أمام «استاند» بارتفاع 75 سنتيمتراً، وعرض لا يتجاوز نصف المتر بمنطقة محطة الرمل، يقضى فتحى عبداللاه محمد غالبية ساعات اليوم. يبذل جهداً شاقاً فى توزيع وبيع الصحف رغم تجاوزه الستين من عمره بأيام. لا ينتظر - حسب قوله - مساعدة من أبنائه الأربعة الملتحقين بمراحل تعليمية مختلفة، ولا ترهبه إلا «طلة» مسؤولى الإزالة عليه بشكل شبه يومى.
«كشك مرخص يرحمنى من بهدلة الإزالة كل يوم والتانى».. بهذه الكلمات البسيطة لخص «عم فتحى» أمنيته ومراده فيما تبقى له من عمره، مضيفاً: «الاستاند ده وش الخير عليا، قضيت قدامه عمرى كله تقريباً من سنة 1977، وربيت عيالى الأربعة من خيره، لكنه للأسف مش مرخص».
يضرب كفاً بكف كلما يتذكر «عم فتحى»، الحاصل على عضوية نقابة العاملين بوسائل الإعلام منذ عام 1977 - رد موظف التأمينات عليه منذ 3 أعوام حينما قدم طلباً للحصول على معاش عن تلك الفترة التى كان عضوا بها بعد بلوغه السن القانونية للمعاش، قائلاً: عندما أعددت أوراقى وطلبت تسوية معاشى بصفتى عضوا فى نقابة العاملين فى الصحافة والطباعة والنشر فوجئت برفضهم، وردهم : «مفيش معاش ليكم يا حاج».
وأضاف: «لا أعلم لماذا يرفضون صرف المعاش لى رغم صحة وقانونية جميع أوراقى ومستنداتى؟».
يوميات «عم فتحى»، لا تقتصر على العمل فقط، وإنما تمتد لنشاط آخر مقترن به، خاصة بعد أن أصبح له جمهوره الخاص ومريدوه من جيل الباعة والموزعين الشباب، فقد أصبح «مستشارا لهم» فى كل شؤون البيع والشراء، يوجه لمن يرغب منهم النصح، ويحاول أن يبعدهم عما وصفهم بـ«الدخلاء» على المهنة «لأن البياع خاصة (السريح) دلوقتى بقى شغلة اللى مالوش شغل». وهؤلاء «السريحة» يحملهم «فتحى» مسؤولية خراب المهنة، ويصفهم بأنهم «غزو» قضى على القواعد والأصول التى يسير عليها».
يبرر «عم فتحى» لجوءه إلى هذه المهنة: «حبى للأطفال ما رمى بى إلى هذه المهنة، وحبى لهم أيضاً هو ما سيبقينى فيها، وكل ما أتمناه من الله لقمة هنية وراحة البال على أولادى لو جرى لى شىء».
يؤكد «عم فتحى» تمسكه بالعمل بائعاً للصحف رغم كبر سنه، بقوله: «حبى للمهنة ومطالعة الصحف هو ما يمنعنى من تركها، وعشقى لها أيضاً هو ما سيبقينى إلى جوارها، فكل ما أتمناه الآن من الله راحة البال وتأمين مستقبل أولادى بحصولى على حقى فى المعاش».