بحقائق تبتعد عن الخطابة وترفض قطعيا الاستعطاف، يتحدث، فتلمس فى عباراته إيمانه العميق بحق المكفوفين فى ألا يكونوا مجرد «كمالة أصوات» للصناديق الانتخابية، أو كتلة تتبع حركتها الاتجاه العام لإرادة الناخبين المبصرين.
أخبار متعلقة
محمد الزياتى، 30 عاما، يعمل مدرسا للغة العربية ورئيسا لمجلس إدارة جمعية «مزايا» لذوى الاحتياجات الخاصة، لديه اعتقاد أقرب للعقيدة، بأن للكفيف حقاً فى معرفة برامج المرشحين وسيرهم الذاتية دونما استقطابات، وذلك كى يذهب الصوت لمن يستحق، الأمر الذى دفعه لتحمل عبء بحثى ومادى لإنتاج كتيب فى 107 صفحات بطريقة «برايل» يضم تعريفا بالسيرة الذاتية وبرامج جميع المرشحين.
عن مشروعه التثقيفى، يقول «محمد» لـ«المصرى اليوم»: «واتتنى الفكرة منذ شهر تقريبا، حينما حاولت التعرف على برامج المرشحين، فوجدت وسائل الإعلام تستند إلى محللين سياسيين تتناقض آراؤهم بشدة حول المرشحين، حينها قررت عمل كتيب للمكفوفين، ليتمكنوا من معرفة المرشحين وبرامجهم بعيدا عن الإملاءات أو الاستقطاب الإعلامى، واستطعت بالفعل إنجاز مادته العلمية بمفردى فى أربعة أيام فقط باستخدام برنامج صوتى بالكمبيوتر، وطبعته بعد ذلك بطريقة برايل»
«محمد» كان حريصا فى كتيبه على التعامل مع المرشحين بطريقة واحدة، ولم يميز أحداً منهم، ووزع نسخا من الكتيب على مختلف مؤسسات المكفوفين بمحافظات الجمهورية، يقول: «حرصت أثناء الكتابة على ترتيب المرشحين أبجديا، منعا لأى اتهام بالتفضيل أو الاستعداء لأى مرشح، كما حرصت أيضا على أن يشمل ثلاثة أمور: السيرة الذاتية لكل مرشح حيث تؤثر فى الاختيار، والبرنامج الخاص بكل منهم دونما أى تدخل بالرأى، تاركا الانطباعات للقارئ، واختتمت الكتيب بدليل استرشادى للتصويت». «كن إيجابيا أخى الكفيف، صوتك أمانة فى أرض الكنانة»، جملة كتبها «محمد» فى بداية الكتيب للتأكيد على أهمية التصويت، يقول: «برامج المرشحين مبهمة فيما يخص المعاقين، وقد تواصلت مع حملات أربعة مرشحين لتوضيح رؤيتهم للمعاقين، لكننى لم أتلق استجابة، ومع ذلك، طبعت ملصقات، وضعتها بجوار ملصقات المرشحين، لتعبر عن رغباتنا بطريقة موجزة، علهم يلتفتوا إليها».
«محمد» الذى لم يجد داعما لفكرته، مما كلفه آلاف الجنيهات، لخص حياده بعبارة خطت على الملصقات هى «دعما لرئيس مصر القادم.. اتق الله فى أبناء مصر من المعاقين والمكفوفين»، ويؤكد أهمية أن يتمتع الرئيس القادم بثلاث مقومات هى: «مصالحة النفس، مصارحة الشعب، ومطارحة المنصب»، متمنيا أن يشعر بالشعب بشكل حقيقى، ويعمل على تحسين أوضاع المعاقين بالقانون وليس العطف.
كتيب المرشحين ليس أول إنجازات «محمد»، فقد نجح فى الحصول على مكان للمكفوفين فى المعرض الدولى للكتاب، ثم طبق فكرة «الكتاب الملموس» الذى طبع من خلاله عدة كتب بطريقة برايل ليحقق شعار: «الثقافة تحت أطراف أصابع كل كفيف».
