x

إيقاف «المولوي» يفجر أزمة لبنان.. وإطلاق سراحه لا يكفي وحده لاحتواء الكارثة

الثلاثاء 22-05-2012 15:22 | كتب: صالح حذيفة |
تصوير : رويترز

لم تكن الأيام الأخيرة في لبنان حتما ما يتمناه اللبنانيون بغالبيتهم على أبواب الموسم السياحي الذي ينتظرونه كل عام لتحسين أوضاعهم المعيشية، خاصة أن تلك الأوضاع باتت مؤخرا سيئة لدرجة لامست «الخطوط الحمر».

 

واندلعت الأحداث إثر القبض على الشاب الإسلامي شادي المولوي، قبل 10 أيام بتهمة «الانتماء لتنظيم إرهابي مسلح» في مدينة طرابلس الشمالية، قبل أن يقرر القضاء العسكري اللبناني، الثلاثاء، الإفراج عنه. 

وأثار إيقاف المولوي تنديدا واسعا بين القيادات السنية اللبنانية على اختلاف مواقعها السياسية. فهل يعمل هذا القرار على احتواء الأزمة الراهنة، أم أن الوضع المتفجر في شمال لبنان على خلفية الثورة السورية خرج عن نطاق السيطرة.

المشهد الأمني المتفجر من الشمال إلى بيروت، مرورا بحوادث أمنية تنتقل من منطقة إلى أخرى، تشير إلى حقيقة واحدة يؤكدها المراقبون للشأن الداخلي: «لا هيبة للدولة في لبنان». هذه العبارة تختصر كثيرا من معاناة اللبنانيين، ليس في الأسابيع الأخيرة وحسب، بل منذ السبعينات.

الأحداث التي شهدها لبنان الأسبوع الماضي، بدءً من توقيف المولوي، مرورا باشتباكات طرابلس بين السنة (الموالين للثورة السورية) و(العلويين المناهضين لها)، وصولا إلى حادث إطلاق النار على رجل دين سني من قبل عناصر في الجيش اللبناني، يصفها البعض بـالأحداث «التقليدية»، كونها تتكرر منذ الثمانينات بين منطقة باب التبانة ذات الأكثرية السنية ومنطقة جبل محسن ذات الغالبية العلوية.

إلا أن بهاء أبو كروم، مدير مركز «الحدث» للدراسات الاستراتيجية،أكد أن الأزمة هذه المرة تختلف بعمق خطورتها في ظل ما يجري في سوريا من أزمة مستفحلة بدأت تنقلب حربا أهلية وطائفية.

النازحون السوريون.. أحد أسباب تفجر أزمة الطرابلسيين مع سياسات 8 آذار

وأوضح لـ«المصري اليوم» أن «الأزمة ليست مستجدة في لبنان، فهي قديمة بخلفياتها إذ تعود جذورها إلى سلسلة معطيات ووقائع تاريخية ترتبط بتفاصيل الحرب الأهلية اللبنانية ودور النظام السوري فيها وأحداث 7 مايو 2008».

وأكد «أما الجديد فهو المتعلق بتطورات الأزمة السورية. وهناك أسباب أخرى تعود للحالة الاجتماعية والمعيشية الصعبة جدا في الشمال اللبناني وإهمال المنطقة من قبل الدولة تاريخيا». وجاءت قضية النازحين السوريين مؤخرا و«تقاعس الحكومة اللبنانية عن القيام بواجباها تجاههم»، لتزيد من الاحتقان – بحسب مدير مركز «الحدث»، الذي قال «خاصة أن شمال لبنان تعرض لعدد من الاختراقات والاعتداءات التي قام بها الجيش السوري وذهب ضحيتها عدد من أبناء المنطقة، ما دفع الأهالي إلى مطالبة الجيش اللبناني بحماية السكان».

وقال أبو كروم إنه «عوضا عن ذلك، تصرفات بعض القوى العسكرية وأجهزة الأمن كمن يستجيب إلى مطالب النظام السوري في ملاحقة المعارضين السوريين ومضايقة من يساعد النازحين، ليجعل من انفجار الوضع أمراً واقعاً ينتظر الشرارة، وقد أتته بتوقيف شادي المولوي ثم بمقتل الشيخ عبد الواحد».

واعتبر أبو كروم أنه ما لم تبادر القوى السياسية فورا بمعالجة جدية وجريئة تطال الوضع السياسي برمته وتضع حدودا للتعاون الأمني مع النظام السوري الذي بات يهدد السلم الأهلي، وتشرع في حوار وطني جاد للمواضيع الخلافية بإشراك شريحة كبيرة من اللبنانيين تم إقصاءها عن السلطة بعد إسقاط حكومة سعد الحريري، فإن الأمور مفتوحة على مزيد من الانقسام.

لبنان.. رئة النظام السوري في تجاوز أزمة العقوبات

وعلى المستوى الاستراتيجي، يؤكد مدير المركز أن النظام السوري يحاول تشديد قبضته على لبنان والضغط عليه كي يكون الرئة التي تساعد النظام في تجاوز تأثير العقوبات عليه. ولفت إلى أن رد فعل الأهالي في الشمال كان بمثابة «ترسيم للحدود بين الحكومة وبينهم فيما يتعلق باحتضان النازحين السوريين».

ويقول أبو كروم «الحقيقة أن سياسة قوى 8 آذار، ببعض رموزها، وبروز ملامح نظام أمني جديد، إضافة إلى فشل الحكومة في معالجة القضايا المعيشية والحفاظ على الاستقرار، كل ذلك ساعد على لجوء الناس إلى خيارات متطرفة، وما زاد بذلك إقصاء الاعتدال السني الذي مثله سعد الحريري وتياره عن السلطة».

وشدد أبو كروم على أنه إذا ما استمرت الأمور على هذا النحو، فلبنان «ذاهب إلى خيارات متطرفة وانقسام أشد من السابق، خاصة أن البلاد تقف أمام استحقاقين مصيريين، هما التحضير لمرحلة ما بعد مبادرة كوفي أنان في سوريا وما تستوجبه من تعامل شعبي ورسمي لبناني معها، والانتخابات النيابية المقررة صيف 2013 والتي يحاول محور حزب الله وحلفاؤه تكريس استفرادهم فيها بالسلطة»، على حد قوله.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية