x

رئيس الاستئناف بالأسكندرية: تعديلات «الدستورية» المقترحة مذبحة للقضاة

الأحد 20-05-2012 23:00 | كتب: محمد رضوان |
تصوير : other

أثارت التعديلات التي تقدم بها نائبا حزب النور حسن أبوالعزم، ومحمد جعفر على قانون المحكمة الدستورية العليا، ضجة قضائية وسياسية، لما تتمتع به المحكمة من دور حيوي في الرقابة القضائية، ولدورها كذلك في كثير من الشؤون المتعلقة بالانتخابات الرئاسية.

واعتبر بعض قضاة «الدستورية» التعديلات «مذبحة» جديدة للقضاة، كمذبحة عام 1969، فيما اعتبرها آخرون انتقاما منها تحت غطاء الشرعية الثورية.

ورغم تراجع النائب «جعفر» عن اقتراحاته، لكنّ أبوالعزم لايزال مصمما على التعديلات، التي وصفها كثيرون بأنه «الأخطر» على تشكيل المحكمة، الذي سيضم في عضويتها -طبقا للتعديلات- نوابًا لرئيس محكمة النقض ورؤساء من محكمة الاستئناف ونوابا لرئيس مجلس الدولة، في محاولة لإبعاد سيطرة السلطة التنفيذية عنها.

«المصرى اليوم» حاورت المستشار الدكتور عبدالفتاح مراد، أستاذ القانون الإداري والدستوري، رئيس محكمة الاستئناف بالأسكندرية، حول القضية، والذي وصف في حواره التعديلات بأنها «انتهاك صارخ» لدولة القانون.

واعتبر مراد» مشروع القانون بأنه «مذبحة جديدة» للقضاء، لأنه لا يجوز عرض أي قانون يتعلق بالمحكمة الدستورية العليا على مجلس الشعب، دون عرضه أولا على الجمعية العمومية للمحكمة.

ما هي رؤيتكم بشأن الدوافع الحقيقية وراء تقديم مشروع القانون في هذا التوقيت بالذات؟

نحن نرى أن المشروع مخالف للإعلان الدستوري، ولقانون المحكمة، وللمبادئ فوق الدستورية، وللقانون الدستوري الدولي، ويعتبر انتهاكا صارخا لدولة القانون، ولاستقلال القضاء، ومذبحة جديدة للقضاء على غرار مذبحة 1969 تحت ستار الشرعية الثورية، لأنه لا يجوز عرض أي قانون يتعلق بالمحكمة الدستورية العليا على مجلس الشعب دون عرضه أولاً على الجمعية العمومية للمحكمة، طبقا للمادة (8) من قانون المحكمة الدستورية العليا.

أما الدوافع، وهي التي يشاركنا فيها بعض الفقهاء، ترجع إلى شبه وجود مصالح ذاتية انتقامية ضد أعضاء المحكمة الدستورية، التي تنظر حاليا مدى دستورية قانون انتخاب مجلسي الشعب والشورى، الذى قد يترتب عليه الحكم ببطلان انتخابات مجلس الشعب. فإن الهدف الحقيقى من هذا المشروع هو إلغاء سلطة المحكمة في الرقابة على مدى دستورية النصوص الخاصة بقانون الانتخابات البرلمانية.

 

لكن هناك بالفعل تعديلا تم على قانون المحكمة الدستورية يعالج بعض المخاوف من عدم استقلالية المحكمة؟

نعم هذا حقيقي، فقد أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتاريخ 18/6/2011 مرسومًا بقانون رقم 48 لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا، وينص على أن «يستبدل  بنص المادة (5) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - النص الآتى: يعين رئيس المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية من بين أقدم ثلاثة نواب لرئيس المحكمة بعد موافقة الجمعية العامة للمحكمة، ويعين نائب رئيس المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة الجمعية العامة للمحكمة.

ويجب أن يكون ثلثا نواب رئيس المحكمة على الأقل من بين أعضاء الهيئات القضائية، على أن تكون الأولوية فى التعيين لأعضاء هيئة المفوضين بالمحكمة، ويحدد قرار التعيين أقدمية نائب رئيس المحكمة.

 

ما هي مظاهر المساس باستقلال القضاء التي تضمنها مشروعا القانون المذكورين؟

يقرر الإعلان الدستوري مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ استقلال القضاء كسلطة من سلطات الدولة، فهو يمنع أي سلطة أخرى مثل مجلس الشعب من التدخل في تنظيم القضاء أو إعادة تنظيمه بشكل يخالف النصوص الواردة في الإعلان الدستوري بشأن استقلال القضاء، فالإعلان الدستوري باعتباره القانون الأعلى في الدولة في مصر الآن، لا يجيز لأي أداة أن تخالفه، لأنها تكون أداة أدنى من مرتبته العالية، ولذلك فإن الاستقلال الكامل للقضاء في مواجهة السلطتين التشريعية والتنفيذية هو الذي يعطي الثقة الأكبر لقوة القضاء كسلطة مستقلة في الدولة ومن بين عناصر السلطة القضائية المحكمة الدستورية العليا التي يحاول البعض المساس باستقلالها.

 

هل ترى فى التعديلات التى تم اقتراحها أخيرا مقدمة لتدخلات فى شؤون القضاء؟

للأسف، توجد أساليب متعددة تستطيع بواسطتها السلطة التشريعية أن تنفذ إلي قدس القضاء، ومن أخطر هذه الأساليب وأكثرها شيوعا في البلاد العربية تدخل السلطة التشريعية في تنظيم القضاء أو إعادة تنظيمه، وذلك عن طريق إصدار قرارات بقوانين أو قوانين تنظيم السلطة القضائية.

وخير مثال عملي ما حدث في مذبحة القضاة، عندما صدر تشريع في سنة 1969 أجاز للسلطة التنفيذية إجراء تنظيم قضائي تم بمقتضاه إقصاء ما يزيد على 140 قاضيا من جميع الهيئات القضائية.

 

ما هي اقتراحاتكم لضمان عدم تكرار ما تصفه بـ«تعدي أي من السلطتين التشريعية أو التنفيذية على استقلال القضاء»؟

هذا يتم بوسيلتين، الأولى: أن يتم تمثيل الهيئات القضائية الخمس تمثيلا عادلاً فى اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، بعدد ثلث أعضاء لجنة المائة، كما حدث في لجنة وضع الدستور الإيطالي الحالي.

أما الوسيلة الثانية، أن يتم تخصيص باب مستقل من أبواب الدستور الجديد لكل هيئة من الهيئات القضائية الخمس، وهي القضاء العادي والمحكمة الدستورية العليا، ومجلس الدولة والنيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة، وأن يتم النص فيه على العناصر الرئيسية لاستقلال القضاء التي يعلمها جيدا القضاة دون غيرهم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية