x

البرازيل.. الدستور «بيت الفقراء»

الأحد 13-05-2012 14:52 | كتب: أحمد محجوب |
تصوير : other

فى عام 1550 وصل البرتغالى بيرو ألفاريز كابرال، إلى شواطئ البرازيل الشرقية، ليعلن اكتشافه لأكبر دول أمريكا اللاتينية، ويضمها لمستعمرات البرتغال، ليستمر الاحتلال أكثر من قرنين.

ما إن تم إعلان استقلال البرازيل فى 1989، لتجد الدولة نفسها مقسمة بين أقلية تملك كل شىء، وفقراء تحرر غالبيتهم من العبودية قبل الاستقلال بعام واحد، ووسط هذه الأجواء شهدت البرازيل، محاولات لإجراء إصلاحات دستورية وسياسية، إلا أنها غالباً ما كان يتم إجهاضها على يد الأثرياء والعسكرى، الذين حكموا البلاد طويلاً.

ترسخت فكرة الحكم العسكرى تماماً فى 1930، حيث أدار البلاد مجلس عسكرى، وما إن عاد العسكر لثكناتهم، مع نفوذ واسع فى أروقة الدولة، حتى فشل 4 رؤساء فى حل معضلة الفقر فى البرازيل، ليعود العسكر مرة أخرى فى 1969 بالمجلس العسكرى الثانى، يتبعه 4 جنرالات فى منصب الرئيس، ثم الرئيس المليونير خوسية سارينى، أحد أكبر مالكى وسائل الإعلام فى البرازيل، لتضطر الدولة فى عهده تحت ضغوط شعبية هائلة بسبب الفقر إلى إعلان دستور 1988 كخطوة أولى على طريق وقف تهميش الفقراء.

رغم انتشار الفقر فى البرازيل بشكل عام، لكن العالم عرف حجم المأساة من حى سيوداد دى ديوس، حيث استخدم سياسيون وتجار مخدرات هذه الفئة المهمشة من المواطنين فى تكوين ميليشيات مسلحة، روعت الجميع، فيما تجاهلت الدولة الحى الفقير (المعروف باسم مدينة الرب)، كانت الاحتجاجات فى الشارع تغلى ضد العنف والفساد وسياسات الرئيس سارينى الليبرالية، التى وضعت البرازيل على حافة الهاوية الاقتصادية.

فى الدستور البرازيلى، حاول المشرع أن يضع ضمانات متعددة تمنع عودة العسكريين، وتعطى الفقراء حصانة من تكرار سيناريو مدينة الرب، حتى نجحت الدولة فى أن تصبح واحدة من أقوى 20 اقتصاد فى العالم.

تنص المادة الأولى من الدستور على أن «جمهورية البرازيل الاتحادية دولة ديمقراطية تقوم على السيادة والمواطنة وكرامة الإنسان والتعددية السياسية والقيمة الاجتماعية للعمل والاقتصاد الحر». ورغم الاعتراف بالاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق، فإن المادة 3 تحدد أهداف الدولة نفسها فى 4 محاور رئيسية هى «بناء مجتمع حر وعادل ومتضامن، وضمان التنمية الوطنية، والقضاء على الفقر وظروف المعيشة الأدنى من المستوى اللائق، والحد من أوجه انعدام المساواة، وتعزيز رفاهة الجميع».

وفى باب «الحقوق الأساسية»، تفصل المادة 78 حقاً للشعب البرازيلى فى مواجهة السلطة، تشمل تفاصيل لم ينص عليها أى دستور آخر فى العالم، فحسب الفقرة رقم 11 ينص الدستور على أن «المنزل هو مأوى الفرد ولا يجوز انتهاكه ولا يجوز لأحد أن يدخله دون موافقة ساكنه، إلا فى حالات التلبس بجريمة، أو حدوث كارثة، أو من أجل تقديم العون، أو بموجب أمر من المحكمة، وعلى ألا يحدث الدخول إلا أثناء النهار»، ويأتى هذا النص بعد سلسلة اغتيالات نفذتها الشرطة البرازيلية فى فترة الحكم العسكرى خلال مداهمات ليليلة للقرى الفقيرة، واستند دفاع المتهمين بالقتل إلى أن القرى لا يوجد بها كهرباء، وأنهم لم يستطيعوا تحديد الضحايا، الذين كان منهم قيادات نقابية ومحلية.

أما الفقرة رقم 26 فتحمى أملاك الفقراء خاصة الفلاحين، حتى من استخدام قيمة تلك العقارات من سداد الديون، فتقول «لا تخضع الممتلكات الريفية الصغيرة، وبشرط أن تكون الأسرة تستغلها، للضم لأغراض دفع الديون التى تكبدتها بسبب أنشطتها الإنتاجية».

ولضمان حقوق البرازيليات الفقيرات، خاصة مع انتشار الزواج من أجانب للحصول على المال فى فترة التدهور الاقتصادى، قررت الفقرة 31 من الدستور أن «القانون البرازيلى ينظم تحويل ممتلكات الأجانب الموجودة فى البرازيل، تنظيما يكون فى صالح الزوجة أو الزوج البرازيلى، أو الأطفال البرازيليين (فى حالة وفاة المالك الأصلى) متى كان القانون الذى يخضع له الشخص المتوفى ليس فى صالحهم بدرجة أكبر».

وكحق دستورى للفقراء، تنص الفقرة 67 على أنه «لا يسجن أحد سجناً مدنياً بسبب مديونيته إلا فى حالة ما إذا كان مسؤولاً عن التخلف طوعا ودون مبرر عن أداء التزامه بدفع النفقة، وفى حالة الوصى غير الأمين». فيما تنص الفقرة 73 على إعفاء المواطن الذى أقام دعوى «باسم الشعب» لإبطال أى قانون أو إجراء من تكاليف التقاضى «إلا إذا ثبت سوء نيته»، وحتى فى تلك الحالة وحسب الفقرة 74 «تقدم مساعدة قانونية كاملة ومجانية للذين يثبتون عدم كفاية ما لديهم من أموال»، وتنص الفقرة 75 على أن «الدولة تعوض الشخص الذى يدان بسبب خطأ قضائى، والشخص الذى يظل سجينا لفترة أطول من المحددة فى الحكم الصادر بحقه»، أما المادة 76 فتنص على «إعفاء جميع الذين يعترف بهم كفقراء» من أى رسوم لإصدار شهادات الميلاد وشهادات الوفاة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية