديد من الأطراف الإقليمية.

وفرضت العديد من الظروف الإقليمية على أنقرة أن تغير موقفها وتنخرط فى صراعات كانت تأمل فى تحاشيها، وتأتى الأزمة السورية فى صدارة تلك العوامل، حيث بدأت تركيا بموقف المحايد من الأزمة وصعدت لهجتها ضد نظام الأسد حتى فكرت جديا فى التدخل العسكرى وفرض منطقة عازلة على الحدود السورية تمهيدا لإسقاط النظام السورى.

وما فرض على أنقرة تغيير موقفها حقيقة أن الاضطرابات فى سوريا تسبب مأزقا متفاقما على الحدود بين البلدين، كما أن هناك خشية حقيقية من انهيار الدولة السورية بسبب الضغوط الداخلية بما قد يتسبب فى حصول أكراد سوريا على حكم ذاتى أو انفصالهم عن الدولة الأم بما سيزيد الضغط الداخلى فى المسألة الكردية.

كما عانت تركيا من الاضطرار إلى التصعيد فى مواجهة تل أبيب، بعد مقتل أتراك على قافلة تركية متجهة لقطاع غزة منذ عامين، ووصل الأمر مؤخرا إلى حد إنهاء عقود عسكرية مشتركة بين الطرفين.

كما تصاعدت حدة الخلاف بين أنقرة وطهران فى أعقاب موافقة الأولى على نشر رادار تابع للدرع الصاروخية الأمريكية على أرضها وهو ما اعتبرته طهران بمثابة تهديد واضح لمصالحها، خاصة مع تواتر الأنباء حول اتجاه إسرائيل لتوجيه ضربة منفردة.

واللافت هنا أن اتجاه العلاقات الإيرانية التركية من التعاون إلى الصراع يرتبط أساسا بالربيع العربى، خاصة مع رغبة كل طرف من الطرفين فى الاستحواذ على القدر الأكبر من النفوذ فى المنطقة العربية التى تشهد تغيرات متسارعة، لذا فقد كان واضحا خلال المرحلة الثانية تعدد الزيارات التى قام بها مسؤولو الدولتين إلى دول الربيع العربى بل مشاركة تركيا فى حرب الناتو ضد القذافى.

وزادت الأزمة الإقليمية التركية بعد تبادل الاتهامات الأخير بين المالكى وأردوجان، خاصة فى ظل اتهامات كلا الطرفين للآخر بالتدخل فى الشؤون الداخلية للبلدين، حتى وصل الأمر إلى حد تهديد الزعيم العراقى مسعود برزانى من أنقرة بالاستقلال التام بإقليم كردستان العراق، وساهمت تلك الأزمة أيضا فى تفاقم الانقسام بين أنقرة وطهران مع شعور الأخيرة بأن تركيا لن تمانع فى استهداف إسرائيل لبرنامجها النووى.

وفاقم من الأزمة التركية أن الاعتماد على شعبية أردوجان فى العالم العربى أسهم فى إكساب تركيا تأييدا عربيا، غير أنه كان مؤقتا، كما أنه اتخذ الطابع الشعبى ولم يمتد ليصبح رسميا، كما أن مؤسسات الدول العربية التى مرت بالربيع العربى لم تتشكل بعد بما يسمح لأنقرة باعتماد سياسات طويلة المدى تقوم على تحالفات مع تلك الدول.

وما يزيد من وطأة الأزمة التركية فى الشرق الأوسط أن أنقرة اتجهت للتأثير فى الشرق الأوسط بعد أن يئست تماما من دخول الاتحاد الأوروبى فى ظل ممانعة ألمانية – فرنسية، وهو ما دفعها للبحث عن مجال نفوذ بديل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية