قالت قيادات إسلامية جزائرية لـ«المصري اليوم»، إن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، الذي ينتمي له الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لم يعِ درس الربيع العربي، واتهموه بتزوير نتائج الانتخابات الأخيرة التي أدت إلى حصده أغلبية برلمانية قالوا إنها لا تعبر عن الواقع السياسي في البلاد، وحذّروا من انفجار الشارع في وجه السلطة التي «أعادت استنساخ نفسها».
وتسببت نتائج الانتخابات الأخيرة في صدمة للإسلاميين في الجزائر، بعد أن أسفرت عن تراجعهم إلى المرتبة الثالثة في ترتيب مقاعد البرلمان، خلافا لكل المؤشرات الداخلية والإقليمية التي رشحتهم لحصد أغلبية المقاعد، أو احتلال المركز الثاني على أقل تقدير.
وحل الإسلاميون في المركز الثالث بـ 48 مقعدا فقط من أصل 462، بينما حصدت جبهة التحرير الوطني 220 مقعدا في وقت كانت الأصوات فيه تتعالى داعية لـ«وضعه في المتحف».
وفي المقابل، كان الإسلاميون يظهرون في موقع أفضل، فعددهم وصل إلى 6 أحزاب، 3 قديمة تحالفت في قائمة واحدة هي حركات مجتمع السلم، والنهضة، والإصلاح، إضافة إلى 3 جديدة خاضت الانتخابات منفردة وهي: جبهة العدالة والتنمية، وحركة التغيير، وحزب الجزائر الجديدة.
لذلك اتجهت التوقعات بقوة إلى أن يتبوأ التيار الإسلامي في عمومه متقدما، مستفيدا من وصول الإسلاميين إلى السلطة في دول عربية مجاورة. ومن هنا، جاءت ردود فعل قيادات التيار الإسلامي مجمعة على أنهم وقعوا «ضحية للتزوير».
ففي حديث لـ«المصري اليوم»، قال أبو جرة سلطاني، رئيس حركة مجتمع السلم إن «النتائج غريبة، ولا تعكس الواقع السياسي، ولا أطوار الحملة الانتخابية»، مشيرا إلى أن كل التوقعات كانت تجمع على أن التكتل الإسلامي سيحتل الصدارة، أو يأتي في المركز الثاني، وبعدد مقاعد يفوق الـ 100.
من جهته، اعتبر عبد الرزاق مقري، نائب رئيس حركة مجتمع السلم، في حديث تلفزيوني لـ«المصري اليوم» أن هذه النتائج «مهزلة حقيقية، ولا تعبر حقيقة عن مكانة التيار الإسلامي». وأشار إلى أن «السلطة خدمت التيار الإسلامي من حيث لا تحتسب، لأنها أعطته الفرصة لتزعم المعارضة».
وتوقع مقري ألا يصمد البرلمان الجديد طويلا، بالنظر إلى الضغوط التي سيتعرض لها، والأزمات التي ستلاحقه. وأمام الوضع الداخلي المعقد والمحيط الإقليمي الذي تعيشه البلاد، توقع مقري أن «تواجه السلطة هذه المرة الشعب الجزائري وجها لوجه، وستتحمل تبعات التزوير الذي وقع».
من جهته، قال امحمد حديبي، القيادي في حركة النهضة، لـ«المصري اليوم» إن السلطة «أعادت استنساخ نفسها»، وأن الذي حدث «مهزلة للربيع العربي في الجزائر»، مؤكدا أن «السلطة لم تع الدرس جيدا، وتدفع الشارع للانفجار». وأوضح «الإسلاميون أرادوها ثورة عن طريق الصناديق.. والسلطة تريد الدفع إلى انفجار الشارع».
أما عبد المجيد مناصرة، رئيس حركة التغيير، فأكد أن «السلطة فوتت فرصة التغيير السلمي الديمقراطي»، معتبرا أنه بهذه النتائج، فإن الجزائر لن تتمكن من أن تكون في صدارة دول المنطقة، نظرا لتفوق دول أخرى عليها ديمقراطيا. وأضاف أن على الإسلاميين توحيد مواقفهم إذا ما أرادوا اللعب بورقة المعارضة، «وهو الأمر الذي فشلوا فيه حتى الآن».
ويشار إلى أنه وفقا لتصريحات قيادييها، فإن حركة «مجتمع السلم»، أقوى هذه الأحزاب، لم تحسم أمرها من مسألة «التخندق في المعارضة»، علما بأن الكثيرين من أقطابها يعتبرون أنها صنعت مجدها من خلال مشاركتها في الحكم وأن الجلوس في مقاعد المعارضة ربما يقضي على ما تبقى من رصيدها السياسي بعد نتائج هذه الانتخابات.