x

ليبيا.. الثورة تفقد بوصلتها وسط فراغ أمنى ومؤسسى

الأربعاء 23-05-2012 07:38 | كتب: أيمن حسونة |
تصوير : رويترز

«لا لحكومة جديدة بعقلية قديمة»، «أين نصيب الجنوب من الثروات»، «أين دور الشباب فى ليبيا الجديدة».. ظهرت هذه الشعارات التى وصلت إلى حد احتجاجات تطالب بإسقاط المجلس الانتقالى الذى يدير شؤون ليبيا فى الوقت الراهن بعد يومين فقط من الاحتفال بمرور عام على الثورة الليبية فى 17 فبراير الماضى، لتعلن أن الوضع لم يتحسن كثيرا بعد سقوط نظام معمر القذافى. ويتحذر مراقبون من ضياع «بوصلة» الثورة الليبية والاتجاه إلى تفكيك ليبيا بعد إعلان إقليم برقة عن حكم ذاتى، وتصاعد التهديدات الأمنية المتمثلة فى رفض الميليشيات التى شاركت فى الثورة وضع أسلحتها، واستمرار عجز المجلس الانتقالى عن إعادة تشغيل المرافق الاقتصادية والخدمية، مما ضاعف من معاناة الليبيين وزاد سخطهم.

ولا تزال مئات الميليشيات المسلحة تتجول فى البلاد بدون رقابة، ويشير مراقبون إلى وجود فراغ أمنى فى البلاد، ونبهت منظمة العفو الدولية إلى أن هذه الميليشيات باتت تهدد الأمن والاستقرار فى أجزاء واسعة من ليبيا دون أن تتصدى لها الحكومة هناك. وقالت المنظمة إن 12 شخصا على الأقل قتلوا أثناء احتجازهم لدى الميليشيات بعد تعرضهم للتعذيب منذ سبتمبر 2011. وتتصاعد فوضى السلاح مع إصرار الميليشيات على التمسك بسلاحها، وممانعتها الانخراط فى قوى الأمن والجيش الوطنى، مما يؤدى إلى تواصل الاشتباكات المسلحة.

وبالنسبة للتوافق المجتمعى فإنه يبدو أكثر هشاشة حيث تصاعدت حدة الاشتباكات القبلية، بسقوط 14 قتيلا و80 مصابا خلال مواجهات بين مجموعات مسلحة وسكان أمازيغ فى بلدة زوارة غرب ليبيا، وذلك فى الوقت الذى تخوض فيه قبيلة «التبو» منذ فبراير الماضى معارك دامية مع قبائل محلية جنوب البلاد، لا سيما فى كفرة وسبها، تسببت فى مقتل العشرات. ويشكل أبرز تهديد لوحدة ليبيا إعلان ساسة وزعماء قبائل شرق ليبيا عن تأسيس مجلس انتقالى لحكم إقليم برقة الذى يضم مدينة بنغازى لتكون المنطقة الجغرافية الممتدة من الحدود المصرية شرقا إلى مدينة سرت غربا فيدرالية اتحادية تعود بليبيا لدستور عام 1964 الذى وضع فترة حكم ملك ليبيا الراحل إدريس السنوسى. ويرأس مجلس برقة أحمد الزبير السنوسى. وأثار هذا الإعلان مخاوف من تقسيم الدولة إلى 3 أقاليم. وطالب مجلس إقليم برقة المنتج للنفط مواطنى الإقليم بمقاطعة الانتخابات المقررة الشهر المقبل لانتخاب جمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا للبلاد.

وفى 26 مارس الماضى سقط أكثر من 70 قتيلا فى اشتباكات لمدة 3 أيام بمدينة سبها جنوب ليبيا.

ويتسم الحراك الديمقراطى ببطء شديد حيث أقر المجلس الوطنى الانتقالى فى 28 يناير الماضى صيغة معدلة من قانون الانتخابات الجديد الذى سيجرى بموجبه انتخاب المجلس التأسيسى، تضمنت إسقاط حصة 10% كانت مخصصة للنساء فى مسودته الأولى. وانتهت الأسبوع الماضى عملية تسجيل الناخبين فى الانتخابات لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية المكونة من 200 عضو يوم 19 يونيو المقبل، ويخصص 120 مقعدا للمرشحين المستقلين، بينما تتنافس الأحزاب السياسية على المقاعد الـ80 الباقية. وسيعين المجلس عند انتخابه رئيس وزراء وحكومة جديدين. كما سيعين المجلس لجنة من الخبراء لكتابة مسودة الدستور الذى سيطرح للاستفتاء العام.

ومع إعلان الحكومة الانتقالية السماح بقيام أحزاب سياسية على أسس دينية، يرجح محللون سياسيون أن تظهر جماعة الإخوان المسلمين كأكثر القوى السياسية تنظيما وأن تلعب دورا مؤثرا فى البلاد. وتسجل أبرز النجاحات فى سياق الحراك الديمقراطى بإجراء انتخابات محلية فى بنغازى ثانية كبرى مدن ليبيا فى 19 مايو الحالى. وتعكس القرارات الحكومية حالة ترد تعيشها ليبيا حيث قرر المجلس الوطنى الانتقالى فى 29 إبريل الماضى الإبقاء على الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالرحيم الكيب، وذلك لضمان نجاح انتخابات المجلس التأسيسى، حيث توترت العلاقة بين الجانبين بعد أن هدد أعضاء المجلس بسحب الثقة من الكيب الذى اتهم بدوره المجلس بعرقلة عمل حكومته. وأبرز القرارات التى اتخذتها الحكومة الليبية كان فى 2 مايو الحالى حيث أصدرت قانونا يجرم تمجيد القذافى أو إهانة ثورة 17 فبراير. وبالنسبة لملف محاكمات رموز النظام السابق، فإنه لم يسفر حتى الآن عن تقدم ملموس وتجرى مفاوضات بين المحكمة الجنائية الدولية والمجلس الانتقالى بشأن معايير محاكمة سيف الإسلام نجل معمر القذافى، حيث قدمت الحكومة الليبية مستندات ووثائق إلى المحكمة تدين سيف الإسلام وتؤكد رفضها تسليمه للمحكمة وتؤكد التزام طرابلس بالمعايير الدولية فى محاكمته.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية