انتقل إليهم الشعور بالظلم فخرجوا يهتفون ضد النظام. قادوا مظاهرات اتسمت بالبراءة والعفوية إلى ميدان التحرير، رافعين لافتات كتبوا عليها مطالبهم البسيطة، التى حولتهم فى لحظات الهتاف من أطفال كانوا يلعبون فى فناء المدرسة إلى ثوريين يطالبون بحقوقهم فى أكبر ميادين العاصمة. قرروا الاعتصام داخل الميدان، وانضموا لصفوف اللجان الشعبية، وأخيرا شاركوا فى توثيق أحداث ثورة 25 يناير كل على طريقته. هيأوا وطنهم للمستقبل، لكنهم حرموا من المشاركة فى صناعة هذا المستقبل، وانتخاب رئيس مصر القادم.
لم يكن يعلم محمد الفيشاوى «14 عاماً»، طالب فى الصف الثانى الإعدادى، أنه سيقف فى موقف المتفرج ليتابع أحداث أول انتخابات خرجت من رحم الثورة التى شارك فى أحداثها، وبالرغم من يقينه بعدم المشاركة، إلا أنه قرر أن يتابع مواقف وآراء مرشحى الرئاسة ليستقر على مرشح واحد لدعمه: «قررت أن أتابع الأحداث بدقة، حتى تساعدنى على الاختيار، رغم أنى متأكد من استحالة مشاركتى فى الانتخابات لأنى مازلت قاصراً فى نظر القانون، لكننى شاركت فى أحداث الثورة ومن حقى المشاركة فى انتخاب الرئيس القادم».
«محمد»، قرر دعم مرشح وصفه بـ«الثورى» وذلك من خلال تجميع الفيديوهات التى توضح آراءه ومواقفه ولصق «بوستراته» على سيارة والده.
أما سلمى أيمن، «14 عاماً»، طالبة فى الصف الثانى الإعدادى، فاختارت مرشحاً محسوباً على رجال النظام السابق، وبررت هذا الاختيار بقولها: «اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى، وإحنا اتلسعنا من الإخوان المسلمين فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى، لذلك قررت دعم رجل أفعال وعملى».
مريم موسى «13 عاماً»، قررت دعم المرشح الذى سيحقق الشعار الذى خرجت تطالب به يوم جمعة الغضب، وهو «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»: «لأن مش من حقى أن أختار قررت أن أدعم المرشح اللى هيحقق مطالب الثورة»، ووصفت مرشحها بأن «عنده فكر ومثقف مش عايز يبقى رئيس وخلاص».
«عاوز رئيس يساعدنى إنى أكمل تعليمى»، هو المطلب الذى يريده عبد النبى السيد «16 عاماً، الذى يعمل «حداد مسلح»، والذى اعتصم فى الميدان حتى يوم التنحى، «أنا شاركت فى الثورة منذ أول يوم، ونمت مع المعتصمين لأن نفسى أكمل تعليمى». «عبدالنبى»، اختار أحد المرشحين المحسوبين على النظام السابق، وبرر اختياره بأن هذا المرشح «هو الشخص القادر على تلبية مطلبى الوحيد، لإنى سمعته فى لقاء بيتكلم عن تحسين قطاع التعليم فى حال فوزه».