«شيزلونج» جريدة مسرحية ساخرة من أوضاع ملتبسة وعبثية تسود المشهد السياسى المصرى الحالى قام بها طلاب جامعة عين شمس من خلال ورشة تجارب فرقة الشباب.
يبدأ العمل بسخرية مريرة من سيطرة المنتج الصينى على السوق المصرية.. ثم للتعبير عن الخلل فى حياتنا السياسية يقوم ممثلان بدور سيدتين تعكسان وجهتى نظريهما فى الحياة السياسية والانفلات الأمنى بشكل ساخر لا يرحم المتواطئين والمرشحين المنتمين لتيار الإسلام السياسى ومجلس الشعب! وتزداد السخرية بتخيل سيطرة جماعة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» على الأمور وكيف سنقع تحت رحمة أفكار جامدة وأناس جهلاء! ويتفجر الضحك مع تحريمهم دراسة اللغة الأنجليزية لغة الفرنجة!!
تتواصل اللوحات الساخرة لتتعرض لمأساة زملكاوى محروم من فرحة الفوز من البطولات! كان المشهد يصلح كإطار لفضح النظام القديم الذى استخدم الكرة كمخدر للشعوب! ولكن السحر انقلب على الساحر وتحول مشجعو الكرة إلى ثوار حقيقيين ساهموا فى إسقاط نظام المخلوع! كان من المفيد فضح دور نظام مبارك فى إشعال خلاف مفتعل بين مصر والجزائر بسبب الكرة ولأهداف سياسية تصب فى مصلحة الوريث! ومر العرض على مذبحة بورسعيد سريعا منتصرا للكوميديا على حساب فتح الجروح!
فى مشهد جميل ينتقد النظرة العنصرية تجاه أهل النوبة وذوى البشرة السمراء بشكل عام! فمنهم الطبيب والعالم والمهندس ومن تم تكريمه من دول العالم! ولكن مازال البعض يتصور أن أصحاب البشرة السمراء هم من يقومون بالأعمال الدنيا فى المجتمع! رغم أن هذه الأعمال لها أهميتها العظيمة فى أى مجتمع متحضر! ولكن من الغريب أن ينتقد العرض التقليل من أصحاب البشرة السمراء ثم يسخر منهم فى العمل نفسه على طريقة المسرح التجارى! فيقول الممثل الأسمر بأنه اتحرق! والحقيقة أن لون البشرة الأصلى للمصريين الفراعنة هو اللون الأسمر الذى لم يتغير عبر العصور فى جنوب مصر البعيد عن المستعمرين وهو اللون الذى يربطنا بجذورنا الأفريقية الحقيقية.
أحلام الشباب الضائعة لها مكانها فى العرض، فنحن أمام فتاة ينفر منها العرسان لبدانتها! وكان من الأفضل طرح مشكلة العنوسة بشكل عام وارتباطها بنهب مصر على مدى ثلاثين عاما مضت!
ورغم أن عروض مسرح الدولة المصاب بالشيخوخة وتصلب الشرايين الفنية تتعدى ميزانية العرض الواحد فيه ملايين الجنيهات فقد تم إنتاج هذا العمل بـ50 ألف جنية فقط! وهى حقيقة يجب أن تحفز وزير الثقافة الذى شاهد العمل المسرحى وأشاد به أن يتبنى سياسة إنتاجية مختلفة تعتمد على الشباب المبدع فى الجامعات وجميع المحافظات وبميزانيات محدودة ومتوسطة مع الإبقاء على فرقة مسرحية واحدة لإنتاج الكلاسيكيات العالمية بميزانيات كبيرة فى حال وجود نجوم حقيقيين قادرين على اجتذاب الجمهور.
محمد الصغير شاب واعد استطاع أن يقود فريق عمل كبيراً تجاوز الـ 23 فناناً وفنياً إلى تقديم رؤية شبابية طازجة لأحوالنا السياسية المختلفة بقدر كبير من المتعة والكوميديا.
يحتاج العمل إلى (الدراما تورج) وهو ناقد ومبدع مسرحى يتابع مع الشباب التدريبات ويقوم بإعادة صياغة الارتجالات وربط المشاهد الدرامية بعضها بما له من خبرة فى التأليف ورؤية فنية تتفاعل مع رؤية فريق العمل.
مهندس الديكور يمكنه أن يغنى المسرح أكثر بأفكاره رغم ضعف الميزانية كما يحتاج المخرج لتوظيف درامى أكبر للإضاءة.
الموسيقى لتامر سنجر واستعراضات فاروق جعفر وظفت بشكل جيد دراميا.
العمل متميز فنيا وأدعو لأن يطوف هذا العرض محافظات مصر وأدعو الفنان والممثل والمخرج الشاب شادى سرور للاستمرار فى تجربة الورشة المسرحية وتقديم عروض جديدة متميزة.
تحتاج وزارة الثقافة لتغيير سياساتها تجاه هذه العروض وتبنى فلسفة دعم للفرق الحرة والفرق المستقلة وفرق الشباب والهواة، فهم الأمل للخروج من نفق مسرح الدولة المظلم.