تتجه اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب، إلى وضع معايير داخلية، تلزم بها الحكومة، حال تقدمها بطلب الموافقة من البرلمان على أي قروض، بينما انتقد خبراء ومصرفيون رفض المجلس أحد القروض الدولية بسبب أنه ربوي ومحرم في الشريعة الإسلامية.
وأبدى الخبراء تخوفهم من عدم تفعيل قاعدة «الضرورات تبيح المحذورات»، حال مناقشة القروض الدولية تحت قبة البرلمان، وهو ما يعكس صورة «غير جيدة» دوليًا، ويعرقل حصول مصر على شهادة الثقة من صندوق النقد الدولي.
وأوقف مجلس الشعب، بعد رفض عدد من النواب الاقتراض من البنك الدولي بقيمة 300 مليون دولار لدعم مشاريع الصرف الصحي، على خلفية كون هذا القرض «ربوي»، ومحرم في الشريعة الإسلامية.
وقال إبراهيم عبد الرحمن، وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب، في تصريح لـ«المصري اليوم»، إن سعر الفائدة على القروض الدولية يعد تكلفة على الدولة ويمثل «نقطة الخلاف» بين البرلمان والحكومة.
وأضاف أن اللجنة الاقتصادية لن توافق على أي قروض دولية تراها غير ضرورية لها بدائل محلية، خاصة أن اللجنة ستضع قواعد جديدة من بينها شروط الأهمية خلال مناقشة قروض مؤسسات التمويل الدولية.
وأكد عبد الرحمن أن اللجنة لاحظت خلال الفترات الأخيرة أن الحكومة كثفت من طلباتها للاقتراض الدولي وهو ما جعل اللجنة دائمة المناقشة لهذه القروض، ودفعها دفعا إلى تعطيل قوانين مهمة تنظم السوق المحلية منها قانون الممارسات الاحتكارية.
وأوضح أن الجدل الدائر حاليًا بين اللجنة وفايزة أبو النجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، مصدره الرئيسي القروض الدولية، فالحكومة «لا يوجد ما يشغل بالها إلى الاقتراض حتى وإن كان للهيكلة الإدارية وشراء حواسب آلية».
كان بعض النواب خلال مناقشة قرض البنك الدولي، اعتبروا أن مشكلة الصرف الصحي «هامشية بالمقارنة بمسؤولية دخول جهنم»، مشيرين إلى إمكانية تدبير الأموال اللازمة لمشكلات الصرف الصحي، وقال أحد النواب إن الضرورات تبيح المحظورات ومشكلة الصرف الصحي تمثل مهلكة.
وقال وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب، «ليست لدينا أي موانع للتعامل مع مؤسسات التمويل الدولية ولكن في الضروريات فقط»، متهماً الحكومة بسعيها الدائم لإظهار أن مصر فقيرة أمام المجتمع الدولي، رغم أن المصروفات تتخطى 500 مليار جنيه فماذا تفعل ملياري جنيه من قرض دولي.
من جانبه أكد أحمد سليم، مدير البنك العربي الأفريقي، إن القروض الدولية أمر حتمي، خاصة في ظل عجز الموازنة العامة للدولة، وعدم توافر البدائل.
وقال إن التعامل مع المؤسسات الدولية لا يحمل أي شبهات فهي معاملات مالية لا يمكن الابتعاد عنها.
وأكد الدكتور فخري الفقي، المساعد السابق لمدير صندوق النقد الدولي، أن رفض البرلمان للقروض الدولية على خلفية شرعية سيضر مصر ولن يمنحها شهادة الثقة من البنك الدولي في ظل انعدام الموارد التي نادى بها حزب الأغلبية والمتمثلة في الصكوك الإسلامية وشهادات الإيداع.
وقال «الفقي»، إنه من الضروري الاقتراض الدولي، خاصة أن المدخرات الحكومية وغير الحكومية من ودائع المواطنين في البنوك والقطاع الخاص، تمثل 20% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة التي تحتاجها الدولة استثمارها للوصول إلى معدل نمو يتراوح بين 4 و 4.5%.
لكن الفقي أوضح أنه بطرح عجز الموازنة من الناتج المحلي سنجد أن هناك انخفاضًا في المدخرات بنسبة 5% لتسجل 15% بدلًا من 20% وهي نسبة تقل عن المطلوب استثماره لسد العجز في الموازنة.
وأشار إلى أن الفارق تمثل قيمته 11 مليار دولار وهو ما تحتاجه الدولة لسد عجز الموازنة من خلال استثماره، لافتا إلى أن البدائل من الصكوك الإسلامية، شهادات الإيداع التي يتم طرحها على المصريين بالخارج تحتاج وقتًا طويلًا لجمع الأموال.